العدد 1 - الملف | ||||||||||||||
ثمة الكثير مما يمكن للأردن أن يفتخر به في مجال القضاء. فنسبة القضاة فيه 13 قاضياً لكل ألف مواطن، أي ما يناهز ضعف النسبة العالمية وهي 6.74 لكل ألف مواطن. ونسبة الفصل في القضايا لديه تزيد على 95 في المئة، وهي نسبة مرتفعة بكل المقاييس. وتراتبية النظام القضائي فيه، البداية، الاستئناف والتمييز، تضمن، إلى حد كبير، تحقيق العدالة في القضايا المعروضة، وتضييق الدائرة التي يمكن أن يتحرك فيها أي فساد محتمل. مع ذلك، فإن الأردن لم يحصل سوى على 0.45 درجة العام 2006، بحسب المعيار المتدرج الذي يطبقه البنك الدولي ويقيس به مدى احترام دول العالم لتشريعاتها، والذي يبدأ من -2.5 وينتهي عند +2.5. قد تكون هذه النسبة هي الأعلى بين البلدان العربية، لكنها تبقى دون الطموح، وربما كان هذا بسبب التحديات الجمة التي ما زال على الجهاز القضائي مواجهتها، فليس كل ما يجري في قصور العدل على ما يرام. فالأردن في النهاية بلد حديث التكوين، والمجتمع الأردني ما زال يعاني من معوقات كثيرة من مخلفات الماضي، التي تقف أمام تطوره بوتائر أسرع مما هي عليه الآن، وهو ما ينعكس بالضرورة على السلطات جميعاً بالسلب، والسلطة القضائية ليست استثناء. مع كل تلك الإيجابيات، فإن القضاء الأردني ما زال عليه أن يواجه عدداً من التحديات، وعلى رأسها تحقيق المزيد من الاستقلالية عبر تحقيق الاستقلال المالي والإداري، فالجهاز القضائي في كثير من جوانبه ما زال يتبع السلطة التنفيذية، ما يخلّ بمبدأ الفصل بين السلطات. هناك أيضاً تحدي تحديث الجهاز القضائي بما يتناسب والتطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا، وصولاً إلى قضاء بلا أوراق. وهناك تحدي المحاكم الخاصة التي يرى كثر أن الأوان حان لإلغائها، فهي في النهاية محاكم استثنائية، وفي صورة أو أخرى فإنها تذكّر المواطن بفترة الأحكام العرفية. وهناك تحدي القضاء العشائري الموازي للقضاء النظامي، والذي ما زال يؤدي دوراً كبيراً في مجتمع يسعى نحو الحداثة. لقد مضى على الأردن عهد كان فيه للقضاء فقهاؤه وأعلامه الكبار. وما زال الجيل الجديد من المحامين والقضاة يذكرون أعلاماً في تاريخ القضاء من أمثال: موسى الساكت، وعلي مسمار، ومحامين من أمثال: حنا نده، وإبراهيم بكر. وهذا يحيل إلى قضية كليات القانون في الجامعات، التي تخرّج كل عام أعداداً كبيرة من المحامين الذين سرعان ما يصبح بعضهم قضاة، قبل أن تتكون لديهم الخبرات الكافية لذلك، الأمر لا يدعو لليأس، فهناك بين الأجيال الشابة قضاة يتمتعون بدرجة عالية من المهنية والدقة والحكمة الكفيلة بجعلهم أعلاماً جدداً في عالم القضاء، فلكل جيل تحدياته، ولكل جيل أعلامه. |
|
|||||||||||||