العدد 11 - ... ودقّة على المسمار
 

وحدهم الكتاب والمثقفون بين بقية أصحاب المهن، يشغلون أنفسهم بطريقة حمل أدوات عملهم، أي أقلامهم وأوراقهم، ومؤخراً حواسيبهم الشخصية، ويتوتّرون كثيراً إزاء هيئتهم التي يبدون عليها وهم يحملون تلك الأدوات.

الحرّاث مثلاً، يحمل محراثه الضخم ويمشي من دون أن يعتني كثيراً بهيئته أثناء ذلك، بل إنه يحرص فقط على أفضل طريقة لحمل محراثه بما يوفر القدر الأكبر من الراحة لكتفه حيث يرتكز المحراث.

عامل البناء كذلك، يلفّ «خُرْجه» حول خصره ويثبت شواكيشه وأزاميله وقطّاعاته ومساميره من ودون أن يسأل الآخرين: كيف تروني؟

وحده الكاتب يستلّ قلمه بعناية، ويحمل أوراقه وكتبه بشكل مدروس بعد أن يمسك بها بيد مضمومة إلى الأعلى فوق صدره بحيث تقترب الأوراق والكتب من منطقة ما تحت الإبط.

حافظات الأوراق اختراع مناسب لخفض منسوب قلق الكاتب على أدوات عمله، بل لقد أصبحت هي ذاتها أدوات عمل جديدة، ومثلما تُعدّ الأقلام الفاخرة هدايا قيّمة، فإن الحافظات وجدت مكانها في عالم الهدايا، وفي المؤتمرات الثقافية وورش النقاش يكون للحافظات حضور كبير، بل إن نجاح المؤتمرات يقاس عند لحظة معينة بنوع الحافظات التي تم توزيعها على المشاركين، وكثيراً ما تشكل الحافظات الفاخرة تعويضاً عن فشل المؤتمر ككل.

مشكلة الكاتب الخفية في علاقته بالأداة الرئيسية، القلم، تكمن في أن الإيحاءات التي يحملها القلم لا تكفي لتحقيق الثقة اللازمة بالنفس، فالقلم له قوام رفيع، وقد يتوقف عن الكتابة ويحتاج للنفض إذا كان من الحبر الناشف، وللبري إذا كان رصاصياً، وقد تضطر إلى ترطيب رأسه باللعاب إذا كان من الحبر السائل، ثم إن القلم قد ينشف حبره وقد يفيض.. إلخ.

لهذا ربما، يصر الكتّاب دوماً عندما يكون النقاش حول المسؤوليات والأدوار على القول: «نحن لسنا مجرد حمَلة أقلام».

عدّة بلا «كرستة»
 
01-May-2010
 
العدد 11