العدد 2 - الملف
 

يشكل تناوب تناول القهوة في كل بيت من بيوت القرية وفق برنامج غير منظم، إحدى سمات المجتمع الريفي في العديد من القرى.

«القهوة اليوم عند أبو ...» عبارة يرددها مسنّون في القرى التي يتم فيها تداول قضايا المجتمع المحلي، وهي، في الغالب، ذات صبغة اجتماعية تدور في فلك «التعاليل».

تتناول التعاليل أموراً مثل؛ أسعار المواشي، أحوال المراعي وأسواق الخضار والمزروعات. وفي مناسبات معينة يتم التطرق إلى قضايا مثل الانتخابات النيابية والبلدية.

عادة القهوة أو «التقهوي» كما يقال في الــدعوات، انتقــلت مع المجتمع من البادية وبيوت الشَعر إلى البيوت الحجرية للقرى والبلدات، فقد كانت، في جوهرها، تقليداً تم تناقله عبر أجيال اعتادت العيش في بيوت الشعر، إلى أن بدأت في الاستقرار خلال القرن الماضي.

في معظم تلك السهرات، الحديث في السياسة يمثل أحد «التابوهات» التي لا يتم التطرق إليها أو السماح في الاستزادة من الحديث حولها، باستثناء التأكيد على القدر الكبير من الإنجازات التي تحققت، ويرى رواد تلك السهرات أن تحققها تم بفعل معجزة نقلتهم من الحياة البدائية الصعبة إلى فضاء شاسع وراحة تامة، مقارنة بما كانوا يعانونه في الماضي.

مع آخر فنجان يرتشفه المتسامرون، يعلن أحد الحاضرين أنه بصدد تجهيز القهوة في الليلة اللاحقة في مضافته، على أمل اللقاء لتناول جرعات جديدة من القهوة، مع جولة أخرى من الحديث الذي يمضي رتيباً، وكأنه لن ينتهي.

قهوة في مضارب من الحجر
 
01-Aug-2009
 
العدد 2