العدد 12 - الملف
 

الذاكرة الجمعية الأردنية، تكاد لا تذكر اثنتين من الشخصيات الوزارية اللتين استُشهدتا وهما تؤديان الواجب في خدمة الدولة الأردنية، بقدرٍ مماثل لاحتفائها بشخصيتين أخريين، كان رحيلهم جميعاً مفجعاً ودرامياً، واستهدفتهم الجهات المعادية نفسها بغرض النيل من نظام الحكم الملكي في الأردن.

إبراهيم هاشم إحدى هذه الشخصيات التي تشترك مع وصفي التل وهزاع المجالي في أن استشهادها وقع وقد شغلت منصب رئاسة الحكومة أكثر من مرة. وفيما استُهدف وصفي وهزاع، وهما على رأس الوزارة الأردنية، استُهدف إبراهيم هاشم وهو يشغل منصب نائب رئيس الوزراء في الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق العام 1958.

هزاع المجالي قضى في تفجير مبنى رئاسة الوزراء العام 1960 في عهد حكومته الثانية، فيما قضى وصفي التل في حادث اغتيال استهدفه في القاهرة التي قصدها بصفته وزير الدفاع لحضور اجتماع لمجلس وزراء الدفاع العربي المشترك العام 1971، والذي جاء بعد خروج قوات المقاومة الفلسطينية من الأردن على أثر المواجهة مع الجيش العربي التي اندلعت في أيلول/سبتمبر 1970.

إبراهيم هاشم شخصية عروبية من طراز رفيع، وُلد في نابلس العام 1886، ونال شهادة الحقوق من الأستانة العام 1910. وعلاوة على كونه من رموز الثورة العربية الكبرى، فقد عمل في خدمة الدولة الأردنية عقوداً عدة حتى استشهاده في بغداد لدى إطاحة ثورة عبد الكريم قاسم بعرش الملك فيصل، وكان برفقته وزير الدفاع في الاتحاد الهاشمي سليمان طوقان، إحدى الزعامات النابلسية التي حملت الحقيبة الوزارية ثلاث مرات في حكومتَي توفيق أبو الهدى وإبراهيم هاشم، ثم شغل منصب وزير البلاط.

ولما رحل طوقان، فقدت شقيقتاه فخرية وفريدة معيلهما، فحارت الحكومة آنذاك كيف تقدم لهما المساعدة، واستقر الأمر على تقديم تعويض لهما سُمّي تعويض «مساواة» بقيمة ألف دينار، صدر بقانون رقم 41 لسنة 1958.

شغل إبراهيم هاشم الوزارة الأردنية خمس مرات، ولم يتفوق عليه في شغل الوزارة على امتداد تاريخ البلاد سوى توفيق أبو الهدى (12 مرة)، سمير الرفاعي وبهجت التلهوني (6 مرات لكل منهما). غير أن الفترة الفاصلة بين تشكيل أول وآخر حكومة لإبراهيم هاشم هي الأطول في تاريخ الأردن، إذ امتدت على 24 سنة، بينما بلغت 19 سنة عند سمير الرفاعي، 12 سنة عند توفيق أبو الهدى، 10 سنوات عند بهجت التلهوني، و8 سنوات عند وصفي التل لحكوماته الخمس.

إبراهيم هاشم خدمَ الدولة في عهود ملوك الأردن عبدالله الأول وطلال والحسين. وشهد مراحل حساسة في تاريخ البلاد، ففي عهد حكومته الثانية، حصل الأردن على استقلاله، وأعلنت المملكة الأردنية الهاشمية. وفي أول رئاسة له لمجلس الأعيان من بين ثلاث دورات، اعتلى الملك طلال العرش، وصدر الدستور الأردني الحالي. وفي رئاسته الثانية للأعيان، تسلم الحسين سلطاته الدستورية ملكاً للأردن. ورغم أنه قد عُهد لحكومته الخامسة تصفية حقبة العهد الديمقراطي لحكومة سليمان النابلسي، إلا أن حكومته الرابعة هي التي أشرفت على الانتخابات التي كلف في أعقابها النابلسي بتشكيل الحكومة، وهي أنزه انتخابات نيابية شهدتها المملكة قبل احتلال الضفة الغربية العام 1967.

إبراهيم هاشم وسليمان طوقان: شهيدان أردنيان مغيَّبان
 
01-Jun-2010
 
العدد 12