العدد 12 - راحلون | ||||||||||||||
وُلد في بيتٍ اتخذ من مهنة الضيافة والإقامة عملاً ومهنة. حبا خطاه الأولى في ردهات فندق بغداد الكبير، حيث كان الوالد يعقوب حبّو مالكاً ومديراً للفندق. تعلّم اللباقة وحسن اللقاء من والده الذي حرص على العناية بنزلاء فندقه كأنهم ضيوف عليه. ترعرع عدنان وهو يسترق السمع لأحاديث علية القوم في بغداد، يبحثون أمور الساعة، ويزهون مرجحةً وطرباً للغناء والموسيقى اللذين يملآن المكان. ساعد والدَهُ في إدارة الحفلات وتنظيم الولائم، قبل أن يقرر دراسة علوم الفندقة والضيافة في لوزان بسويسرا، ويعود بعد التخرج إلى بغداد، ليعظّم من شأن فنون هذه المهنة التي عشقها منذ الطفولة. وتبدأ الرحلة الطويلة بعد العام 1958، عندما غادر عدنان بغداد مقهوراً، لأن أيادي القتَلة بددت حلمه الكبير، فخرج إلى جناح المملكة الهاشمية الغربي، ليرعاه الهاشميون ويحققوا حلمه بتسليمه إدارة مناهج التدريب الفندقي. حينها، وضعَ أول هذه البرامج بالتعاون مع طلائع الشبان الأردنيين، من مثل أسامة الدباس، أسامة مسعود، إسماعيل الحسن، نويل مسعود، ميشيل نزال وعطية الحمارنة، مع حفظ الألقاب. وقد تبوأ كلٌّ من هؤلاء منصب المدير العام لفنادق السلاسل العالمية، أو أُسندت إليه وزارة السياحة. تتوسع بعدها نشاطات عدنان، لتشمل خدمات الضيافة وتموين الطائرات في الملكية الأردنية؛ يدير طواقم الخدمات الجوية، ويشرف على تزويد طائرات الملكية بكل ما يحتاجه المسافر. ويستمر عطاؤه في الملكية، ليشمل الخدمات الأرضية أيضاً، ثم ينتقل للعمل مديراً لمحطة شيكاغو، لتبدأ رحلته العالمية، التي حملته إلى أقاصي الشرق في فيتنام والصين خبيراً في منظمة العمل الدولية، واضعاً المناهج التعليمية والتدريبية في فنون الطهي والضيافة والسياحة والعلاقات الإنسانية، كما شملت هذه الخبرات المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، ليصبح عدنان مرجعاً للضيافة والفندقة والسياحة. كان كريماً في علمه ومعرفته ومحبته، دائم الابتسامة، خفيف الظل، يجيد إلقاء النكتة بلغات ولهجات متنوعة. ودّعتُه قبل أسبوع من رحيله، وبعد أن تعذر عليه تناول الطعام، حملتُ له العسل الصافي ممزوجاً بملكات النحل، فكان العسل آخر ما تذوقَ. كيف لا، وهو الذي نهل من خلية المحبة والعطاء. رحل عدنان راضياً مرضياً. رحمك الله يا أبا زيد، وكل المواساة لأيسر وزين، وأصدقائك الذين تلقّوا نبأ رحيلك الفاجع بكل أسى. |
|
|||||||||||||