العدد 12 - حريات
 

لم يجد طلبة نشطاء سياسياً في الجامعة الهاشمية سبيلاً للتعبير عن تمسكهم بحقهم في اختيار ممثليهم، سوى مخاطبة الملك عبدالله الثاني في رسالة شكوا فيها مما وصفوه «ظلماً بحق الإرادة الطلابية»، مدافعين عن حقهم في ممارسة الديمقراطية «دون وصاية أو قيد».

جاءت الرسالة بعد إجراء انتخابات مجلس الطلبة في الجامعة، 29 نيسان/إبريل 2010، التي أثارت جدلاً حول شروط الترشيح وجدوى «العملية الانتخابية» في ظل تنافس 64 طالباً على 58 مقعداً، بعد استبعاد 76 طلب ترشيح.

إدارة الجامعة كانت اعتمدت المعدل التراكمي للطالب في تقييم الطلبات، واشترطت أن يكون المرشح مشاركاً بفعالية في أنشطة الجامعة، وألاّ يكون في سجله أي عقوبة أكاديمية، وهي شروط عدّها المركز الوطني لحقوق الإنسان «مخالفة للمعايير الدولية في حقوق الإنسان، كونها تُخلّ بمبدأ المساواة الذي يضمن للجميع حق الترشح»، وفق ما جاء في بيان صحفي للمركز، 10 أيار/مايو.

الطلبة الموقّعون على الرسالة اعترضوا على ما وصفوه «مزاجية إدارة الجامعة»، وعبّروا عن استيائهم من «التشويه الذي تُلحقه العقليات العرفية بالديمقراطية» في جامعة «تحمل اسم الهاشميين». وقالوا إن هناك من قُبِل ترشيحه رغم عدم تحقق الشروط عليه، مستشهدين بأمثلة عن طلبة اعترفوا بأنهم لم يحضروا يوماً أي نشاط للجامعة، فازوا في الانتخابات وأدّوا القسَم أمام الرئيس كأعضاء في المجلس الجديد، وهو ما عزز قناعة الطلبة المعترضين بأن المسألة مجرد «إقصاء متعمد» للناشطين سياسياً في جامعات تحظر العمل السياسي داخل أسوارها.

هذا ما يراه الناطق باسم الاتجاه الاسلامي في الجامعة الهاشمية ثائر عيد، موضحاً لـے أن شروط الإدارة كانت غير موضوعية وهي «طريقة للتذرع وإقصاء القوى الطلابية الفاعلة سياسياً».

عيد قال إن «شرط المشاركة غير قابل للقياس، كون الجامعة لا تملك بالضرورة قائمة بأسماء جميع المشاركين في أنشطتها»، ومع ذلك، فإن ما يدفع للدهشة أن عدداً من الطلبة الذين رُفض ترشّحهم «يحملون كتب شكر من إدارة الجامعة على مشاركتهم الفاعلة في أنشطتها، وكان بعضهم عضواً في مجالس الطلبة السابقة، لكن كل ذلك لم يشفع لهم بسبب مزاجية الإدارة».

الجامعة طلبت من المرشحين ألاّ تحمل دعايتهم الانتخابية أي شعار، لإفراغها من أي محتوى، واشترطت أن يكون على البطاقة صورة المرشح فقط دون الاشارة إلى أي برامج انتخابية، لكن عيد الذي انتقد هذه الشروط عادّاً إياها دليلاً على غياب إرادة العمل من أجل مصلحة الطلبة، أكد أنها لم تنطبق بالكامل على من حملت بطاقتهم الانتخابية شعار «التيار الوطني» الذي يترأسه رئيس مجلس النواب المنحل عبد الهادي المجالي، ما يعني أن تلك الشروط «قابلة للخرق بعد استبعاد غير المرغوب بهم».

في السياق نفسه، قال المنسق العام لحملة «ذبحتونا» فاخر دعاس لـے: «كان يُشترَط في السابق عدم وجود عقوبات بدرجة الإنذار، أما الآن فإن التنبيه قد يعرقل ترشّح الطالب».

