العدد 12 - راحلون
 

كان آخر لقاء لنا قبل شهور عدة في بيت الصديق مصطفى الحمارنة، ولم نكن نعلم أنه سيكون اللقاء الأخير الذي يجمعنا مع الصديق أحمد الربايعة، لأننا في ذلك اللقاء وقفنا على الأطلال أكثر مما فكرنا في المستقبل، وتذكّرنا بطريقة نوستاليجية تلك اللقاءات الجميلة مع الأصدقاء، التي كنا نتسامر فيها، ونناقش أمور الحياة المختلفة وأحلامنا حول الجامعة والوطن.

كان «أبو الربيع» كما كان يحب أن نناديه، فاكهة اللقاءات وميزانها، حيث كان قادراً دوماً على إعادة التوازن للنقاش والحكم على الأشياء والناس.

اتسم أبو الربيع بحس مرهف تطغى عليه الإنسانية، وتحركه المشاعر أكثر من أي شيء آخر. كنا نفرح ونحتفل بالحياة معاً، وكان دائماً فخوراً بميزات أصدقائه وإنجازاتهم، سواء كان ذلك في اللقاءات غير الرسمية أو من خلال زمالته في قسم علم الاجتماع.

كان هادئاً بطبعه، مقلاًّ في كلامه، ولم تشغله يوماً توافه الأمور، ولم يكن صدامياً مع زملائه أو أصدقائه، بل ظل يتمتع بنظرة ثاقبة ومواقف راسخة.

حياته رحلة من الكفاح والمثابرة، أنجز خلالها -كالعديد من أبناء القرى الأردنية آنذاك- طموحاته المهنية والعائلية، ولعل تجربة الحياة التي خاضها انعكست عليه أخلاقاً وإنسانيةً وتواضعاً مع الكثير من الكبرياء، ولتكرس هذه الصفات في أبنائه من بعده.

ليس من السهل أن تفيق يوماً وتعلم أن أحد الأصدقاء قد رحل فجأة عن هذه الدنيا دون أن تراه أو تودعه، ولكن الأمر الوحيد الذي يخفف من هذه الصدمة هو الذكريات المليئة بالمحبة والاحترام.

أحمد الربايعة: رحلة من الكفاح والمثابرة
 
01-Jun-2010
 
العدد 12