العدد 12 - الملف
 

ترفض الروائية والإعلامية الأردنية ليلى الأطرش الانجرار من الأساس إلى منزلق الحديث عن تقسيماتٍ لأهل هذا البلد وبُناته وصانعي صورته وهويته ومكانته المعاصرة.

وبقدر اعتزازها بأردنيها المجبولة بعمل عقود العمر ومفاصله ومنعطفاته، فإنها، كما تؤكد، تعتز بفلسطينيتها النابتة كزهر بري عنيد في كتاباتها ورحلة أيامها من مكان مولدها، بيت ساحور، إلى عمان، وما تخلل ذلك من سفر إلى دول الخليج، وعمل لافت في مؤسسات الإعلام العربي المهمة، وصولاً لاستقرارها العمّاني مع زوج مبدع من أصول أردنية هو الشاعر والأكاديمي المعروف فايز الصيّاغ.

نساء روايات الأطرش، وسيدات كتاباتها، يحملن بالمجمل العام، ملامح أردنية فلسطينية منصهرة في البوتقة نفسها، التي جعلت هوية القطرَين هوية واحدة مختلفة ومميزة ويصعب إلى حد بعيد شطرَها أو الانفكاك منها.

الصحفية المصرية سلوى اللوباني على سبيل المثال تعرّف بالأطرش في حوار أجرته معها العام 2006 لصالح موقع إيلاف الإلكتروني قائلة: «ليلى الأطرش روائية وإعلامية فلسطينية- أردنية».

وعندما يتحدث الناقد الفلسطيني فيصل دراج عن رواية الأطرش الأخيرة «رغبات ذاك الخريف» المنجزة ضمن مشروع تفرغها الإبداعي ككاتبة أردنية، فإنه يتحدث عن فلسطينية العمل وكاتبته، بالتوازي نفسه الذي يلتقط فيه أردنية الرواية وشخصياتها.

الكاتب الفلسطيني عادل الأسطة، يشير في سياق عرضه لكتاب الأطرش قبل الأخير «نساء على المفارق» إلى ميل الكاتبة إلى التعريف بها على أنها كاتبة عربية، ويرى أن نساء الكتاب الذي هو بحسب استنتاجه أقرب للسيرة الذاتية وسيرة المدن التي زارتها أو أقامت فيها أو مرت بها، «لسن فلسطينيات أو أردنيات وحسب، إنهن عربيات وأوروبيات وأفريقيات رأتهن في رحلاتها العديدة التي امتدت سنوات طويلات، رحلاتها الأدبية والصحفية، فالكاتبة كانت إعلامية، وهي أديبة، وقد سافرت لتغطية نشاطٍ ما، بحكم عملها، وسافرت أيضاً لكونها أديبة، لتشارك في معرض كتاب أو لتتفرغ، لمدة معينة، لكتابة نص ما».

تواصل ليلى الأطرش مشروعها الإبداعي، دون الالتفات لتقسيمات لن تقدم لهذا المشروع أي إضافة تُذكّر، وتواصل دق جدار خزان التخلف الذي يوجّه سيف سلطاته المطلقة نحو رؤوس النساء، ونزعات تحررهن المرفوضة في معظم تمثلاتها.

وبين القدس وعمّان ثمة مسافة من الحنين إلى المعنى، والتوق إلى حياة لا ضغائن فيها، ولا نزعات مقيتة تُضْعف أكثر مما تقوّي، وتُشَرذم أكثر مما توحّد.

ليلى الأطرش: التمسك بعروبية الهوية في وجه التقسيم
 
01-Jun-2010
 
العدد 12