العدد 12 - الملف
 

ذاع اسم «الجفر» في خمسينات القرن الماضي وستينياته، عندما استُخدم هذا السجن للزج بالمعتقلين السياسيين الأردنيين والفلسطينيين، وبخاصة النشطاء الشيوعيون والقوميون وأعضاء من حركة الضباط الأحرار الأردنيين إثر اتهامهم بمحاولة الانقلاب على الحكم.

على مسافة 200 كم متر إلى الجنوب من العاصمة عمان، شكّّل المعتقل الصحراوي الذي أنشئ في العام 1953 تحت اسم «سجن الجيش العربي» قبل أن يتغير إلى «الجفر»، حالة من الانصهار بين نزلائه من السياسيين على تباين انتماءاتهم الحزبية وعلى اختلاف أصولهم.

فقد اتسع المعتقل لأبو علي مصطفى المولود في بلدة عرابة قضاء جنين العام 1938، والذي أصبح لاحقاً أميناً عاماً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل اغتياله على يد إسرائيل العام 2001. أبو علي دخل الجفر في العام 1957 بحكم عسكري ليقضي خمس سنوات بتهمة مناوأة النظام، والقيام بنشاطات ممنوعة، والتحريض على السلطة. في العام نفسه دخل ابن الكرك القائد الشيوعي يعقوب زيادين لـ«الجفر» ليقضي سبع سنوات حتى صدر العفو العام 1965.

زيادين المولود في الكرك العام 1943 انتُخب نائباً في البرلمان الأردني العام 1956 عن مقعد القدس المسيحي.

الحزب الشيوعي الأردني تشكّلَ في العام 1951 من اندماج الماركسيين في شرق الأردن بقيادة يعقوب زيادين، مع عصبة التحرر الوطني في فلسطين التي أنشأها فؤاد نصار. نصار الذي انتُخب أميناً عاماً للحزب كان له مساحة في «الجفر» هو أيضاً.

وُلد نصار في سوريا لأب فلسطيني العام 1914 وانتقل إلى فلسطين حيث أنشأ مجموعات «أنصار» المسلحة العام 1936، وانتُخب أميناً عاماً لـ«مؤتمر العمال العرب « في فلسطين العام 1945.

وفي «الجفر» كانت هناك مساحة للّواء تركي الهنداوي الذي وُلد العام 1928 في محافظة إربد.

الهنداوي أطلق عليه رفاقه «أبو العاص»، لأنه كان عاصياً عن الزواج ما دامت فلسطين تحت الاحتلال، كما أنه كان يرفض أن يقدّم أو يتقبل الحلوى بالمناسبات والأعياد حداداً على سقوط فلسطين العام 1948.

الهنداوي الذي شارك في تأسيس حركة الضباط الأحرار برفقة: شاهر أبو شحوت، قاسم الناصر المولود في قرية إيدون في محافظة إربد 1925، ومحمود المعايطة المولود في محافظة الكرك 1933 ، تحت شعار «تحرير الجيش من السيطرة الأجنبية، والوحدة العربية، وتحرير فلسطين»، دخل «الجفر» برفقة زملائه في الحركة العام 1957، وهو برتبة رئيس أول بالجيش آنذاك، بسبب اتهامهم بمحاولة العمل على قلب الحكم، ليقضوا سبع سنوات انتهت بصدور العفو عنه العام 1965.

معتقل الجفر الذي أسقط الجنسية والهوية عن نزلائه، اتسع إضافة إلى هؤلاء، للعديد من القيادات السياسية والحزبية من كلا الضفتين، أمثال رشدي شاهين ابن نابلس، عبد العزيز العطي ابن غزة، فتحي البطاينة ابن إربد، فهمي السلفيتي ابن طولكرم، فؤاد قسيس ابن بيت لحم، حنا حتر ابن الفحيص، منيف الحمارنة ابن مادبا، صالح شعواطة ابن حيفا، محمود الكايد ابن السلط، فائق وراد ابن رام الله، منير شفيق ابن القدس، فايز الروسان ابن إربد، وبشير البرغوثي ابن رام الله.

المعتقل الذي غاص في النسيان ردحاً من الزمن، قفز إلى السطح في العام 2006، بعد أن اعتُقل فيه نائبا جبهة العمل الإسلامي محمد أبو فارس وعلي أبو السكر على خلفية زيارتهما لبيت عزاء أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن يتم إغلاقه في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2006.

«الجفر» يجمع تباين الانتماءات الحزبية ولا تعنيه الأصول
 
01-Jun-2010
 
العدد 12