العدد 12 - نبض البلد
 

ضمن جولته الفنية في الأردن وسورية ولبنان التي حملت عنوان «وتبقى فلسطين موّالي»، أحيا الموسيقي النمساوي من أصل فلسطيني مروان عبادو حفلاً فنياً، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين أونروا.

وقدم عبادو لجمهوره الذي يتنامى يوماً بعد يوم، مقطوعات وأغاني استعادت أجواء الفن الوطني الملتزم، لقيت تفاعلاً كبيراً من الجمهور الأردني الذي تعرّضت وحدته مؤخراً لهزات عنيفة في ما يخص وضع المواطنين من أصول فلسطينية على أرضه.

استهل عبادو حفله الذي نظمه مسرح البلد بمقطوعة «هزة» من أسطوانته الأخيرة «نرد»، وكانت بمثابة «انتفاضة» موسيقية تتدرج بين شدّة تعبّر عن حالة الحرب وآلاتها الهادرة، وخفوت شجن تعبيراً عن ضعف المستهدَف بهذه الآلات وترقّبه لمصيره الأسود. وقد أهدى عبادو هذه المقطوعة لغزة، تاركاً لموسيقاه أن ترجّ الراكد، وتطلق لدموع المآقي العنان.

واصل الفنان حفله الذي أقيم في 16 أيار/مايو 2010، بأغنية «لفظ»، تبعها بمقطوعة «نرد» التي أكدت أسلوبه الذي يرتكز على الموسيقى الشرقية بمقاماتها، والدمج بين آلات موسيقية شرقية وغربية، واضعاً بصمته الخاصة التي شكلها باعتماده نمطاً من العزف لا يُعنى بالتقنية فحسْب، بل يأخذ بالبعد الذاتي وإحساس الفنان أيضاً، بما يجعل الموسيقى تقارب الارتجالية وتتفلت من القيود التقليدية والكلاسيكية في العزف.

وعن اختياره لعنوان «نرد» أوضح عبادو لجمهوره أنه كثيراً ما تمنى أن تكون للفلسطينيين رمية نرد صائبة.

ولم ينسَ عبادو أن يهدي موسيقاه للقدس، ولكل بقعة من فلسطين الحاضرة في الوجدان، وللبحر عبر أغنيته «مراكب» التي اعتمدت الدفوف، وصوت خشيش شبكات الصيادين، ناقلاً المستمعين إلى عوالم البحر ومفرداته، فكأنما العين ترى، والأذن تسمع هدير المراكب، وقد جاء اللحن أكثر جمالاً ووقعاً في النفس وتأثيراً من كلمات الأغنية، التي يقول فيها: «انطحتوا المراكب، خضخضوا الميه، تروحوا سالمين، يا نور عينيا، هيلا هيلا هيلا».

اختتم عبادو الأمسية التي خُصص ريعها لدعم الطلبة من أبناء اللاجئين الفلسطينيين وتمكينهم من مواصلة تعليمهم، بأغنيته «يا ليل» التي رددها معه الجمهور الذي ملأ مسرح الحسين الثقافي.

وكان صاحبَ عبادو في العزف: جوانا لويس من أستراليا (كمان)، بيتر روزمانيت من النمسا (إيقاعات)، ميخائيلا ليبرمان من النمسا (غيتار)، مجيك غولبيوفسكي من بولندا (كلارينيت ودودوك).

التنوع لم يقتصر في فرقة عبادو على الآلات، إذ تضم الفرقة عازفين من جنسيات متعددة، في محاولة لخلق حالة من التفاعل بين الموسيقى والثقافات الإنسانية.

عبادو مؤلف وعازف فلسطيني، وُلد في مخيم ضبية في بيروت 1967، هاجر إلى النمسا العام 1985 بهدف الدارسة، وتبلورت تجربته الموسيقية عبر ست أسطوانات: «دواير» 1996، «ابن الجنوب» 1996، «إشاعات مطر» 2000، «مراكب» 2001، «قبيلة» 2005 و«نرد» 2010.

اشتمل عدد من أسطوانات عبادو على مقطوعات صامتة محمّلة بطاقة تعبيرية كبيرة، بالإضافة إلى أغانٍ عن فلسطين المحتلة، وعن عادات أهلها وتقاليدهم التي يتوارثونها جيلاً بعد جيل، سواء من ظلوا داخل فلسطين أو من هُجّروا في الشتات.

«وتبقى فلسطين موّالي» بأنامل مروان عبادو: «انتفاضة» موسيقية ورمية نرد صائبة
 
01-Jun-2010
 
العدد 12