العدد 2 - الملف
 

«الفضاء العام» أو «المجال العام» يجمع ويؤطر حركة الجماعات والمجتمع ككل، ويُعدّ معياراً لقياس ما تتمتع به أنظمة الدولة من مرونة، وما تتسم به الحياة العامة من حيوية. هذا الفضاء ظلّ موضعَ تساؤل لدينا في الأردن، منذ نحو عقدَين من الزمن على الأقل، مع بدء الانفراج الديمقراطي ورفع الأحكام العرفية.

ملف العدد الثاني من مجلة «ے» يتناول هذه المسألة، في حدود ما تسمح به المعالجة الصحفية المقترنة بأدوات البحث والتقصّي، وفي سياق القناعة التامة بحق الأفراد والمجتمع عامة بفضاءٍ حُرّ تُزهر فيه المواهب وتزدهر عبره المبادرات، وينشط فيه الحوار والتفاعل بين شتى المكونات الفكرية الثقافية، بما يعكس التعددية القائمة في المجتمع.

وفيما يذهب رأيٌ إلى التشكيك حتى بوجود الفضاء العام (المدني)، نظراً لاحتلال قوى تقليدية جهوية وعائلية يربطها رباطُ الدم ومسقطُ الرأس، مساحاتٍ واسعةً من هذا الفضاء، فإن ثمة رأياً آخر يرى بوجود هذا الفضاء، لكن مع جُملة من التقييدات المستندة إلى تشريعات، ما يجعل حياتنا أسيرةَ الجمود، نتيجةَ المراوحة بين النكوص والتقدم.

تذهب إحدى الشهادات إلى أن المجتمع في خمسينيات القرن الفائت وستينياته، كان أشد حيوية مما هو عليه مع قرب نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، رغم وطأة الأحكام العرفية وأوامر الدفاع آنذاك، وذلك نتيجة انفتاحه على أفكار التقدم وانهماك أفراده وجماعاته بالشأن السياسي، في حين أن هناك من يرى أن المجتمع لم يفقد كامل طاقته الحيوية، وأن ازدهار الهيئات المدنية والمنابر الإعلامية والتعددية الحزبية والحراك النقابي والمبادرات الثقافية والمحافل المختلطة بين الجنسين، هي شواهد على هذه الحيوية الباقية، التي تفتح باباً لمستقبل واعد.

أيّاً يكن الأمر، فإن مهمة توسيع هذا الفضاء تظل رهناً بمبادرات قوى التغيير في المجتمع، وبالأخص القوى الشابة من الجنسين، في سائر المواقع والمناطق، وذلك في مواجهة النزعة المحافظة التي يزداد تفشّيها في المجتمع، وتجد لها غطاء وشفيعاً في النزعة الرسمية التقييدية، رغم ما يبدو من تعارضٍ سياسي بين هؤلاء وأولئك. لنا أن نلاحظ كيف يلتقي المتعارضون على منعِ كتاب، أو على الحدّ من حقوق النساء.

وبهذا، فإن الملف، يجتهد في الإجابة عن سؤال حول حدود هذا الفضاء أو المجال العام، ولماذا كلما اتسع جانبٌ منه، ضاق جانبٌ آخر. عسى أن يتشارك قرّاؤنا وأصدقاؤنا معنا في مزيد من الأسئلة، يطرحها الواقع نفسه، لتلمُّس الإجابات الشافية عنها.

فضاء مفتوح باتجاهٍ واحد
 
01-Aug-2009
 
العدد 2