العدد 12 - محلي
 

«قصة نجاح» هو التعبير الذي استخدمته ممثلة اللجنة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، لوصف «سياسة الجوار الأوروبية»، وذلك بمناسبة إطلاق الاتحاد في أيار/مايو 2010، تقاريره التقييمية لأداء ست عشرة دولة استهدفتها هذه السياسة، من بينها الأردن.

السياسة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي العام 2004، ويرصد لها 2 مليار يورو سنوياً، تقوم فكرتها الأساسية على تقديم منح، وتنفيذ مشاريع تنموية مشروطة بإجراء إصلاحات سياسية، اقتصادية واجتماعية.

رغم وجود انتقادات هنا وهناك، فإن تقييم الأردن كان إيجابياً، فقد نوّه التقرير بـ«الجهود التي يبذلها الأردن للمضي قدماً في طريق الإصلاحات المرتكزة على قيم الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان»، كما ذكر أن الأردن أحرز تقدماً في مجالات «حقوق الإنسان والحريات الأساسية مثل حقوق المرأة من العنف المنزلي والمعاملة على قدم المساواة، وحقوق الطفل ومكافحة الإتجار بالبشر»، كما أحزر تقدماً في مجالات «النقل والطاقة المتجددة والعلوم والتكنولوجيا».

الإيجابية «غير المعتادة» في التقارير الدولية، تعود إلى اعتماد «النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب» كمنهج لهذا التقرير، وأبرز مثال على ذلك أن خطوة حل البرلمان التي لعبت دوراً رئيسياً في تغيير تصنيف الأردن من بلد «حر جزئياً» إلى بلد «غير حر» في تقرير منظمة freedom house الأميركية عن واقع الحريات في الأردن العام 2009، رُصدت في تقرير الاتحاد الأوروبي كمؤشر على التوجه نحو الإصلاح السياسي.

فقد عرض التقرير هذه الخطوة بوصفها جاءت في سياق الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة، ستنفذ وفق قانون انتخابات جديد سيعمل على «تحسين فرص تمثيل النساء وفئات اجتماعية أخرى».

في السياق نفسه، فإنه وعلى عكس تقارير أخرى أكدت تردي واقع الحريات الصحفية، ومنها التقريران الأخيران لمنظمة freedom house، ومركز حماية حرية الصحفيين، فإن تقرير الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الأردن حقق «تقدماً وفق المؤشرات الدولية في ما يتعلق بحرية الصحافة»، لكنه أعرب عن مخاوفه من قانون العقوبات الذي ما زال يجيز سجن الصحفيين ويوقع عليهم غرامات ويشجع الرقابة الذاتية.

الأمر الآخر الذي أسهم في إشاعة جو من الإيجابية في التقرير، أن تقييم أداء الأردن كان مستنداً بشكل أساسي إلى «الإجراءات» التي تم اعتمادها العام 2009، ولم يستند إلى نتائجها العملية التي نوّه أكثر من مرة إلى وجوب «الانتظار» قبل تلمُّس نتائج التطبيق العملي لها.

فمعيار تحقيق الأردن «المزيد من التقدم على صعيد الحكم الرشيد والشفافية» كان برنامج الإصلاح «الطموح» الذي كُلفت به الحكومة الجديدة، وبدء عمل ديوان المظالم، واعتماد مدونة سلوك تنظم العلاقة بين الحكومة ووسائل الإعلام، و«تفعيل» دور الناطقين الرسميين، وعقد اجتماعات دورية مع الصحافة.

كما أن «تحسُّن» ظروف الاحتجاز استند إلى مذكرة التفاهم التي وقعها المركز الوطني لحقوق الإنسان ومديرية الأمن وتسمح لمحامين بالقيام بزيارات مفاجئة إلى مراكز الاعتقال.

في السياق نفسه، فإن «التقدم» في جهود مكافحة الفقر الذي ذكر التقرير أن وضعه في الأردن «مثير للقلق»، حيث يعيش 10 في المئة من السكان بأقل من دينار يومياً، كان مستنداً إلى إنشاء هيئة للتنسيق بين جميع برامج مكافحة الفقر، وإلى إنشاء قسم خاص للفقر في دائرة الإحصاءات العامة، هو الأول من نوعه في العالم العربي.

إضافة إلى الأردن، فإن الدول المشاركة في سياسة الجوار الأوروبية، هي: الجزائر، مصر، لبنان، السلطة الفلسطينية، إسرائيل، سوريا، تونس، المغرب، أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، جورجيا، مولدوفا وأوكرانيا، إضافة إلى ليبيا التي تشارك في الاجتماعات بصفة مراقب.

الهدف من سياسة الجوار كما يقول تقرير تقييمي لإنجازات السنوات الخمس الماضية، صدر بالتزامن مع التقارير الخاصة بالدول المشاركة، هو ضمان أمن أوروبا من خلال تحقيق الاستقرار في مناطق جوارها، فبعد عشرين سنة من انتهاء الحرب الباردة فإن أوروبا كما يقول التقرير، تواجه تهديدات جديدة تتمثل في أن النزاعات والتوتر الذي تعيشه مناطق جوارها تؤثر على أمنها من خلال الإرهاب، الجريمة المنظمة، الهجرة غير الشرعية والقرصنة.

بحسب التقرير، فإن الفقر وعدم المساواة وانتهاك سيادة القانون، من الأسباب الرئيسية للنزاعات وقلة الأمن في مناطق دول الجوار الأوروبي. من هنا، فإن تعزيز إصلاحات تستهدف احترام حقوق الإنسان في هذه الدول، وتخفيض الفقر فيها، وتعزيز سلطة القانون، هو في المحصلة معالجة لجذور هذه النزاعات.

الأردن في تقرير سياسة الجوار الأوروبية: النصف الممتلئ من الكوب
 
01-Jun-2010
 
العدد 12