العدد 3 - رياضي | ||||||||||||||
حارس مرمى المنتخب الوطني السابق عبد الله أبو نوار، لاعب من الجيل الذهبي لكرة القدم الأردنية. لعب في صفوف أندية عدة، وكان كل نادٍ ينتقل إليه يفوز بالدوري، حتى أصبح الرياضيون يقولون: أينما يذهب أبو نوار يذهب كأس الدوري معه. صاحبُ سجل ناصع في تاريخ رياضة كرة القدم، وذو مسيرة غنية، إذ أسهم مع مجايليه في بناء أساسات الرياضة الأردنية عبر رئاسته اتحاداتٍ رياضيةً عدة. أبو نوار ضيف «السّجل» لهذا العدد، وهو يفتح قلبه للقراء، في حديث عن الرحلة والذكريات. عشقَ اللعب بمركز حراسة المرمى منذ بداية مسيرته الرياضية العام 1939، وله من العمر عشر سنوات، حين كان طالباً في مدرسة العبدلية في عمّان. انتقل بعدها إلى مدرسة ثانوية عمان وسط البلد، وتابع ممارسة لعب كرة القدم حارساً للمرمى، حتى أصبح الكابتن للفريق. ومارس رياضات كرة السلة والطائرة وألعاب القوى، إذ كان الرياضي في الأربعينيات يمارس ألعاباً عدة في الوقت نفسه. وكان مشهور قناش، أحد رواد كرة السلة الأردنية، يشرف على أبو نوار حينئذ. اختار الانضمام إلى صفوف نادي الفيصلي، القريب من بيته في جبل عمان، العام 1945، ليتولى حراسة مرمى «الفيصلي» احتياطياً، وكان يحرس عرين «الفيصلي» في ذلك الوقت يوسف مامو، ثم فريدون حكمت. يقول: «كنت حارساً احتياطيا لفريدون، الذي لم يتمكن من اللعب في لقاء «الفيصلي» مع فريق دمشق الأهلي، فأسندت إدارة الفريق مهمة حراسة المرمى إلي العام 1948، لتكون تلك أول مباراة رسمية في مسيرتي الرياضية». أقيمت المباراة برعاية الملك المؤسس عبد الله الأول، الذي أقيمت له خيمة كبيرة قرب ملعب المحطة لمتابعتها، وقدم فيها أبو نوار مستوى رائعاً، وساهم في فوز «الفيصلي»، حين تمكن من صدّ ضربة جزاء. يستذكر ما حدث حينئذ: «بعد المباراة قمنا بالسلام على الأمير عبد الله، الذي قال لي: أحسنت، وسألني عن اسمي فقلت له: عبد الله أبو نوار. فتابع الأمير: عبد الكريم الذي يعمل لدينا في الديوان الأميري، هل هو والدك؟ فقلت له: نعم، فقال لي مبتسماً: أنا الذي أطلقت عليك اسم عبد الله». قصة تسميته يرويها عبد الله أبو نوار نقلاً عن أبيه، فيقول: «كان والدي لاعباً ماهراً بالشطرنج، وكان يلعب مع الأمير عبد الله الذي رآه في أحد اللقاءات مسروراً، فسأله الأمير عن سبب سروره، فأخبره أن الله رزقه بولد، فقال له الأمير: «أطلق عليه اسم عبد الله»، ويضيف: «كان ذلك الموقف تعبيراً عن شدة محبة الأمير لوالدي، وعن صداقتهما المتينة». بعد مباراة «الفيصلي» و«دمشق الأهلي» تلك، اعتزل الحارس فريدون، وأصبح أبو نوار الحارس الأساسي لـ«الفيصلي» العام 1948. ظل أبو نوار مع «الفيصلي» حتى العام 1953، وفاز معه ببطولة الدوري في أعوام تلك الفترة، ثم انتقل إلى صفوف النادي الأهلي لعامين، وفاز معه ببطولة الدوري. وفي العام 1955 انتقل للّعب مع فريق الجزيرة وفاز معه ببطولة الدوري أيضاً، وبقي معه حتى العام 1964 عندما اعتزل اللعب في لقاء «الجزيرة» ونادي الزمالك المصري، التي انتهت لمصلحة الجزيرة 2-1. تولى حراسة مرمى المنتخب الوطني في الفترة 1949-1962، وكان أول لقاء له حارساً لمرمى الأندية ضد فريق الجيش العربي على ملعب المحطة بمناسبة عيد الاستقلال برعاية الملك المؤسس، وانتهى اللقاء بالتعادل تمكّن خلاله أبو نوار من التصدّي لضربة جزاء. حمل أبو نوار شارة «الكابتن» للمنتخب لسنوات عدة، وشارك في الدورة الرياضية العربية الأولى التي أقيمت في الإسكندرية العام 1953، وتمكن فيها المنتخب الوطني من إحراز المركز الرابع. يقول عن لحظات الفرح والحزن في حياته: «لحظات الفرح عند الفوز بالمباراة، ولحظات الألم والحزن عند الخسارة، التي تعني ضرورة مراجعة الأخطاء». ظل أبو نوار حارساً متفوقاً وبارعاً في صدّ ركلات الجزاء. ويروي طرفة في هذا الشأن: «كنت أراهن زملائي أثناء التمرين على سدر هريسة لمن يحرز هدفاً في شباكي من ضربة جزاء، وكنت أكسب الرهان مرات كثيرة، لأنني أشعر نتيجةَ خبرتي، الموقع الذي يسدد اللاعب الكرة تجاهه». كان أولَ لاعب أردني يتلقى عقد احتراف العام 1958، وذلك بعد نهاية مباراة بين فريق «الجزيرة» وفريق «العربي» الكويتي، أقيمت برعاية أمير الكويت، وفاز فيها «الجزيرة». قدم أبو نوار أداءً