العدد 1 - استهلاكي
 

رغم أن أسعار الشقق هبطت إلى نحو 15 في المئة، إلا أن مبيعاتها ما زالت في انخفاض، وما زال المستهلكون في حيرة من أمرهم.

رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري، يؤكد أن تردد المواطنين في شراء شقق، يعود لتوقعهم مزيداً من الانخفاض في أسعارها. فضلاً عن ما أسماه العمري «تشدد البنوك في منح التسهيلات الائتمانية للأفراد».

يمثّل الصيف، في العادة، موسمَ الذروة لمبيعات الشقق السكنية، حيث يعود عدد كبير من المغتربين الأردنيين من الخارج بمدخرات تكفي لشراء منزل. وفي العادة فإن حركة العقار في الصيف تعوض عن كساد مرحلي يشهده هذا القطاع.

لكن الحال ليست على ما يرام في هذا الصيف. أصحاب المشاريع الإسكانية يشكون من مبيعات قليلة، رافقها تشدد بنكي في منح التسهيلات للمؤسسات والأفراد على حد سواء. تضافُر هذه العوامل، مضافاً إليها انخفاضٌ مرحلي في أسعار الحديد والمشتقات النفطية، ساهم في خفض أسعار الشقق السكنية وتراجعها إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك بعد قفزات متتالية للأسعار صعوداً، شهدها سوق العقار في السابق، جعلت من الصعب على كثيرين شراء منازل، بخاصة أن الأردنيين يفضّلون امتلاك منازل على استئجارها، حيث تؤكد الإحصاءات الحكومية أن أكثر من 72 في المئة من الأردنيين يمتلكون منازلهم.

حسين البسيط، موظف في السعودية، نصحه كثيرون من أقاربه وأصدقائه بعدم شراء منزل «هذه الأيام»، وانتظار مزيد من الانخفاض في الأسعار، بخاصة أن الشاب الثلاثيني لا يمتلك سوى دفعة أولى، فيما سيضطر للحصول على قرض بنكي لاستكمال شراء شقة سكنية في الجبيهة، المنطقة التي تقطنها شريحة كبيرة من متوسطي الدخل.

لكن العمري يرد قائلاً: «من يراهن على انخفاض آخر في الأسعار مخطئ تماماً. جميع المؤشرات تدل على أن الأسعار تتجه إلى ارتفاع». يستشهد العمري بالارتفاع المطرد لأسعار الحديد، محلياً، بعد أن كانت أسعاره انخفضت بحدة منتصف العام الماضي.

رئيس جمعية المستثمرين يؤكد أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بعد أن كسرَ النفط حاجز 70 دولاراً للبرميل، يعني أن أسعار العقارات ستعود إلى الارتفاع مجدداً.

عاملون في قطاع الإسكان يدْعون المواطنين لاستغلال قرار حكومي بإعفاء الشقق السكنية التي تقل مساحاتها عن 120 متراً من الضرائب والرسوم. الحكومة كانت ألغت هذا الإعفاء أوائل العام 2008 عندما انتعش سوق العقار، لكنها عادت وفعّلت الإعفاء في خطوة تستهدف إعادة الحياة إلى هذه السوق التي كادت تنهار.

يتم حالياً إعفاء أول 120 متراً من الشقق التي تقل مساحتها عن 150 متراً، وإذا زادت المساحة على 150 متراً، فإن المشتري يدفع رسوم التسجيل المترتبة على شراء الشقة بالكامل.

الإعفاء الحكومي يعني أن الشقة السكنية الواقعة ضمن هذه المساحات سينخفض سعرها بنحو 3500 دينار في المتوسط.

أكرم رمضان، مستثمر في القطاع، يرى أن استقرار أسعار مواد البناء الأساسية لن يدوم طويلاً. يقول: «نحن متخوّفون من ارتفاعات مقبلة. من خبرتي ومعرفتي التي تتجاوز العقدَين في هذا القطاع، أعتقد أنه لن تكون هناك انخفاضات أخرى على الأسعار».

رمضان يؤكد أن الأسعار قد تميل إلى الارتفاع، بخاصة في ما يتعلق بالإسكانات التي يتم إنشاؤها حالياً. ويوضح: «الشقق الجديدة ستكون أسعارها مرتفعة، بما لا يقل عن 5 إلى 6 في المئة».

رمضان يرى أيضاً أن من الخطأ مقارنة سوق العقار الأردني بأسواق دول خليجية انخفضت أسعار الشقق فيها بأكثر من 30 في المئة، ويقول إن الحالة في الأردن «مختلفة تماماً».

