العدد 12 - الملف
 

المعماري العالمي جعفر طوقان الذي يعدّ من أشهر معمارِيّ الحداثة في الوطن العربي، هو ابن الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان صاحب «موطني»، القصيدة التي ذاع صيتها على امتداد الرقعة العربية خلال القرن الماضي، وما زالت تردد كلماتِها حناجرُ آلاف التلاميذ في الطابور الصباحي.

وُلد في القدس العام 1938، لعائلة نابلسية شغوفة بالأدب والثقافة والفن، فوالده كان أحد الشعراء المنادين بالقومية العربية والمقاومة ضد الاستعمار الأجنبي، بخاصة الإنجليزي، حيث كانت فلسطين واقعة تحت الانتداب البريطاني. وقد ارتبط إبراهيم بعلاقة صداقة مع عرار شاعر الأردن، ودعاه مراراً لإلقاء محاضرات في إذاعة فلسطين في تلك الأيام، وكانت إحدى المحاضرات عن النَّوَر وحقوق المواطنة والمساواة في المجتمع الشرق أردني الناشئ آنذاك.

كما أن عمّة جعفر؛ فدوى طوقان الملقبة بـ«شاعرة فلسطين» واحدة من أشهر الشاعرات العربيات في القرن الماضي التي اصطبغت قصائدها بنكهة الحب والثورة.

حكاية جعفر طوقان مع الفن المعماري بدأت بعد تخرجه في الجامعة الأميركية ببيروت 1960، بدرجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، حيث عمل في قسم تصميم الأبنية بوزارة الأشغال في عمّان، والتقى في تلك الفترة مع عدد من المعماريين خريجي الجامعات، حيث كانوا قلة، فكان ترتيبه في سجلات النقابة 19.

انتقل بعد ذلك للعمل في بيروت، ما أتاح له فرصة التواصل والاحتكاك والنقاش مع كبار المهندسين العرب والأجانب، والاطلاع على تنوع المدارس المعمارية في العالم نظراً لكثرة المواد الإعلامية المتوفرة في بيروت من كتب ومجلات ومعارض ومحاضرات تتعلق بالحداثة المعمارية، فقام بتصميم مسجد «عائشة بكار» في بيروت العام 1970، الذي يعدّ عملاً غير مسبوق تميز بجرأته وحداثته في تصميم المساجد.

يحفل سجل طوقان المعماري بالعديد من التصاميم المتميزة في الأردن، إذ قام بتصميم مبنى جامعة العلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع الياباني «كنزو تانغ»، أشهر رواد المعماريين في القرن العشرين. كما صمم مبنى أمانة عمّان الكبرى الجديد برفقة المعماري راسم بدران، وعمل على تصميم متحف الأردن للآثار ومبنى بنك الأردن وفندق ومنتجع ماريوت البحر الميت وقرية الأطفال SOS العقبة.

على الصعيد العربي، قام طوقان بتصميم ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومشروع دار الحديث في المدينة المنورة في السعودية، ونال جائزة المدينة المنورة للعمارة 1997، كما حاز على جوائز دولية، أبرزها جائزة «الآغا خان» للعمارة العام 2001، والتي تعدّ أرفع الجوائز المعمارية في العالم.

كما عمل طوقان في مشاريع نوعية في عمّان، وقام بتصميم مكتب الملكة نور الحسين، وصمم ضريح الراحل الملك حسين، كما كُلّف بتصميم المخطط العام لحدائق الحسين بالتعاون مع شركة أجنبية متخصصة، إضافة لتصميم متحف السيارات والقرية الثقافية ومبانٍ أخرى في حدائق الحسين، وكذلك في مجمع المكاتب الجديدة للديوان الملكي.

جعفر طوقان، منسجم ومرتاح لكونه أردنياً وفلسطينياً في آن واحد، وهو سعيد لدوره في تطوير العمارة الأردنية، ولنيله جوائز عالمية باسم الأردن، كما أنه فخور بكل مساهماته من أجل دعم قضية فلسطين.

شخص معجب بأداء طوقان، فضّل عدم نشر اسمه، قال لـے: «إذا كان هذا المبدع منسجماً مع ذاته، فما مشكلة الآخرين؟».

جعفر طوقان: شيخ المعماريين في بلادنا
 
01-Jun-2010
 
العدد 12