العدد 12 - الملف | ||||||||||||||
عندما نال رسام الكاريكاتير الأردني ناصر الجعفري جائزة الصحافة العربية العام 2009، كان يمثّل الأردن، «البلد الذي أحسّ أن لي فيه جذوراً»، بحسب ما قال لـے، مضيفاً: «نقلت هاجساً أردنياً، وإن غلب عليه هاجس القضية الفلسطينية». في هذه المسابقة، كان أمام الجعفري خياران: إما المشاركة ممثلاً عن صحيفة القدس الفلسطينية، أو ممثلاً عن صحيفة العرب اليوم الأردنية، فاختار الأخيرة لأنه شعر أنه مدين لزملائه في العمل الذين دعموه وقدّروا إبداعه، ولأن نجاحه بحسب ما يرى هو «وليد فُرَص» حصل عليها جميعها وهو في الأردن. الجعفري ابن الرملة لا ينكر أصوله الفلسطينية، فهو على العكس تماماً، يفتخر بأصله الفلسطيني كما يفتخر ببلده الأردن، ويقول لـے أنه يعرّف نفسه في كل مكان على أنه «رسام كاريكاتير عربي، أردني من أصل فلسطيني»، ويتابع: «لا يوجد ما أخجل منه في أي جزء من هذا التعريف، فهذا هو الواقع والظرف الذي أعيشه». درس الجعفري في إحدى مدارس عمان، المدينة التي وُلد فيها العام 1969، ولم يكُن يعي أنه يمتلك موهبة فنية سوف تؤهله للتميز لاحقاً، لكنه كان يستمع في المنطقة التي يسكنها إلى الأحاديث التي كثيراً ما كانت تدور عن «السياسة، ذكريات اللجوء، هموم القضية الفلسطينية والمدن الأصلية من وجهة نظر أناس اضطروا أن يرحلوا عن مدنهم»، فتشكل لديه اهتمام بالشأن العام وأصبح يمتلك صورة خيالية عن مدينة الرملة. ويوضح هنا: «لا أملك صورة لما يمكن أن تكون عليه هذه المدينة في الحقيقة، وإنما هو ارتباط عاطفي في حقيقته». أولى الجوائز التي نالها الجعفري جاءت عن طريق الصدفة، فقد رسم كاريكاتيراً في مرحلة الثانوية يتضمن وجهاً مشكّلاً من نصف بشري ونصف يحمل صورة حذاء، تعبيراً عن «حالة نفسية معينة» لا يذكر تفاصيلها، وقد تم اختيار الرسم في مسابقة عمان الكبرى العام 1985 وجاء في المركز الأول. بعد ذلك، أصبح رسم الكاريكاتير يأخذ منحى آخر، فقرر الجعفري احتراف هذه المهنة، وبدأ مراسلة الصحف، وكانت أولاها صحيفة المحرر العربية الصادرة في باريس العام 1990، ثم صحيفة الدستور الأردنية، ومن بعدها صحيفة البلاد الصادرة في رام الله، وصولاً إلى صحيفتَي العرب اليوم الأردنية والقدس الفلسطينية ومجلة ے اللواتي ما زال يعمل بهن حتى هذا اليوم. رسام الكاريكاتير الذي يعمل على تصوير هواجس الشارعَين الأردني والعربي، لا يخفي أنه كثيراً ما تدور في داخله أسئلة تتعلق بالهوية، وهي أسئلة بدأت في مرحلة المراهقة وما زالت مستمرة وسط السجالات الحادة التي تشهدها الساحة المحلية، لكن الجعفري يقول: «لحسن حظي، تعرفت إلى شخصيات كثيرة كانت تتبنى الفكر القومي العروبي، وقد ساعدني ذلك في تغليب القومية العربية على الهويات الضيقة». عندما يصف الجعفري مدينته عمّان، يقول إنها مدينة «فيها كل الذاكرة، من المدارس، الأصدقاء، ممرات الطرق وكل التفاصيل التي شكلت في ذهني انتماء لهذا المكان». |
|
|||||||||||||