العدد 1 - الملف
 

تضم نقابة المحامين نحو 11 ألف محام مُسجّل في النقابة منهم 8662 محامياً ممارساً للمهنة، ونحو 2257 محامياً متدرباً. إن كانت مسألة الكم مفهومة، فماذا عن النوعية؟

«في العام 1996، كان رقمي في نقابة المحامين في خانة الخمسة آلاف. أي نحو نصف عدد المحامين المسجلين اليوم»، يقول محام رفض التعريف بنفسه، لحساسية الموضوع كما قال، في إشارة إلى العدد الكبير من المحامين الذين تخرجهم 14 جامعة ما بين خاصة وحكومية، ويدخلون سوق العمل الحقوقي كل عام. فماذا عن هؤلاء الخريجين الجدد؟

الأستاذ في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية فياض القضاة، أشار إلى أن بعض الجامعات تخرّج طلاباً ليس لديهم الحد الأدنى من المعرفة القانونية. ويعزو ذلك إلى الخطط الدراسية التي تدرَّس في كلية القانون، فبعض المساقات الجامعية، كما يرى، يُدَرَّس بشكل نظري بحت دون التركيز على شخصية الطالب. ويختم بملاحظة أن نسب الرسوب في الجامعات الأردنية بسيطة مقارنة مع الجامعات في أماكن أخرى في العالم، «حيث تكون هناك نسبة معينة للنجاح، فلا تعطى الشهادة لأي طالب يكون معدله منخفضاً».

أستاذ القانون المدني المساعد في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية بشار ملكاوي، يرى أن الطالب لا يتلقى أياً من الدروس العملية التي تؤهله للدخول إلى القطاع، داعياً إلى تدريس بعض مواد القانون من خلال منهجية بسيطة حتى لا يجد الطالب نفسه أمام موضوع لا يعي فيه شيئاً.

في محاولة للموازنة بين الكم والنوع في عدد الخريجين، حاول وزير العدل السابق شريف الزعبي، إيجاد معادلة تركز على النوع أكثر من الكم، وبشكل متوازن بما يضمن دخول أفضل الخريجين إلى هذه المهنة. العام 2007، وفي أثناء توليه وزارة العدل، دخل الزعبي في مفاوضات مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، انتهت إلى الاتفاق على رفع معدلات قبول الطلاب في كليات الحقوق في الجامعات الحكومية من 55 في المئة الى 70 في المئة، وذلك بهدف تخريج طلبة يتميزون بقدرة على الحكم والمرافعة في القضايا كافة.

ووصف ملكاوي ارتفاع معدلات القبول في كليات القانون بـ«الخطوة الجيدة»، فهو يتوقع أن تنعكس هذه الخطوة إيجاباً على مستوى الطالب في الكلية الذي «سيكون أكثر جدية، وتحصيله العلمي أفضل».

لكن بعض المتخصصين في المجال القانوني، يرى أن رفع معدلات القبول في الجامعات دليل واضح على النية لإحباط الطلبة، ووضع العراقيل أمام إكمال مسيرتهم التعليمية بدراستهم التخصص الذي يريدونه، وتحديداً في الجامعات الخاصة، كون الطالب يدرس على حسابه الشخصي.

محام ناشط في نقابة المحامين أكد لـ«السّجل» أن الجامعات الخاصة لا تطبق معايير القبول الجديدة من حيث المعدل، وأوضح أن النقابة أرسلت مذكرة إلى وزارة التعليم العالي تطالب فيها بضرورة تقيد الجامعات الخاصة بهذا المعيار تحديداً.

عميد كلية الحقوق في جامعة فيلادلفيا، غازي الصباريني، يعارض قرار رفع معدلات القبول في كليات الحقوق، فالطالب بعد تخرجه يلتحق بأحد مكاتب المحاماة للتدريب لمدة سنتين ليصقل خلالها خبراته عبر الامتحانين الشفوي والكتابي، كما يقول. ويرى الصباريني أن من غير الضروري أن يتم تحديد معدلات القبول بـ 70 في المئة لمعرفة مستوى الطلبة، فمهما كان الطالب ضعيفاً في الدراسة، فإن مستواه الحقيقي يتحدد في فترة تدريبه في أحد مكاتب المحاماة، وخضوعه لامتحانات النقابة.

عمداء كليات الحقوق في الجامعات كافة، عقدوا اجتماعاً قبل ثلاثة أسابيع في جامعة الشرق الأوسط للدراسات، لبحث تداعيات رفع المعدل، واتفقوا على تشكيل لجنة تعمل بالضغط على مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، ورئاسة الوزراء، والتعليم العالي، لتخفيض معدلات القبول إلى 66 في المئة.

الصباريني، ورغم مطالبته بتخفيض معدلات القبول الى 66 في المئة بدلاً من 70 في المئة، لا يخفي أن مستوى الطلبة في كليات الحقوق متدن مقارنة بالأجيال السابقة، وهو يلقي باللوم على الطلبة أنفسهم وليس على عاتق أعضاء الهيئة التدريسية، «الطلبة لا يبذلون أي جهد في الدراسة، رغم أننا ندمج الجانب التطبيقي والعملي بالجانب النظري».

العام 2007 عقدت وزارتا العدل والتعليم العالي والبحث العلمي وبدعم من الوكالة الأميركية للإنماء الدولي وجمعية المحامين الأميركية مؤتمراً بعنوان «تطوير تعليم القانون في الجامعات الأردنية»، بهدف وضع خطة لتطوير تعليم القانون في الجامعات الأردنية من خلال الخطة الدراسية لبرنامج القانون التي تضمن تغطية المهارات القانونية المطلوبة والإسهام في تعزيز مهارات سوق العمل. ووضعَ المؤتمر معايير لتعيين أعضاء الهيئات التدريسية، وأخرى لتقييم أدائهم وسبل تطويره وآليات تعزيز العلاقة بين الجامعات والقضاة والمحامين. كما بحثَ علاقة التشريعات بإيجاد تعاون مشترك بين الأطراف الثلاثة، ومدى توافر تعاون مؤسسي بينهم.

الخرّيجون: معضلة الكَمّ ومشكلة النوعية
 
01-Jul-2009
 
العدد 1