العدد 11 - سينما وتلفزيون
 

تَوّجت النجمة السينمائية ساندرا بولوك مشوارها السينمائي بفوزها العام الجاري بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في دور رئيس عن فيلم «الجانب المظلم» The Blind Side، متفوقة في ترشيحها الأول لجائزة الأوسكار على أربع منافسات قويات في مقدمتهن صديقتها الممثلة القديرة ميريل ستريب.

فازت بولوك عن هذا الدور بثلاث جوائز سينمائية أخرى، هي جائزة الكرات الذهبية، وجائزة رابطة الممثلين السينمائيين الأميركيين، وجائزة رابطة نقاد السينما الأميركيين. ومن المفارقات أن بولوك رفضت قبول أداء دور البطولة في هذا الفيلم ثلاث مرات، لأنها لم ترغب في أداء دور سيدة مسيحية متزمتة. ومن حسن حظها أنها عادت وغيّرت رأيها وقبلت الدور الذي جلب لها أرفع الجوائز السينمائية.

هذه الجوائز ليست سوى جزء من قائمة طويلة من الإنجازات السينمائية لهذه الممثلة التي رُشحت على مدى خمس عشرة سنة لما مجموعه 68 جائزة سينمائية، وفازت بـ37 جائزة تشمل خمساً من جوائز «خيار الشعب» الأميركية بين العامين 1996 و2010. ويتم اختيار الفائزين في تصويت شعبي يُجرى في الولايات المتحدة سنوياً في مجالات السينما والتلفزيون والموسيقى.

من الإنجازات الأخرى التي حققتها بولوك، أنها تحتل المركز الثالث في الأجر بين نجمات هوليوود بعد الممثلتين جوليا روبرتس وكاميرون دياز، حيث بلغ أجرها 17.5 مليون دولار عن فيلم «مس كونجينياليتي» الذي أُنتج لعام 2000، وقد بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لأفلام بولوك على شباك التذاكر 3.1 بليون دولار.

وُلدت بولوك في مدينة آرلنجتون بولاية فرجينيا في ضواحي العاصمة واشنطن لأسرة فنية، حيث كانت والدتها ألمانية الأصل مغنية أوبرا، وكان والدها مختصاً في التدريب على أصول الغناء. وأمضت بولوك سنوات طفولتها في التنقل بين ولاية فرجينيا وألمانيا التي عاشت فيها سنوات عدة. ورافقت والدتها في جولاتها الغنائية في أوروبا والولايات المتحدة، وشاركت في عدد من عروض الأوبرا مع والدتها في فرق الأطفال الغنائية، كما درست في طفولتها الفنون الصوتية ورقص الباليه. وساعدتها خلفيتها الغنائية في ما بعد على أداء أدوارها السينمائية الغنائية، مثل فيلم «الشيء الذي يسمى الحب»، 1993، الذي أدّت فيه دور مطربة للأغاني الريفية الأميركية، وقامت بتأليف إحدى أغنياته وتلحينها وغنائها.

أظهرت بولوك ولعاً بالتمثيل منذ الطفولة، وظهرت في العديد من الأعمال المسرحية في المدرسة الثانوية بعد أن عادت أسرتها من ألمانيا واستقرت في فرجينيا. وواصلت نشاطها المسرحي خلال دراستها بجامعة إيست كارولينا الواقعة في ولاية نورث كارولينا. ثم عقدت العزم على احتراف التمثيل، فتوجهت إلى نيويورك، عاصمة المسرح الأميركي التي تحتضن مسارح برودواي الشهيرة، حيث سارت على خطى عشرات الآلاف من الممثلين والممثلات الأميركيين الذين توافدوا على تلك المدينة على مر العقود، بحثاً عن العمل في ميدان التمثيل، والذين حالف الحظ بعضهم بتحقيق الشهرة والنجومية في عالم السينما بهوليوود الواقعة على الجانب الآخر للولايات المتحدة، مروراً بمسارح برودواي.

مرت بولوك بمراحل الكفاح التقليدية التي سبقها إليها غيرها من الممثلين والممثلات، بدءاً بالعمل نادلةً في مطاعم نيويورك وسوى ذلك من أعمال متواضعة، وتحيُّن الفرص للظهور في إعلانات تلفزيونية وأدوار مسرحية قصيرة وتلفزيونية ثانوية، كما فعلت قبلها ممثلات مرموقات مثل جوليا روبرتس وميريل ستريب، قبل الوصول إلى أدوار البطولة في المسارح المحلية ومن ثم الانتقال إلى مسارح برودواي.

أدركت بولوك خلال تلك المرحلة أهمية مواصلة تعليمها الأكاديمي في حقل التمثيل، فالتحقت بمعهد نيبرهود بليهاوس الشهير بنيويورك. وظهرت خلال ذلك في عدد من الأفلام الطلابية التدريبية، ثم في سلسلة من المسرحيات، كما ظهرت في باكورة أفلامها، وهو فيلم الحركة والمغامرات «رجال المشنقة» العام 1987. وأثار أداؤها في مسرحية «لا وقت محدداً» اهتمام المخرج ألان ليفي الذي أسند لها دوراً في فيلم الخيال العلمي التلفزيوني «المواجهة البيونية: رجل الستة ملايين دولار والمرأة البيونية» العام 1989.

