العدد 1 - الملف
 

تحدد المادة التاسعة والتسعون من الدستور الأردني أنواع المحاكم بثلاثة: نظامية للنظر في القضايا الجزائية المدنية، ومحاكم خاصة لها قوانينها الخاصة كالضريبة والجمارك والجنايات الكبرى، وشرعية، تفصل في قضايا الأحوال الشخصية وقضايا الإرث والأوقاف الإسلامية، وأخرى تفصل في قضايا الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية المختلفة.

«السّجل» لاحظت العدد الكبير من المحاكم في البلاد، وطرحت تساؤلات على بعض المختصين عما إذا كانت المحاكم الخاصة ضرورية.

المحامي المختص في القضايا التجارية والبنكية حمزة العواملة أشار إلى أن المحاكم الخاصة تخل بالتقاضي وأسس المساواة والعدالة بين الفرقاء، وتساوي بين الخصم والغريم، نظراً لأن العديد منها تابع لمؤسساتها الخاصة، فمحكمة الجمارك تتبع دائرة الجمارك، ومحكمة الضريبة تتبع ضريبة الدخل، ومحكمة الأمانة تتبع أمانة عمان الكبرى، وفي ذلك، كما يرى العواملة، «إجحاف بحق الفرقاء المتخاصمين أمام القضاء».

يعرب العواملة عن اعتقاده بأن المحاكم الخاصة يمكن أن تسهل على المواطنين عملية التقاضي في قضاياهم المختلفة، بيد أنه دعا إلى الاستقلال التام لهذه المحاكم عبر تشريع خاص يحكمها وفق قواعد وأصول المحاكم المدنية، ويفصلها عن المؤسسات التي تتبعها وتحت مظلة المجلس القضائي.

المحامي والناشط في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عبد الكريم الشريدة، يرى أن المحاكم الخاصة «استثنائية» ولا حاجة للعمل بها، لكون عملية التقاضي مجحفة بحق المدعى عليهم من ناحية، وافتقارها إلى حق الاستئناف من ناحية ثانية، كما هو متبع، مثلاً، في محكمة أمن الدولة، واقتصارها على حق المدعى عليهم بـالتمييز حصراً دون استئناف أحكامها، ما يوحي باستمرار العمل بـ«العقلية العرفية التي يتم التجاوز فيها على القوانين» على حد قوله.

كما أكد الشريدة افتقار المشتكى عليه أمام المحاكم الخاصة إلى الحماية القانونية والضمانات الأولية، موضحاً أن للضابط العدلي الحق في اعتقال أي شخص بأي تهمة أو جنحة، وإيداعه القضاء خلال أربع وعشرين ساعة، الأمر الذي يسهم في زيادة الضغط النفسي على المدعين، وتوسيع عمليات التحقيق قبل إيداعه القضاء، ما يؤدي إلى ضياع حقوق كثيرين، فضلاً عن المماطلة والتسويف، كما يجري في دائرة المخابرات العامة أو محكمة المخدرات الخاصة، بحسب الشريدة.

المحامية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة رحاب القدومي، اعتبرت أن وجود محكمة أمن الدولة الخاصة يشير إلى تراجع عن الديمقراطية، نظراً للمآخذ الكثيرة عليها، وهي ترى أن «من الواجب إلغاء العمل بها بعد إلغاء الأحكام العرفية وحالة الطوارئ في الأردن».

ورأت القدومي أن الحل يكمن في إنشاء محكمة دستورية لفض أي نزاعات دستورية حول قضايا مختلفة، ومنها المحاكم الخاصة، وهذا شكل من أشكال دفع عجلة الديمقراطية إلى الأمام. إلا أنها أضافت أن هناك «رفضاً حكومياً لفكرة تعديل مواد الدستور، أو إنشاء محكمة دستورية للنظر فيه».

وشددت القدومي على نزاهة القضاء الأردني رغم وجود محاكم خاصة، لكنها عادت لتؤكد أن «دمج هذه المحاكم في جسم القضاء المدني ضمانة لعدالة ومساواة أكثر».

نقيب المحامين السابق صالح العرموطي أشار إلى قضية السياسي العراقي أحمد الجلبي المتهم بالتسبب في انهيار بنك البتراء الأردني وإفلاسه 1989، والذي نظرت قضيته محكمة أمن الدولة الأردنية، وأصدرت عليه حكماً بالسجن لمدة 22 عاماً، وتغريمه مبلغ 27 مليون دينار هي قيمة ما اتُّهم باختلاسه. وأشار العرموطي إلى أن الشرطة الدولية الإنتربول رفضت ملاحقة الجلبي نظراً لأن قرارات محكمة أمن الدولة غير ملزمة للقضاء الدولي.

الشريدة أشار أيضاً إلى ما تشهده بعض المحاكم الخاصة، مثل محكمة الشرطة، التي قد تستغرق فيها بعض المحاكمات مدة طويلة قبل صدور حكم فيها، وهو ما يعني ضياع حقوق مواطنين، ويجعل من المشتكى عليهم عرضة لليأس والعجز من الحصول على حقوقهم نتيجة طول فترة التقاضي.

المحاكم الخاصة: "استثنائية" بنكهة خاصة
 
01-Jul-2009
 
العدد 1