العدد 1 - الملف | ||||||||||||||
شهدت نقابة المحامين الأردنيين خلال الأعوام الأخيرة، زيادة كبيرة في عدد المحاميات العاملات والمتدربات، ووفقاً للنقابة، فقد وصل عددهن إلى 1841 محامية و700 متدربة، بنسبة 21 في المئة من إجمالي عدد الأعضاء المسجلين في النقابة. من حيث المبدأ، لا يميز قانون نقابة المحامين بين المحامي الرجل والمحامية المرأة، وكذلك كل القوانين المتعلقة بالقضاء، لكن واقع الحال مختلف كثيراً، وذلك بحكم السيادة الذكورية التي تتضح في تشكيل مجلس نقابة المحامين، فعبر تاريخ النقابة الطويل، الذي يعود إلى العام 1950، لم تتمكن سوى سيدتين من النجاح في الحصول على مقعد في مجلس النقابة، هما سميرة زيتون، وإملي بشارات، فيما بقي منصب النقيب وبقية مقاعد المجلس حكراً على الرجل في دوراته الثلاث الأخيرة. «هناك تمييز واضح جداً، لمسته منذ أن كنت متدربة»، تقول المحامية نداء، الممارسة للمهنة منذ تسع سنوات. «مشكلة المتدربة تبدأ مع أستاذها، فمعظم المحاميات يعانين من إساءة المعاملة من المحامين الأساتذة»، تضيف نداء. إذا كان المحامي المتدرب، بوصفه رجلاً، يعاني من تمييز أو استغلال المحامي الأستاذ، فإن نداء ترى أن «كثيراً من المحاميات يعانين من هذه النظرة التمييزية» وأن المتدربة تعاني أكثر «لأن الأساتذة يتعاملون معها كفتاة تقبل أن تعدّ القهوة والشاي والضيافة وتنظيف المكتب أكثر من المتدرب». الدراسات تشير إلى ثغرة كبيرة بين عدد المحاميات المتدربات وعدد الممارسات، ففيما تزيد نسبة المتدربات على 35 في المئة، لا تشكل المحاميات المزاولات للمهنة سوى 21 في المئة. والسبب في ذلك ارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء أكثر منها لدى الرجال. أما السبب الآخر فهو تفضيل المرأة للزواج والتخلي عن سنوات التعليم والتدريب إرضاء لرغبة الزوج. سلمى نموذج للمحامية الأم المتزوجة، فهي بعد أن كانت محامية نشطة تترافع في قضايا عديدة في بداية حياتها المهنية، تتطلب منها متابعة مسائل إجرائية أكثر، رأت نفسها مجبرة على تقليص عدد القضايا بعد أن أنجبت طفلها الأول. لا يقتصر التمييز بحق المحامية، بوصفها متدربة أو زوجة وأم، فالمحامية تصطدم بمعاملة تمييزية أكثر عندما يتعلق الأمر في التعامل مع دوائر القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى، وبخاصة المحاكم الشرعية والمراكز الأمنية. «التمييز كبير في المحاكم الشرعية»، تقول سلمى، مؤكدة «نظرة القاضي الشرعي لي تختلف لأنني غير محجبة. وعندما جربت أن أتدرب محاميةً شرعية لم ينظر القاضي لي كمحامية، حتى تعبير (أستاذة) لم يستعمله، بل يقول: (يا أختي روحي استني بغرفة النسوان)». في المحاكم الشرعية لا يجري التعامل مع المحاميات مثلما يجري مع المحامين، وهو ما منع سلمى من الاستمرار في تدريبها، وبالتالي إلغاء فكرة ممارسة المهنة في المحاكم الشرعية. «واجهت صدمات في المحاكم الشرعية لأنني لست محجبة، ولست مستعدة لقبول التعامل الفوقي معي، لذلك قررت أن أتوجه للمحاكم النظامية حيث لا يوجد تمييز ضدي كامرأة». عزوف المحاميات عن التخصص في القضايا الشرعية ومنعهن من الوصول إلى منصب قاض شرعي -كما هو حال عبير التميمي التي رفضت لجنة المسابقة القضائية الشرعية طلب مشاركتها كامرأة، استناداً إلى قانون تشكيل المحاكم الشرعية رقم 19 لسنة 1972- ترك المرأة خلال عملية التقاضي عرضة للذكر، خصماً، ومحامياً، وقاضياً، إضافة إلى قانون الأحوال الشخصية الذي يميز ضد المرأة. فالشابة لينا التي اختارت هذه المهنة بحثاً عن المغامرة والتحدي في قضايا الجنايات الكبرى، اصطدمت بعدم قدرتها على مجاراة جرأة زملائها الرجال في تناول قضايا الاغتصاب، وهتك العرض وغيرها من الموضوعات التي تتطلب الدخول في تفاصيل «جنسية» لا تسمح لها تربيتها «المحافظة» بالحديث فيها صراحة أمام محامين وقضاة وموكلين من الرجال. المحامية تغريد التي تمارس المهنة منذ خمس سنوات، ترى أن هناك تمييزاً ضدها في مراكز الشرطة. «البعض يخاطبني (مَرَة) بدلاً من (أستاذة)، وهذا مصطلح مهين بالنسبة لي، هناك استخفاف بالمرأة». وترى نداء أن هناك تقصيراً نقابياً كبيراً، رغم أن هناك محاميات ذات كفاءة، وهناك مؤتمرات تناقش موضوع التمييز «إلا أنك في النهاية تحاربين مجتمعاً يحمل فكرة دونية تجاه المرأة». |
|
|||||||||||||