العدد 1 - قارئ/كاتب
 

- لدي شعور دائم بأن الطفل العربي في خطر. ويتعرض الأطفال للعنف الجسدي أو السلوك العدائي تحت مسميات التأديب أو التربية. ولو راجع كل منا طفولته، لربما اكتشف معنى الانتهاك لحقوق الطفل. الطفولة هي مصنع الذات لدى الفرد، ولا يمكن للذات أن تكون مؤثرة عندما تُجبل على الانتهاكات. جيلي ورث الهزيمة، وهو يصدّرها إلى الجيل الذي يليه، لهذا أقاوم بطريقتي الخاصة، مستخدماً مهنتي لتأدية واجبي في الدفاع عن حقوق الطفل.

«السّجل»: كيف استلهمت فكرة استخدام المسرح في خدمة حقوق الإنسان؟

- بوصفي فناناً وعضواً في منظمة العفو الدولية، أشعر دائماً بالإحراج، لأن الدراما الأردنية، بأشكالها وصنوفها المختلفة، لا تُعنى بحقوق الإنسان، بخاصة في ما يتعلق بقضايا المرأة والطفولة. لذا قررت أن أشكّل فريقاً متخصصاً في مسرح الدمى، ليسهم في تعليم الأطفال وتربيتهم على حقوق الإنسان. هذا لا يضع المسرح في زاوية نمطية، بل يفتح أمام الخطاب المسرحي نوافذ متعددة على الذات الثقافية وعلى ثقافة الآخر.

«السّجل»: هل كان تأسيس الفرقة ميسراً؟

- منذ بدأت العمل على تأسيس مسرح «قزح» للأطفال أواخر العام 2006، واجهتني صعوبات عديدة، منها أن فن الدمى يكاد يكون قد انقرض. وعندما ينقرض فن ما تزول معه العناصر المكونة له، وهي هنا تصنيع الدمى وفن تحريكها، ما اضطرني إلى تنظيم ورشة تدريب لستين شاباً وشابة، وقد خرجنا بستة محرّكين قادرين على تنفيذ العرض المسرحي. واكتشفنا أن مسرح الدمى مكْلف إنتاجياً، لكننا تغلبنا على هذه الصعوبة بتعاون «الهيئة التنفيذية لعمّان مدينة صديقة للأطفال» التي أسهمت في إنجاح هذه التجربة.

«السّجل»: ما فئات الأطفال التي يُتاح لها مشاهدة الدمى؟

- لا بد هنا من العودة إلى السؤال: لماذا كان المسرح عبر التاريخ ضرورة؟ لأنه، بوصفه فناً راقياً، تتحقق فيه شروط ثلاثة: الملامسة الحيّة مع الحواس، الحوار الجمالي مع العقل، والاجتماع الكبير مع الحقيقة. لذا لا بد أن يكون مسرح الأطفال مجانياً، وهذا ما نلتزم به. لقد حمل العمل الأول لمسرحنا اسم «نحن هنا»، وبدأنا عروض الدمى في عمّان، ثم انتقلنا إلى المحافظات بمدنها الرئيسية وبعض قراها النائية وباديتها، وشاهدَها 30 ألف طفل من خلال 73 عرضاً مجانياً، بتغطية من جانب مؤسسات راعية.

«السّجل»: هل تنجح في جمع جمهور متنوع جندرياً؟

- لست من يحدد التركيبة الجندرية لجمهور الأطفال الذي يشاهد المسرحيات. هناك ماكينات تُعِدّ هذا مسبقاً. فحين نُدعى لتقديم عرض في مدرسة للأطفال الذكور أو الإناث، يكون التصنيف قد أجري سلفاً. وطبعاً هناك عروض محدودة العدد تكون مختلطة. لكن أسوأ ما نتعرض له، هو الاصطدام في بعض المحطات بمن يتخذ موقفاً مفاده أن المسرح بكليته فعل محرّم، وأن الدمى شكل من أشكال الأصنام، وهذا يحدث معنا في العديد من مدارس وزارة التربية والتعليم.

«السّجل»: تتعامل مع الأطفال بوصفهم كتلة متجانسة، أم على أنهم أولاد وبنات؟

- المسرح يخاطب الإنسان، ولم يصنفه ذكراً أو أنثى. الجمهور هو العنصر الأساسي في العملية المسرحية، ومن دونه لا وجود للمسرح، إذا جرى تصنيف الجمهور جنسوياً، إلى أطفال ذكور وأطفال إناث، يكون الفعل المسرحي ناقصاً على مستوى التفاعل مع العرض. بهذا تختلف العروض المصنفة جنسوياً على مستوى الجمهور، عن العروض «الطبيعية»، أي المختلطة.

«السّجل»: هل تواجه صعوبات على صعيد كتابة النص المسرحي؟

- البحث عن نص مميز في مسرح الطفل يشبه البحث عن إبرة في كومة قش. كتابة المسرح تتحرك في اتجاهين: الأول استهلاكي يلهث خلف ثقافة الربح المادي. والثاني يذهب إلى الغموض والتراكيب المعقدة، وكل منهما أخطر من الآخر. في حين أن الأدب العربي ينطوي على كنوز معرفية غير مستغَلّة إذا نظرنا إليها بمنظور حقوق الإنسان. فإذا قرأنا ألف ليلة وليلة بهذا المنظور سنكتشف أن شهرزاد وظّفت فن الحكواتي لتنقذ ألفاً من النساء من الموت، وأن كليلة ودمنة لبستا ثوب الحيوانات لتتجاوزا سلطة الرقيب.

«السّجل»: هل تعدّ الآن لعمل جديد؟

- أعمل الآن على موضوع يتعلق بالجندر. ففي مجتمعاتنا العربية، يرتدي المولود الذكر اللون الأزرق، والأنثى اللون الزهري. من هنا تبدأ عملية التمييز بين الذكر والأنثى، وقد تنتهي بما يُعرف بـ«جرائم الشرف». فاللون جزء وركيزة أساسية من ركائز فن المسرح. كل عناصر العرض المقبل ستدور حول التناقض بين هذين اللونين، وصولاً إلى رفض حصر الحياة فيهما، والانطلاق إلى الحياة الملونة كما تظهرها الطبيعةُ في قوس قزح.

يصطدم بمن يرى في المسرح فعلاً محرّماً. مسرح «قزح» للأطفال: توظيف الفن للتعريف بحقوق الإنسان
 
01-Jul-2009
 
العدد 1