العدد 12 - بورتريه | ||||||||||||||
لم يشأ القدر أن يتعرف حسين المجالي على والده رئيس الوزراء الأسبق الشهيد هزاع المجالي، الذي اغتالته العام 1960 قوى حاربت الأردن والهاشميين على مدى عقود، بدعوى مقولات وشعارات «ثورجية» زائفة، واتهامات باطلة راجت سوقها أواسط القرن الماضي. كان هزاع شجاعاً ومقداماً، لم يخفِ رؤاه ولم يخجل من رأيه، وكان أن دفع حياته ثمناً لمواقفه وتحمله المسؤولية في 29 آب/أغسطس 1960، في تفجير لمبنى رئاسة الوزراء. لم يكن حسين الابن، قد تجاوز من العمر يومها ثمانية أشهر، هو الذي رأى النور في 24 كانون الثاني/يناير 1960. نشأ حسين، وقد غابَ الأب، في كنف أسرته الصغيرة، وكانت أم أمجد، امرأة ذكية وناضجة وواعية، حافظت على الإرث، فكان أن تعلم شقيقاه أمجد وأيمن، وانخرطا في العمل الحكومي، متولّيَين المناصب الرفيعة. أما حسين، الصغير آنذاك، فقد أولاه الراحل الملك الحسين عنايته، واهتم به اهتمام العم الذي يرعى أسرة أخيه بعد وفاته. لذا حرص حسين المجالي على أن يكون وجهه «أبيض» دائماً أمام الحسين الكبير. نال حسين المجالي شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية في الولايات المتحدة العام 1981، ثم درسَ الإدارة العسكرية في جامعة مؤتة، فنال شهادتَي البكالوريوس 1994 والماجستير 2000، أثناء انتظامه في الجيش العربي الذي التحقَ به العام 1982، وخدمَ فيه مرافقاً عسكرياً خاصاً للأمير محمد بن طلال، وقائداً للواء حمزة بن عبدالمطلب في الحرس الملكي، وآمراً للكلية العسكرية الملكية، وتدرج بسرعة فائقة في الحرس الملكي الخاص، فكان قائداً لمجموعة الأمن الخاص للملك الحسين، ومؤتمناً على حياته. وعندما مرض الحسين ذهب إلى مايوكلينك في الولايات المتحدة، فكان حسين المجالي أقرب إليه حتى من بعض أفراد العائلة الهاشمية، كيف لا وهو رفيق أسفاره الذي لازمه كظله. وبعد رحيل الحسين. تقاعد حسين المجالي مبكراً، ثم أُرسل سفيراً إلى مملكة البحرين. وهناك، في المنامة، أبلى حسين الذي يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية، بلاءً حسناً، وكان أداؤه الدبلوماسي نموذجياً، فقد أمضى هناك خمس سنوات كان خلالها باعترافٍ كثيرين، ومن بينهم شخصيات مقربة من القصر الملكي في المنامة، من أقرب السفراء إلى القصر وأكثرهم نيلاً للاحترام والتقدير. وفّق حسين المجالي بين متطلبات العمل الدبلوماسي بين البلدين الشقيقين، وبين اهتمامه بتطوير مجالات التعاون الثنائي ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. وتُذكر في هذا المجال، مشاركة الأردن اللافتة في احتفالات البحرينيين بعيد الجلوس الملكي العاشر والعيد الوطني الثامن والثلاثين، العام 2009، إذ تسجَّل للسفير الأردني في المنامة، أنه نجح في تنظيم المساهمة الأردنية على نحو لائق.لذلك لم يكن مستغرَباً أن يقلّده عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وسام البحرين من الدرجة الأولى، «تقديراً له على ما بذله في الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين». ظهر اسم حسين مرشحاً لمنصب مدير الأمن العام عشية تشكيل حكومة سمير الرفاعي، لكن حسين نفى بشدة حينها أن يكون الخبر صحيحاً. كما نفى أن أحداً اتصل به بهذا الشأن، لكن أحد العارفين في السياسة الأردنية وخباياها، قال لـے طالباً عدم ذكر اسمه: «كان حسين على رادار سيدنا منذ تلك اللحظة»، لكن القرار تأخر لأسباب لم يشأ هذا السياسي الخوض فيها. وفعلاً كان حسين قبل إعلان تعيينه بأيام، قد استُدعي إلى عمّان، وأُبلغ بالتوجه الملكي، وبما هو مطلوب منه. صدر قرار تعيين حسين المجالي مديراً للأمن العام اعتباراً من العاشر من أيار/مايو 2010، وقد عبّر عن رؤيته لمهامه الجديدة برسالة وجهها للملك عبد الله الثاني بعد أسبوع على مزاولة مسؤولياته. وبدا واضحاً أن التغيير الذي حدث في إدارة الأمن العام، مرتبط إلى حد كبير بإفراط جهاز الأمن باستخدام القوة ضد الأفراد، والعنف في التعامل مع مواطنين. فقد تحدثت الرسالة عن بلورة إستراتيجية تضع في مقدمة أولوياتها مكافحة الجريمة، والمحافظة على أمن الوطن والمواطن. كما شددت الرسالة على مراعاة «أخلاقيات» العمل الأمني و«آدابه»، مؤكدة أن منطلقه «الاحترام الكامل للمواطن والمحافظة على حقوقه والالتزام المطلق بالشرعية وسيادة القانون بحزم دون غلظة أو تهاون». سياسي طلب عدم ذكر اسمه، قال لـے إنه يتوقع أن ينجح حسين المجالي في هذه المهمة، لأن المجالي على يقين بضرورة «تفعيل عملية تدريب وإعادة تأهيل كوادر الأمن العام، لتحقيق النقلة النوعية المطلوبة». جهاز الأمن العام يزخر بالكفاءات، وينضوي تحت لوائه مئات المحامين وحاملي درجات الدكتوراه والماجستير، ونجاحه يتحقق ليس في تطبيق القانون فحسب، رغم أهمية ذلك، وإنما في الإرادة السياسية والإدراك العميق من جانب الحكومات ورؤسائها ووزراء الداخلية، بضرورة تفعيل هذا الجهاز، ووضع حد لسياسة الاسترضاء، والتقليص التدريجي للنهج العشائري الموازي لخط سيادة القانون، وتحقيق دولة المواطنة. إذا استطاع حسين المجالي أن يحقق ذلك، بعيداً عن المحاباة والاسترضاء، وإذا نجح في التضييق على المجموعات الخارجة على القانون، والحيلولة دون ممارسة العنف على مجموعات أخرى دون وجه حق، فإنه يكون قد أسهم في شدّ البنيان وتثبيت أقدام الدولة. |
|
|||||||||||||