العدد 11 - نبض البلد
 

ثلاثاً من أبرز التجارب الفنية التي استلهمت الحرف العربي في إنتاج تكوينات وأشكال بصرية موحية، ضمّها معرض «جماليات الخط العربي»، ونُفّذت بريشات التشكيليين: الروسي فلاديمير بوبوف، والأردنيَيين رفيق اللحام ومحمد أبو عزيز.

رغم ما تتفرد به تجربة كلٍّ من هؤلاء الفنانين، إلا أن ثمة خطّاً واحداً يجمعها، هو الاشتغال على الحرف العربي بالتجاوب مع متغيرات العصر وتحدّياته، إذ قدم بوبوف الذي عُرف باشتغاله على الخط العربي والزخرفة الشرقية والرسم والتصوير والخزف، صوراً كاملة وأشكالاً مبتكرة من حركات الحروف وتشابكاتها في الكلمة، متكئاً على جماليات الخط وتجاويفه وانحناءاته ومكوناته.

وأوضح بوبوف، خلال لقاء نظمه له المركز الثقافي الروسي في عمّان قبيل افتتاح المعرض، أنه اكتشف، قبل عقد من الزمن، عمق هذا النوع من الفن الإسلامي وحساسيته، ومدى ارتباطه بإيقاع الحياة اليومية، وقال: «عاينت من قرب، خلال جولاتي في العالمَين العربي والإسلامي، مساجد وفنوناً إسلامية، شكلت مصدرَ إلهام بالنسبة لي». وأضاف الفنان الذي أنجز ما يقارب 1500 لوحة، أن سبب شغفه بالخط العربي، هو ما تملَّكَهُ من إحساس بالحيرة للكيفية التي حافظ بها هذا الخط على توهجه لزمن طويل.

أما اللحام، فقدم لوحات توظف جماليات المدرسة الحروفية على السطح التصويري، وتستلهم روح الزخرفة الشرقية والمفردات المعمارية القديمة، من مثل القباب والأبواب والنباتات والبسُط العربية المنفذة بطريقة تقارب الزخرفية.

كذلك، عرض اللحام الذي نال وسام الكوكب من الدرجة الثانية 1988، وجائزة الدولة التقديرية للفنون التشكيلية 1991، لوحات نُفذت بتقنيات الحفر الغرافيكي مستوحاة من الموروث النبطي للمدينة الوردية، إضافة إلى تخطيط آيات قرآنية وحِكَم ومأثورات.

وعرضَ أبو عزيز لوحات تنطوي على مقاطع صوفية كُتبت بالخط الإيراني المسمّى «النسخ – تعليق»، على طريقة الخطاط المعروف مير عماد الحسنى، وتتضمن قصائد صوفية لشعراء إيرانيين.

وأوضح أبو عزيز لـے الأسباب التي دفعته لخوض غمار هذه التجربة قائلاً: «عندما أكتب الحروف بالخط الإيراني، أشعر بجمالياتها المختلفة عن جماليات الخط العربي، إذ من الممكن أن يتداخل حرفَا الدال والراء مثلاً».

إلى ذلك، قدم أبو عزيز لوحات بدأ العمل على إنجازها منذ العام 2007، وهي منبثقة من وحي المكان التاريخي، وتؤشر على العلاقة المميزة بين فضاء المكان والنص الشعري الصوفي، ومن العبارات التي استخدمها: «ألم أقل إن هناك وطناً، يقطن بوردة صغيرة: اسمه: بستان»، و«ما أنت سوى معبر اقتضمته أسرار الحياة». يقول أبو عزيز: «ربطت بين الخط والصوفية لأن في كليهما اعتكافاً»، متابعاً: «الخطاط عندما يبدأ الكتابة لا بد ينعزل، وهذه العزلة أساس الإبداع في الكتابة، كما هي أساس الطقس الصوفي في علاقته الروحانية بالخالق».

لوحات أبو عزيز المركّبة تبحث في الجانب الجمالي لتكوينات الحروف، سواء المقروء منها أو غير المقروء في النص البصري. وقد نُفذت وفق تقنيات فنية متعددة، وخامات متنوعة منها الخشب والورقيات والكانفس، ومنحها الفنان ألواناً ترابية من البنّي وتدرجاته، مشتغلاً على تعتيق السطح المرتبط بفكرة الكتابة القديمة والمكان التاريخي، كما عمد إلى اللون المذهَّب المرتبط بالكتابات المقدسة.

«جمــاليـــات الخـط العــربي»: صـوفيّــة الحـرف
 
01-May-2010
 
العدد 11