شرط عدم حصول الطالب على أي عقوبة يقف عائقاً أمام ترشّح طلبة ناشطين في جامعات تنطوي أنظمتها التأديبية على نصوص فضفاضة، قد يُعاقَب الطالب، وفقها، إذا ما شارك في اعتصام سلْمي للتعبير عن قضايا مطلبية، أو في توزيع منشورات حتى وإن كانت تخُصّ قضية قومية وإنسانية، مثل مأساة المحاصَرين في قطاع غزة.

في هذا الصدد، يستذكر طلبة ينتمون للاتجاه الإسلامي، أن زملاء لهم فُصلوا لمشاركتهم في اعتصام احتجاجي على توجه إداري لإجبار الطلبة على دفع الرسوم الجامعية قبل التسجيل، ما يؤشر إلى «مستوى القمع الذي وصلت إليه حال الجامعات»، بحسب تعبير عيد.

شروط الترشُّح ليست وحدها مثار الجدل، فقد زعم طلبة أن استمارات الترشُّح تتضمن خانة لمكان ولادة الأب، وهو ما يعدّ «مثيراً للشبهات والشكوك» بحسب «ذبحتونا»، كونه يدخل في باب البحث في أصول الطلبة وهم سواسية بحسب الدستور، كما جاء في بيان أصدرته الحملة، 28 نيسان/إبريل.

هذه المخاوف أبداها المركز الوطني لحقوق الإنسان هو الآخر، إذ إن الأمر «مثير للجدل، لأن غياب الإثبات للنوايا، حتى وإن كانت حسنة، يثير الشكوك بأنه إجراء تمييزي»، بحسب تعبير مسؤول التعليم في المركز رياض الصبح.

وزير التنمية السياسية موسى المعايطة قال إن «الجامعات لها استقلالية في اتخاذ قراراتها»، وهو ما لا يسمح لوزارته بالتدخل كما قال لطلبة نفذوا اعتصاماً أمام الوزارة بالتزامن مع إجراء الانتخابات في 29 نيسان/إبريل. وقد نقلت وسائل إعلام محلية غطت الاعتصام عن المعايطة «استنكاره» لإجراءات الجامعة «إنْ صحّت أقوال الطلبة».

بيد أن الصبح يضع علامة استفهام كبيرة على استقلالية الجامعات، ويرى أن ذلك «لا يعني أنها أصبحت ملْكية شخصية لا يحق لأحد التدخل في شؤونها».

طالب شاركَ في الاعتصامات فضّل عدم نشر اسمه تساءل عن معنى استقلالية الجامعات، في ظل تدخل أجهزة أمنية فيها، وأضاف لـے: «يقولون إن الإدارة لن تتخذ إجراء بحقنا حالياً، تجنباً للضجة الإعلامية، لكنهم سينتظرون حتى يهدأ الجدل، ثم يتم فصلنا بحجج أخرى».

في البيان الصحفي الخاص بإعلان نتائج الانتخابات، أشاد رئيس الجامعة سليمان عربيات بـ«العرس الديمقراطي» وفق تعبيره، وقال إن هذه الانتخابات ستكون «بداية للتغيير الحقيقي». عربيات أضاف في تصريحات أعقبت انتخاب رئيس مجلس الطلبة، أن «المجلس أحدث قفزة نوعية»، عادّاً فوز طالبة بمنصب رئيس مجلس طلبة للمرة الأولى في البلاد، «انتصاراً للفتاة والديمقراطية، ونبذاً للعصبية الضيقة والجهوية البغيضة».

طالب ناشط سياسياً طلب عدم نشر اسمه، قال لـے إن الجامعة بنهجها هذا «سلّطت الضوء على الحريات الطلابية، فأصبحت هذه القضية تشغل الرأي العام بسبب الضجة التي أثيرت»، فالقمع، بحسب ما يرى الطالب، «سيف ذو حدين؛ قد يكون أضرّ بالجامعة أكثر مما خدمها».

موقف إدارة «الهاشمية» إزاء انتخابات مجلس الطلبة: القمع سيف ذو حدَّين
 
01-Jun-2010
 
العدد 12