العدد 12 - أربعة أسابيع | ||||||||||||||
ليس بسبب فتوحاته العلمية الفذة في اللغويات والنحو التوليدي، مُنع عالم اللغويات الشهير والمفكر العالمي الأميركي اليهودي نعوم تشومسكي، من دخول المناطق الفلسطينية لإلقاء محاضرة في جامعة بير زيت. فهذا هذا المنع الذي جرى في 16 أيار/ مايو، ووفق تصريح تشومسكي نفسه في لقاء أجرته معه صحيفة الغد، 20 أيار/ مايو، سببه «رفض إسرائيل أن تكون جامعة بير زيت مستقلة»، ولإيصال رسالة له بأنه غير مخوَّل بالحديث وإلقاء المحاضرات أمام طلبة فلسطينيين إلا بموجب إذن من إسرائيل. يؤكد ذلك أن تشومسكي، سبق له أن حاضر في «بير زيت»، ولكن على هامش زيارة قام بها لدولة الاحتلال. وقد قوبل القرار الإسرائيلي باستهجان بالغ في أوساط المثقفين ومناصري القضايا الإنسانية، وبلغ الأمر بنورمان فنكلشتاين، أستاذ علم السياسة الأميركي، في حوار أجراه معه موقع واي نت التابع لصحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، أن يقول إن إسرائيل «سقطت من حافة الهاوية». وأضاف أن قرارها «غير حكيم»، وأن هذا أمر «تستخف» به إسرائيل بالعالم كله «رغم كونها كونها دولة ضئيلة». تشومسكي من جانبه، لم يتوقع رفضَ منحه الإذن بالدخول. يقول: «سمعت عن إيقاف الناس على الحدود، لكني لم أسمع عن إيقاف مثقف. كنت في الحقيقة قد تحدثت في بير زيت من قبل، لكن لم يسبق لي أن طلبت إذناً بذلك، ولم يكن أحد يسأل أيضاً، غير أن هناك فارقاً واحداً بين هذه الحالة وبين الحالات الأخرى، وهو الأمر الذي استمر المحقق في التحدث عنه، والذي ظل يتكرر خلال اتصالاتي مع وزارة الإعلام: لماذا كنت سألقي محاضرة في جامعة بير زيت ولا ألقي محاضرات في جامعات إسرائيلية؟». ولأن تشومسكي، وفق فهرس مراجع الفنون والإنسانيات، أكثر مفكر من الأحياء تمَّ الاقتباس من أفكاره ومقولاته في الأعوام 1980-1992، ولأنه ثامن شخص يجري الاقتباس منه في تاريخ الإنسانية على الإطلاق، فقد تسبب رفض السلطات الأمنية الإسرائيلية دخوله واضطراره إلقاء المحاضرة لطلبة جامعة بير زيت من عمّان عن طريق الأقمار الصناعية، بإحراج كبير للدولة العبرية، فالرجل المعروف كناشط سياسي، وناقد لاذع للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ليس نكرة على الإطلاق عندما يتعلق الموضوع بالانتشار الإعلامي والإسهام الجاد في دوريات عالمية لها حضورها الساطع في أربع جهات الأرض. رفْض إسرائيل منح تشومسكي إذناً بدخول المناطق الفلسطينية، أتاح للجمهور الأردني أن يلتقيه بعض الوقت، وينصت إلى رؤاه العميقة في أكثر من مكان ومناسبة ظلت كلها غنية ولو أنها جاءت مرتجلة. وبعد كل شيء، استطاع تشومسكي أن يقول كلماته التي جاء ليقولها، وأن يتحاور مع الجمهور الفلسطيني في جامعة بير زيت عبر الأقمار الصناعية، في 18 أيار/ مايو، متحدثاً من الجامعة الأردنية. |
|
|||||||||||||