لافتاً، وتصدّى لضربة جزاء. فطلب منه رئيس الاتحاد الكويتي الانضمام إلى صفوف فريق «العربي»، لكنه اعتذر. يروي أبو نوار موقفاً طريفاً كان بطله: «اختُرت للّعب مع فريق الشرطة من قبل مديرها اللواء حكت مهيار، لألعب في بطولات الشرطة العربية، واختُرت في الوقت نفسه من رئيس فريق الحراسات الملكية ناصر بن جميل لألعب في البطولات العسكرية العربية، ولعبت فعلاً بطولات عدة ضمن صفوف الفريقين»، ويتابع: «تقرر بعدها إقامة مباراة بمناسبة عيد الاستقلال بين فريقَي الحراسات الملكية والشرطة، واتصل بي كلٌّ من مهيار وبن جميل لألعب في فريقه حارساً للمرمى، وأصابتني الحيرة الشديدة: مع من ألعب في هذه المباراة؟ وكان موقفاً صعباً أنقذني منه الملك الراحل الحسين بن طلال الذي لجأت إليه وحكيت له حكايتي وأفضيتُ إليه بحيرتي، إذ اتصل الحسين بالشريف ناصر واللواء مهيار وطلب منهما لعب المباراة من دوني، والمفارقة أن تلك المباراة لم تُقَم». أثناء انضمام أبو نوار لفريق «الجزيرة» والمنتخب الوطني العام 1959، أُوكلت إليه مهمة تشكيل أول اتحاد أردني لكرة السلة الذي ترأسه هو، وضم في عضويته: سعيد عمر، جلال بسطامي، سامي بطشون وتوفيق شنودة. تم بعدها تشكيل أول منتخب وطني للّعبة، وكانت أولى مشاركاته في الدورة العربية في مدينة كازبلانكا المغربية العام 1961. ومن أبرز لاعبيه: محمد جميل أبو الطيب، محمد خير مامسر، عواد حداد، فراس العجلوني وإحسان نغوي. ظل أبو نوار رئيساً لاتحاد السلة حتى العام 1966 عندما أوكلت له مهمة تشكيل اتحاد لكرة اليد، الذي شكله برئاسته، وعضوية: عدنان خرينو، هراتش اتمزيان، حسن الأسطة، فايز سليم، صقر التل وآخرين. وظل أبو نوار رئيساً لاتحاد اليد حتى العام 1974 الذي أقيمت خلاله الدورة الرياضية العربية في سورية. ويستذكر: «لم يكن لدينا اتحاد للسباحة، وبذلك يتعذر علينا المشاركة فيها في دورة سورية العربية، عندها أوكل لي الشريف فواز شرف تشكيلَ اتحاد للسباحة لنشارك بالدورة، قمنا بعدها بتشكيل أول منتخب وطني لكرة الماء شاركنا فيه بدورة هونغ كونغ الآسيوية». يُعدّ أبو نوار ركناً أساسياً في تشكيل الاتحاد العربي لكرة السلة العام 1956، وفي تشكيل الاتحاد العربي لكرة اليد العام 1972، وتم انتخابه نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للّعبة العام 1978. وفي العام 1996 مُنح العضوية الشرفية لمجلس إدارة الاتحاد الدولي لكرة اليد مدى الحياة، تكريماً له، وتقديراً لخدماته في رفع مستوى لعبة كرة اليد. نظراً لتاريخه الرياضي المميز، قرر رئيس اللجنة الأولمبية السابق سمارانش، اختياره لحمل لقب رجل الأردن الأولمبي العام 1989، وقدم له درع اللقب الأولمبي في حفل أقيم في القاهرة في العام نفسه. وقد اختير في العام 1989 ليكون أميناً عاماً للّجنة الأولمبية الأردنية. وفي العام 2008 اختير عضواً في مجلس إدارة المجلس الأعلى للشباب، وهو أمين سر هيئة رواد الحركة الرياضية والشبابية. يهوى أبو نوار السفر مع زوجته التي تحب الرياضة، وشغوف بلعب الشطرنج على خطى والده. حياته العملية بدأت العام 1947، موظفاً في وزارة المالية، ثم وزارة الداخلية، وبعدها انتقل لرئاسة الوزراء مديراً للجريدة الرسمية ورقيباً للمطبوعات، ثم عمل في وزارة الاقتصاد حتى العام 1961 عندما أحيل على التقاعد، لتبدأ رحلته في العمل في شركة الملاحة العربية، ثم مديراً عاماً لشركة التأمين العربية البلجيكية، وقد اعتزل العمل في العام 1994. يدين أبو نوار بالفضل في نجاحه إلى الله عز وجل، ثم والدته التي أحاطته بعناية خاصة، ثم زوجته التي يقول عنها: «إنها ملهمتي ورفيقة دربي. منذ زواجنا قبل 53 عاماً وأنا أستمع إلى نصيحتها وآخُذ برأيها». يقارن بين ما يحدث اليوم في الملاعب وبين ما كان يحدث قبل عقود، ويقول: «كانت الروح الرياضية هي السائدة بين اللاعبين، ولم يكن يحدث شغب في الملاعب، وطوال 16 عاماً قضيتها في الملاعب لم تحدث أيّ مشكلة، وكنا بعد المباريات نذهب جميعاً لتناول الشاي». وجبته المفضّلة المعكرونة. «كنت أطلبها من والدتي يوم المباراة، وبعد ذلك من زوجتي، وأنا الآن مغرم بالمنسف بالجميد واللحم والسمن البلدي، وكذلك بأكلة الشبس باسطة، وهي أكلة شركسية أتقنتها زوجتي من والدتها الشركسية». |
|
|||||||||||||