دبي التي كانت مثالاً لانفتاحٍ اقتصادي جذب استثمارات عقارية غير مسبوقة، انخفضت أسعارُ العقار فيها ما بين 30 و40 في المئة، في الوقت الذي انخفض فيه عدد قاطنيها نحو 10 في المئة.

لكن مؤشرات تعافي القطاعات الاقتصادية في جميع المجالات، جعلت كثيرين يتفاءلون بعودة قطاع العقار إلى الانتعاش.

بالعودة إلى دبي، يرى تقرير حديث أصدره بنك ستاندرد تشارترد مؤشرات عدّة تدلل على استقرار أداء سوق العقارات على مستوى دبي والإمارات بشكل عام، حيث إن الاستقرار الذي بدأ يعكسه سوق العقار في دبي بعد تراجع الأسعار، شكّلَ مفاجأة للعديدين الذين كانوا يتوقعون المزيد من التراجع.

كشف التقرير أن أوضاع السيولة في الإمارات بدأت تعود إلى طبيعتها، لافتاً إلى تراجع الفائدة على القروض بين البنوك. وتحدث عن مؤشرات تعافي الائتمان الشخصي، مع تحسن شروط تمويل العقارات. ورأى أن التراجع في حركة الائتمان في الإمارات كان إيجابياً، وأسهم في عودة الفجوة بين القروض والودائع إلى مستويات صحية أكثر.

يؤكد رمضان: «نتمنى أن لا تكون هناك زيادات في الأسعار، لأن هذا يؤثر سلباً في السوق».

كانت شركة «المزايا» القابضة، رأت أن انخفاض أسعار العقارات في الأردن لم يصل إلى مستوى خطير، لاعتبارات من بينها كثرة أعداد المستثمرين في العقارات، وصغر حجم الشركات الإسكانية، وتباعد المناطق الجغرافية التي تنشط فيها، ما يؤدي إلى توزيع المخاطر على عدد أكبر من المستثمرين، بدلاً من تركُّزها في شركات عملاقة.

لفت تقرير «المزايا» إلى أن انخفاض تكلفة البناء والنقل، ارتباطاً بأسعار مواد البناء والنفط، بحيث وصل الانخفاض إلى نسبة 50 في المئة، لم يفلح في التأثير في أسعار العقارات بعامة، التي فقدت جزءاً من قيمتها، لكن ذلك لم يتعدَّ 15 في المئة في أغلب المواقع، بعكس الأثر الواضح في قطاع الأراضي، وبخاصة أراضي المضاربات في المناطق الصحراوية شمال البلاد وشرقها.

كما هو الأمر بالنسبة للعديد من المواد والسلع الأساسية، ومنها الحديد أخيراً، فإن هناك توقّعات بأن يبدأ المستهلكون بالشراء عندما ترتفع الأسعار مجدداً، مما قد يؤدي الى إقبال شديد على الشراء قد ينعكس بارتفاع مباشر في الأسعار، ضمن معادلة العرض والطلب.

يقول رمضان: «أتمنى أن لا يتسبب المواطنون في فورة بالأسعار عبر الشراء غير المحسوب، والمبني فقط على تقلبات السوق. نتمنى أن يكون مستهلكونا أكثر وعياً».

عندما قررت الحكومة الأردنية رفع دعمها التاريخي عن المشتقات النفطية، ظل الشارع «هادئاً»، وتقبّلَ المواطنون، ربما على السطح، «الحقائق الجديدة» بشيء من عدم المبالاة، أو ربما «الرضا» بالمحتوم.

لكن، في عالم افتراضي آخر، غير ذلك الذي تلتقطه وسائل الإعلام، ويشعر به راكب سرفيس أو عابر طريق، كانت الأصوات ترتفع وتيرتها، مطالبةً الحكومة بعدم مس قُوْت المواطن ومصدر دفئه. هذه الأصوات كانت تأتي من الإنترنت، وتحديداً من سيد مواقع «التشبيك الاجتماعي»: فيسبوك.

غير بعيد عن الأردن، تعالت أصوات من مصر، داعيةً إلى إضرابٍ، فاحتجاجات.. وكان مصدرها أجهزة كمبيوتر صغيرة يستخدمها شبّان وشابات رأوا في فيسبوك منصة للحوار، ومنبراً نحو التغيير المنشود.

والآن، ما الذي حدث لهذه المنصة الحرة، التي عجز أعتى حراس الأوتوقراطية عن المساس بها.

