العدد 2 - محلي
 

«أعمل في مبنى رقم 123».. هكذا وصف خالد لصديقه الذي لم يلتقِ به منذ أيام الدراسة الجامعية، مكانَ عمله، في شارع وادي صقرة، المزدحم بالبنايات المتشابكة والمتشابهة.

هذه الدقة في الوصف، مكّنت الصديقين من الالتقاء بسهولة، خلال نصف ساعة، بعد أن وفرت أمانة عمّان الكبرى، منذ عامين، أكثر من 7200 لوحة إرشادية، وآلاف الأرقام النافرة على واجهات المباني في العاصمة.

في أوقات سابقة، كان وصول المرء إلى مكانٍ ما يزوره للمرة لأولى، عملية تتطلب الكثير من الشرح والتوصيف: أبرز معْلم في المنطقة، اسم مطعم مجاور، شكل البناية.. إلخ.

سائق التكسي محمد عبدالله يرى أن عملية ترقيم المباني «ساهمت في تسهيل الاستدلال على المباني من خلال معرفة رقم البناية في أي شارع». يقول لـ«ے»: «أستطيع أن أعرف أين يقع المبني من خلال رقمه، وبالتالي أختار الوقت والمكان المناسبَين لإيقاف سيارتي بالقرب منه».

خالد خلف، سائق تكسي يعمل في المهنة منذ عشرين عاماً، يرى أن «الغرباء عن المدينة» هم الذين يقدمون وصفاً استناداً إلى رقم البناية، في الغالب، بينما «يعتمد معظم أبناء المدينة على تسميات لشوارع أو ميادين تم تغييرها منذ زمن، إلا أنهم ما زالوا يستخدمونها».

يقدم خلف مثالاً على ذلك: «معظم الذين يركبون معي، يطلبون إيصالهم إلى شارع الجامعة الأردنية سابقاً، ولا يذكرون اسمه الحالي: شارع الملكة رانيا»، وهناك كثيرون ما زالوا يسمّون شارع وصفي التل باسمه السابق: الغاردنز، أو يريدون الذهاب إلى دوار الداخلية، غير آبهين باسمه الحالي: ميدان جمال عبد الناصر.

عملت أمانة عمّان منذ مطلع العام 2007 على تثبيت لوحات معدنية بألوان خضراء، تبين أسماء الشوارع وأرقام المباني القائمة فيها، بعد إزالة اليافطات واللوحات الإعلانية التي كانت تحتل مساحات واسعة من واجهات المباني والعمارات، وتشكل مشهداً مشوّهاً يتسبب في التلوّث البصري. وجرى تطبيق نظام ترقيم المباني «الأرقام النافرة»، حيث ثُبِّتَت أرقام معدنية باللون الأزرق لتسهيل الوصول إلى العناوين.

واستخدمت «الأمانة» آلية جديدة في توضيح أسماء الشوارع خلال العام الفائت، حيث تُثبَّت اللوحة التي تتضمن اسم الشارع، على عمود بشكل ماسورة، بقطر 8.5 سم، وارتفاع 3 م عن سطح الأرض، يشتمل على 6 لوحات موزعة على النحو الآتي: لوحتا تسمية باللغة العربية (وجهان)، ولوحتا تسمية باللغة الإنجليزية (وجهان)، إضافة إلى لوحتَي ترقيم المباني في الاتجاه المطلوب (وجهان).

تثبيت الأرقام النافرة على الأبنية التجارية والسكنية على الشوارع الرئيسية في العاصمة، يتوافق مع النظام الجديد للوحات الإعلانية الجديدة، الذي ابتدأ تطبيقه مطلع العام 2008 في مناطق العاصمة.

يهدف مشروع الأرقام النافرة إلى تسهيل استدلال المواطنين على عناوين عيادات الأطباء والمراكز الصحية والتجارية والمختبرات والمكاتب التي تشغل البنايات الموجودة في مناطق العاصمة المختلفة من خلال ذكر رقم البناء واسم الشارع.

وفقاً لهذا المشروع، يتم ترقيم المباني ابتداء من أقرب نقطة إلى مركز المدينة، بحيث تُعطى المباني التي تقع على يمين السائر وظَهره إلى المركز أو النواة أو العنصر الطبيعي، الأرقامَ الزوجية المتسلسلة ابتداء من الرقم 2. وتُعطى المباني التي تقع على يساره الأرقام الفردية، ابتداء من الرقم 1 حتى نهاية الطريق المسمّاة، مهما بلغت الأرقام، ثم يُستأنف الترقيم وفقاً للنهج نفسه في نهاية الطريق المسمّاة التي تليها، بدءاً من الرقمين 1 و2.

وفقاً لمدير دائرة الترقيم والتسمية في أمانة عمّان، مروان عليان، فقد أنجزت «الأمانة» ما نسبته 80 في المئة من ترقيم الأبنية لمناطق الكثافة السكانية في العاصمة. ويؤكد عليان في تصريح لـ«ے» إنه «سيتم الانتهاء من تطبيق نظام التسمية والترقيم في مدينة عمّان بالكامل»، قبل نهاية العام الجاري.

مواطن في العقد الخامس من العمر، يقول لـ«ے»، إنه عندما كان يبعث رسائل لذويه أثناء دراسته خارج البلاد في السبعينيات، يستغرق العنوان منه وجه المظروف كاملاً: «تُسلَّم الرسالة إلى يد الوالد العزيز... جبل عمّان، الدوار الثاني، نزلة السفارة اللبنانية ثاني شارع على اليمين، قرب بقالة أيوب، عمّان، الأردن». هذا الوصف بات الآن مختصراً بفضل نظام الترقيم، ليصبح: 18 شارع سليمان المادبي، عمان، الأردن.

«الأرقام النافرة» تضع الضيفَ على أعتاب المعزّب
 
01-Aug-2009
 
العدد 2