«البلد بلدنا والحكومة حكومتنا»، عبارة شهيرة أطلقها القيادي الإسلامي إسحق الفرحان عندما وافق على دخول حكومة وصفي التل وزيراً للتربية والتعليم والأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1970، واستمر مع وصفي حتى اغتياله في تشرين الثاني/نوفمبر 1971، إيماناً منه بالرؤية السياسية لحكومة التل.

هذه المشاركة كلفت الفرحان تجميده من حركة الإخوان المسلمين التي انتمى إليها وهو على مقاعد الدراسة.

الفرحان الذي وُلد في بلدة عين كارم منتصف ثلاثينيات القرن العشرين، وحلّ في عمان لاجئاً في أعقاب نكبة 1948، لم يلقِ بالاً للأصول والمنابت عندما أطلق عبارته إثر مشاركته في حكومة التل، كما لم تلقِ الدولة بالاً للأصول والمنابت عندما حل مبعوثاً لها في العام 1953 إلى الجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الكيمياء، والتي أتم فيها دراسة الماجستير في العام 1957.

كما أرسلته الحكومة الأردنية العام 1960 إلى جامعة كولومبيا، لينال شهادة الماجستير في اللغة العربية، ومن ثم تخصص في التربية العام 1964.

المرتبة العلمية التي حازها الفرحان، أهّلته ليرتقي في مواقع تربوية داخل وزارة التربية والتعليم، إلى أن تقلد منصب الوزير.

بعد رحيل حكومة التل احتفظ الفرحان بمنصبه في حكومة أحمد اللوزي حتى 21/8/1972، مشرفاً على إعادة صياغة مناهج التعليم. ثم انضم إلى حكومة زيد الرفاعي في 26/5/1973.

انتقل في العام 1975 إلى رئاسة الجمعية العلمية الملكية، وقبل أن ينتهي ذلك العام، كان الفرحان قد أصبح رئيساً للجامعة الأردنية.

وفي المناصب المختلفة التي شغلها، ظلّ للفرحان أثر لم ينتهِ، إذ يُعدّ من أشد وزراء التربية والتعليم تأثيراً من خلال إعادة صياغة المناهج، إضافة إلى جهوده في تعريب التدريس خلال ترؤسه لـ«الأردنية».

الفرحان، وعبر ستة عقود من العمل السياسي، استطاع تثبيت صورة المتدين المعتدل والتوافقي والعقلاني، فقاد تيار المعتدلين في الحركة الإسلامية منذ عودته إليها العام 1980 نحو الانفتاح على الحكم.

إضافة إلى دوره السياسي، برز الفرحان من خلال مساهمته في المكتبة العربية بما يزيد على عشرين مؤلَّفاً في العلوم الإسلامية ركزت في مجملها على التربية، كما برز كمدافع عن تعريب المناهج في العالم الإسلامي بما يتناسب ومفاهيم المجتمعات الإسلامية وقيمها، دون إغفال لروح المستقبل، والحاجة الدائمة للتطوير، كما قال في مقابلة مع قناة الجزيرة في العام 2004.