في الفترة الأخيرة، وبخاصة في الأردن، أصبح فيسبوك أكثر اجتماعية، وأصبح شبيهاً بموقع (Twitter)، الذي انطلق في العام 2006، ويتيح للمستخدم إطلاع الآخرين من أصدقائه ومعارفه على أخباره وما الذي يفعله الآن.

فيسبوك تحول أيضاً على صعيد الشكل، إلى ما يشبه أواخر الصفحات في مجلات الستينيات والسبعينيات، وامتلأت صفحاته بـ (quizzes)، أو اختبارات قصيرة تساعد الناس في فهم أنفسهم، مثل اختبار «فين حتروح شهر العسل»، أو «إنتي شبه أنهي فاكهة؟»، أو «ما هو الشيء الذي ينقصك في الوقت الحالي؟»، أو «من أنت من شخصيات ديزني لاند؟».

خبير الإنترنت، الذي فاز بجائزة شركة مايكروسوفت العالمية في مسابقة تصميم المواقع الإلكترونية مهند ناجي، يقول لـ«السّجل»:«لا شك أن فيسبوك تغير.. لقد أصبح أكثر سخفاً».

لكنه يستدرك: «السبب في ذلك لا يعود لمطوّري الموقع، بل لأن إدارة فيسبوك كشفت عن الشيفرة المصدرية للموقع، ما مكّن مطورين من صنع تطبيقات يمكن للمستخدمين تحويرها ببساطة».

كانت إدارة فيسبوك، أعلنت أنها جعلت لغة الترميز للموقع «Facebook Markup Language FBML» موسعة وأكثر مرونة، مما يتيح للمطورين من خارج الموقع إمكانية إنشاء تعليمات برمجية مخصصة (custom tags) خاصة بهم.

على سبيل المثال، قام مطورو تطبيق iLike بتوفير علامة تُظهر الأغنيات المفضّلة وقوائم تشغيل الأغاني.

إدارة الموقع قامت مبدئياً بضم التعليمات التي أعدها الموقع فقط. وأعلنت عن سعادتها بتقديم خاصية جديدة اسمها: التعليمات المخصصة. مع هذه الخاصية يمكن لأي مطور إنشاء علامات FBML جديدة. ويمكن للمطورين استخدام هذه التعليمات في تطبيقاتهم الخاصة، أو يمكنهم مشاركة تعليماتهم المخصصة مع مجتمع مطوري فيسبوك بالكامل، مثل مكونات FBML التي تم إنشاؤها مسبقاً.

لكن خبير مواقع الإنترنت عمّار إبراهيم، يؤكد لـ«السّجل» أن استخدامات فيسبوك الاجتماعية والحرية التي منحها لمستخدميه في اختيار التطبيقات التي تروقهم، جعلت الموقع أقوى من أي وقت مضى، بخاصة أنه لم يعد يفرض التطبيقات على المستخدمين، بل أصبح منصة لتطوير التطبيقات.

«ربما تغير فيسبوك هنا، لكنه ما زال أداة سياسية قوية، وأداة اجتماعية قوية وأداة اقتصادية قوية. فيسبوك تغيّرَ نحو الأفضل تماما»، يقول إبراهيم الذي ابتاع سيارته منذ عامين عن طريق هذا الموقع. أما طارق خلف الذي يعمل مصوراً، فقد التقى بفتاة أصبحت زوجته الآن، عبر صفحات فيسبوك.

يجسد فيسبوك ثقافة دولية، حيث يسمح هذا الموقع الإليكتروني الذي أسسه طالب في جامعة هارفارد اسمه مارك زوكنبرغ العام 2004 للأعضاء المشاركين بنشر لمحات مختصرة عن حياتهم، وتبادل معلومات شخصية مع الأصدقاء والتواصل مع الآخرين.

وفقاً لما نشره الموقع في صفحته الافتتاحية، فإنه يسهّل عمليات تبادل المعلومات من خلال نشر بعض البيانات والصلات الاجتماعية الفعلية للمترددين عليه.

كما أن إمكانية نشر الصور والملاحظات وتصنيف اهتمامات المشاركين في مجموعات منفصلة، يسمح للمستخدمين بترتيب بياناتهم الاجتماعية على نحو أيسر، هذا ما يفسر إنفاق المشاركين ما معدله عشرون دقيقة يومياً في متابعة الموقع، كما أوردت شركة comScore لقياس استخدام الإنترنت في الآونة الأخيرة.

اقتصر الموقع في بادئ الأمر على طلبة جامعات Ivyleague وعدد محدود من مدارس منطقة بوسطن، لكنه اتسع خلال عام واحد ليضم ما يزيد على مليون مستخدم.

المستهلكون في حيرة
 
01-Jul-2009
 
العدد 1