قررت بولوك الاستقرار في هوليوود، وقامت بسلسلة من الأدوار المساعدة في عدد من الأفلام المستقلة، وببطولة المسلسل التلفزيوني «الفتاة العاملة» في العام 1990. وكان من أوائل أفلامها التي أثارت اهتمام النقاد فيلم الخيال العلمي «رجل التدمير» الذي عُرض العام 1993. إلا أن الذي جلب لها الشهرة والنجومية كان فيلم الحركة والمغامرات «سرعة» للمخرج الهولندي يان دي بونت، الذي عُرض العام 1994. هذا الفيلم هو أكثر أفلام بولوك نجاحاً على شباك التذاكر، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 350 مليون دولار. ومن المفارقات أن معظم أصدقاء بولوك ومعارفها نصحوها بعدم قبول دورها في هذا الفيلم، لأنه كما قالوا لها ليس سوى «فيلم حافلة»، وذلك في إشارة إلى المطاردة السريعة للحافلة الملغومة طوال عرض الفيلم. واقترن النجاح الجماهيري لهذا الفيلم بنجاحه الفني، حيث فاز بأربع عشرة جائزة سينمائية، بينها اثنتان من جوائز الأوسكار.

ثبّتَ فيلم «سرعة» وسلسلة من الأفلام الناجحة الأخرى التي تلته، مكانة ساندرا بولوك منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي بوصفها واحدة من كبار نجمات هوليوود ومن أعلاهن أجراً. من أبرز تلك الأفلام: «فيما كنت نائماً» 1995، «الشبكة» 1995، «وقت نضيعه» 1996، وفيلم الرسوم المتحركة «أمير مصر» 1998، «28 يوماً» 2000، «مس كونجيليانيتي» 2000، «تصادم» 2004، «منزل على البحيرة» 2006 و«الهاجس» 2007. وتخلل هذه السلسلة السينمائية صدور فيلمين مكمّلين لفيلمي «سرعة» و«مس كونجيليانيتي» هما كل من فيلم «سرعة: التحكم في سفينة الاستجمام»1997، و«مس كونجيليانيتي: مسلحة ورائعة» 2005، إلا أن هذين الفيلمين لم يرقيا إلى مستوى الفيلمين الأصليين، ويمكن عدّهما فيلمين استغلاليين للفيلمين لهما.

خاضت بولوك ميدان التأليف والإخراج السينمائي العام 1989 في الفيلم الروائي القصير «إعداد الساندويشات» الذي تقاسمت بطولته مع الممثلين ماثيو ميكاني وإريك روبرتس. وقالت في مقابلة عن تجربتها الوحيدة في الإخراج إنها أخرجت هذا الفيلم لتجريب هذا المجال، وخلصت إلى أنها في حين تتمتع بالإنتاج والتمثيل فهي لا تتمتع بموهبة القيادة اللازمة للإخراج السينمائي. وتملك بولوك شركة للإنتاج السينمائي والتلفزيوني منذ العام 1996، أنتجت أكثر من 12 عملاً سينمائياً وتلفزيونياً.

بلغت أفلام بولوك ذروة نجاحها في العام 2009 الذي قدمت فيه ثلاثة أفلام، هي: «الجانب المظلم»، «العرض» و«كل شيء عن ستيف». وقد جمع الفيلمان الأول والثاني بين النجاح الفني والجماهيري، وحصدا مجتمعَين أكثر من 600 مليون دولار على شباك التذاكر. لكن الفيلم الثالث لم يحقق أي نجاح يُذكر.

نتيجة لذلك أصبحت بولوك أول ممثلة تفوز في العام نفسه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في دور رئيس عن فيلم «الجانب المظلم» وتُمنح جائزة «رازي» لأسوأ أداء تقوم به ممثلة عن فيلم «كل شيء عن ستيف». ومع أن معظم ممثلي هوليوود الذين يُمنحون جائزة رازي يمتنعون عن حضور الحفلة التي تقدَّم فيها هذه الجائزة، فقد حضرت بولوك -المعروفة بتواضعها وبخفة ظلها وحيويتها وحدة ذكائها- تلك الحفلة، واستلمت الجائزة برحابة صدر قبل فوزها بجائزة الأوسكار بيومين فقط.

بعد مرور أسبوع على فوز بولوك بجائزة الأوسكار، تعرّض زوجها رجل الأعمال والممثل جيسي جيمس لفضيحة كبرى حين أعلنت نساء عدة أنهن كن عشيقاته خلال فترة زواجه المستمرة منذ أربع سنوات ونصف السنة من بولوك. وقد أدى ذلك إلى انفصالها عن زوجها الذي قدّم لها اعتذاراً علنياً على خيانته الزوجية. ومن المفارقات أن بولوك كالت المديح لزوجها وعَزَت إليه الفضل في تحقيق جزء كبير من نجاحها قبل أسبوع واحد فقط من انفصالهما عند استلامها جائزة الأوسكار. ويثير توقيت الإفشاء بهذه العلاقات الجنسية من عشيقات زوج بولوك بعد مرور أسبوع على فوزها بجائزة الأوسكار بعض التساؤل، وكأنهن كنّ ينتظرن فوزها بتلك الجائزة قبل أن يفضحن زوجها على الملأ.

يشار إلى أن ساندرا بولوك معروفة بخدماتها الاجتماعية والإنسانية وتبرعاتها السخية للمنظمات الخيرية والقضايا الإنسانية، وقد قدمت ملايين الدولارات لمنظمة الصليب الأحمر ولمساعدة ضحايا الموجة المدية تسونامي في آسيا وضحايا الإعصار كاترينا في مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيانا، وضحايا الزلزال في هايتي. وقد قُدّرت ثروتها الشخصية في العام 2007 بأكثر من 85 مليون دولار. وهي تملك منازل في عدد من الولايات الأميركية، كما تملك سلسلة من المطاعم.

نجمة الأوسكار ساندرا بولوك: جائزتا أفضل ممثلة وأسو أأداء بفارق يومَين
 
01-May-2010
 
العدد 11