العدد 12 - الملف
 

يوصَف الشاعر عز الدين المناصرة بأنه القاسم المشترك بين شعراء فلسطين والأردن، وهو لا يتوانى عن الترديد أن «هذا صحيح إلى حدّ كبير»، مستدركاً بأنه «فلسطيني من أصل فلسطيني» يحمل «مؤقتاً» الجنسية الأردنية، لأن له حقوقاً شرعية في فلسطين، لن يتخلّى عنها حتى الموت، بحسب تعبيره.

وهو يتساءل في هذا السياق: «ما الذي يزعج في هذه المعادلة التي أتعاطى معها بوضوح وصدقية؟ مثلما قدمت لفلسطين ما أستطيع، قدمت للأردن ما أستطيع، وما زلت قادراً على العطاء للاثنين، فأنا أحمل هويتين، لا أتنكر لأيٍّ منهما؛ هويتي الحقيقية وهويتي المكتسبة».

ويوضح المناصرة في حوار أجراه جعفر العقيلي معه، ونُشر في مجلة نزوى، العدد 44، تشرين الأول/أكتوبر 2005، أنه كان له دور أساسي في الشعر الفلسطيني الحديث، يعترف به القراء والنقاد، وله أيضاً دور طليعي في الشعر الأردني، عندما أسس -مع بعض زملائه- المفاهيم الأولى للحداثة الشعرية، منذ «جماعة الأفق الجديد».

والمفارقة أن المناصرة ابن الخليل الفلسطينية، كان أول من كتب قصيدة النثر في الأردن بعنوان «مذكرات البحر الميت» العام 1969.

وردّاً على من يرى أن ثمة «ازدواجية» في موقف المناصرة، فيما يراه هو «تصالحاً مع النفس»، لا يخفي هذا الشاعر تعاطفه مع الطبقات المقهورة في المجتمع الأردني، ومع الجنوب الأردني الفقير، ومع المخيم في وقت واحد، وسرعان ما يتساءل: «هل في كلامي هذا ما يزعج؟». فقد عاش المناصرة ، في بلدان عربية عدة وفي أوروبا الشرقية، ولم يعد قادراً على تحمّل «العقل الحاراتي» هنا أو هناك، كما يقول.

ظهرَ «المكان» الأردني والفلسطيني في شعره مبكراً، أي قبل التنظير للمكان في النقد الحديث منذ أوائل الثمانينيات، فصدر له: «يا عنب الخليل» 1968، «الخروج من البحر الميت» 1969 و«قمر جرش كان حزيناً» 1974. وهي عناوين تؤشر على مزاجٍ قرأ المشهد بمحبة، ولم يلتفت إلى شعاراتٍ ضيقة تفتقر إلى الوطنية.

بعد انتحار الشاعر والروائي الأردني تيسر السبول أواخر 1973، سارع محبّوه للاجتماع في بيت الروائي عدي مدانات، وكان من بين الذين ثابروا على الحضور، إضافة إلى المناصرة: سليمان عرار، صالح الجيرودي، عصام العجلوني، أسامة شعشاعة، سالم النحاس، جمال أبو حمدان، حسين حسنين، راكان المجالي، إحسان رمزي، رضوان مسنات وعوني فاخر. كانت تجمعهم فجيعة واحدة، ويأسرهم حزن واحد، ويقرب الواحد منهم إلى الآخرين هَمٌّ واحد، كما يقول مدانات. ومن هناك أطلق هؤلاء فكرة تأسيس رابطة الكتاب الأردنيين التي رأت النور منتصف العام 1974.

عز الدين المناصرة: القاسم المشترَك شعرياً
 
01-Jun-2010
 
العدد 12