العدد 12 - الملف
 

اتخاذ التعليقات على المواقع الإلكترونية أداةً لقياس توجهات الناس، لا يستند إلى أي منهجية علمية، فليس هناك إلى الآن دراسة علمية لنوعية المعلقين على هذه المواقع، تحدد بشكل دقيق إن كان هؤلاء يمثلون المجتمع بأطيافه المختلفة.

من هنا، فإن مشهد التراشق بالتعليقات بين شرق أردنيين وأردنيين من أصل فلسطيني، على خلفية صدور بيان المتقاعدين العسكريين، وبيان أحمد عبيدات، ومن ثم عشرات المقالات والتصريحات التي ناصر أصحابها أحد البيانين، هو مؤشر على عمق الشرخ الموجود بين الجهتين، ولكنه لا يعكس بالضرورة مساحة هذا الشرخ.

يصاب قارئ التعليقات بـ«الهلع» وهو يتابع هذا الكمّ الهائل من الكراهية والعنصرية واحتقار الآخر الذي نضحت بها التعليقات، الأمر الذي حوّل «النقاش» بين الطرفين إلى «بروفة» لحرب أهلية.

مثلا، شرق أردنيين طالبوا بنزع الجنسية عن «كل من أصله فلسطيني»، وحملوا الفلسطينيين الذين «يزاحمون» الأردنيين على «لقمة العيش» مسؤولية ما تعاني منه البلد من «مشاكل سياسية وديمغرافية وأمنية ومائية وزراعية واقتصادية»، وشبهوا تولي أردنيين من أصل فلسطيني مناصبَ سيادية براكب الحمار الذي «حطّ إيده في الخرج»، مذكّرين الفلسطينيين بأن «الأصل بالضيف أن له ثلاث أيام وثلث، مش 73 سنة».

في المقابل، فإن العنصرية دفعت فلسطينيين إلى القول بأنهم «أكثر شعب متحضّر»، وأنه بفضلهم «أصبح البدوي المقلعط يعرف يكتب ويحكي»، واتهموا الأردن بـ«التآمر» على القضية الفلسطينية، وطلبوا من الأردن وقبل «طرد» الفلسطينيين، أن يعمل أولاً على إعادة فلسطين التي كانت «تحت السيادة الأردنية» عندما احتُلَّت.

مقابل هؤلاء، كان هناك الكثير من الأصوات العقلانية من الطرفين، حذّرت من الفتنة، وطلبت من «المتناحرين» أن يتذكروا عدوهم المشترك، كان من بينها تعليق لافت، رسم فيه صاحبه سيناريو ساخراً لما سيكون عليه الحال لو انتقل الاقتتال من المواقع الإلكترونية إلى الشوارع «واشتبك الأردنيون والأردنيون من أصل فلسطيني في مواجهات دامية.. وقام الجيش الإسرائيلي بالتدخل... رحب العالم بالتدخل الإسرائيلي لوقف النزاع، وتم التوقيع على معاهدة تبقي الجيش الإسرائيلي إلى العام 2023».

سلاح التعليقات في معركة البيانات: بروفة لحرب أهلية
 
01-Jun-2010
 
العدد 12