العدد 12 - الملف | ||||||||||||||
في مأدبة غداء أقامها رجا خوري، قنصل كوبا الفخري في عمّان، على شرف ميغِل موراتينوس، عندما كان مبعوث السلام الأوروبي للشرق الأوسط، انتهى المدعوون من تناول طعامهم، وفي انتظار الحلويات، انبرى شاب من بينهم للحديث قائلاً بثقة: «الكنافة عندنا بالقدس..»، فما كان من طاهر المصري الذي كان مدعواً أيضاً، إلا أن قاطعه بثقة أكبر، بلكنته النابلسية المعروفة: «إشّو إلكُنُ فيها؟». كان «أبو نشأت» يقصد بالطبع أن «يردّ الفضل لأهله»، فالكنافة هي مما يمكن أن يُنسَب لنابلس دون سواها، وأيّ كنافة أخرى وفق هذا المنظور «ليست كنافة». لكن حلويات «حبيبة»، التي باتت اسماً معروفاً في عالم الحلويات الشرقية والكنافة النابسلية بالتحديد في دول عربية مختلفة، في الوقت الذي رفضت فيه أن لا يُنسب مجد الكنافة لغير نابلس، قبلت أن تكون عمّان حاضنة لهذه الحلويات الشرقية، لتصبح الكنافة بذلك نابلسية وعمّانية معاً. فعمّان هي مركز انطلاقة «حبيبة» الحقيقي نحو الشهرة في الأفق العربي. ورغم أن الحلويات الشامية ظلت على تنافس معها إلى وقت قريب، إلا أن اسم «حبيبة» له وقع خاص في آذان الأردنيين والفلسطينيين والمغتربين والسياح على حد سواء. القصة بدأت عندما جاء الحاج محمود حبيبة وشقيقه أحمد من نابلس إلى عمان، ومنها بدآ تأسيس «حلويات الحاج محمود حبيبة « العام 1951، في محل صغير ومتواضع في شارع الملك فيصل وسط البلد. توسّعَ المحل شيئاً فشيئاً، وحافظ على جودة حلوياته عبر تاريخه الذي ناهز ستة عقود، وافتُتحت له أربعة فروع في عمّان، كما أنشأ معملاً مركزياً متخصصاً بإنتاج الحلويات العام 1994. ما زال الحاج محمود وفياً لنابلس في الوقت الذي يدّخر فيه كثيرَ حبٍّ لعمان، التي شهدت انطلاقته وفيها أنجز بصمته التي أصبحت علامة جودة مسجلة في صناعة الحلويات. وصارت مهنة صناعة الحلويات طابعاً لعائلة حبيبة، إذ يعمل في هذا المجال هاني وهشام، ابنا الحاج محمود، وورّث هاني حبيبة أبناءه محمود ومنذر ومهند ومهدي، حبّ المهنة، وكذلك الحال بالنسبة لأبناء هشام: وليد ويزيد وبندر. «تركة» ذات مذاق خاص، أوصلها الحاج محمود لأبنائه الذين يعملون بدأب للحفاظ على ما توارثوه من تقاليد راسخة في هذه المهنة التي باتت علامة مميزة لعمّان تؤشر على تقدمهم وجودة منتجاتهم. |
|
|||||||||||||