العدد 11 - من حولنا
 

رغم أن اتفاق أوسلو 1995، قضى بتحويل الصلاحية الرسمية لإدارة سجل السكان في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، إلا أن حقوقَ نقض معينة ظلت بيد إسرائيل، وفق ما يؤكده مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، بتسيلم.

من ذلك أن إسرائيل احتفظت بصلاحيات تحديد أو تعريف مَن مِن السكان الفلسطينيين، سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وأبنائهم الذين يبلغون أكثر من 16 عاماً يمكنهم حمل «المواطنة الفلسطينية».

إلى جانب ذلك، فقد تحدد وجوب قيام الطرف الفلسطيني بإبلاغ إسرائيل بخصوص التغييرات التي يقوم بها في سجل السكان، ومن ضمن ذلك عنوان كل مواطن.

لم يتغير هذا الوضع، حتى بعد انتهاء تطبيق خطة الانفصال عن قطاع غزة، غير أن إسرائيل توقفت في العام 2000 عن تحديث سجل السكان الذي تملكه، ومنذ ذلك الوقت لا تعترف بالتغييرات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في سجل السكان.

في الوقت نفسه، بدأت إسرائيل وضع صعوبات تدريجية على الفلسطينيين المسجل في بطاقات هوياتهم أنهم من سكان القطاع القاطنين في الضفة الغربية. ويشمل هذا الأشخاصَ الذين عاشوا سنين طويلة في الضفة الغربية وأقاموا فيها ضمن عائلات.

وكجزء من هذه السياسة، بدأت إسرائيل منذ العام 2007، الطلب من هؤلاء حيازة تصاريح إقامة خاصة تقوم بإصدارها وفق معايير صارمة. أما الذين لا يملكون تصاريح فإن إسرائيل تعدّهم «ماكثين غير قانونيين»، وتقوم بطردهم إلى القطاع.

بهذا المعنى، تسعى إسرائيل إلى فرض سيطرتها على مجريات حياة الفلسطيني ومحاورها كافة، أينما كان. إذ تمنع إسرائيل سكان الأراضي المحتلة العام 1967 من السكن داخل أراضي 48، بل وتمنع لَمّ شمل عائلات فلسطينية داخل 48 إذا كان أحد الأزواج من سكان الضفة أو القطاع، بواسطة تعديل قانون الجنسية ودخول إسرائيل في العام 2003.

وفي محاولة جديدة لعزل الفلسطينيين، قد يجد أولئك الذين وُلدوا في غزة ويسكنون الضفة أنفسهم، متّهمين بـ»التسلل» ويجب طردهم أو سجنهم وفقاً لأحدث الأوامر العسكرية الإسرائيلية.

الجديد في الإجراءات الإسرائيلية، هو إصدار القرار العسكري رقم 1605، الذي يدخل حيّز التنفيذ منتصف نيسان/إبريل 2010، ويقضي بطرد عشرات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية.

وذكرت صحيفة هآرتس، 12.4.2010 التي كشفت الموضوع، أنَّ الأمر الجديد يعرّف عشرات آلاف الفلسطينين بأنّهم «متسلّلون» و»خارجون عن القانون».

ونوّهت الصحيفة إلى أنه بالاستناد إلى نشاطات سلطات الأمن الإسرائيلية وقراراتها خلال السنوات العشر الأخيرة، فإنّ بالإمكان الاستنتاج أنَّ المجموعة الأولى من الفلسطينيّين الذين سيوجَّه إليهم الأمر العسكري هم أولئك المسجّل في بطاقات هوياتهم أنّ مكان إقامتهم هو قطاع غزة، أي مواليد غزة أو أبناؤهم الذين وُلدوا في الضفة.

كما سيكون من ضمن هذه المجموعة، الفلسطينيون الذين وُلدوا في الضفة أو خارج البلاد، ولسببٍ ما فقدوا مكانتهم في المواطنة، أو هم أزواج أجانب لفلسطينيّين.

الأمر الجديد يعرّف «المتسلّل» بأنه كل من دخل إلى الضفة بطريقة غير قانونية، أو «من يقيم في المنطقة من دون أن يمتلك تصريحاً قانونياً». ويُعدّ مضمون الأمر العسكري فضفاضاًَ إذا ما قورن بما جاء في الأمر الأصلي الذي صدر العام 1969، وكان يسري على من قَدِم إلى الضفة الغربية المحتلة، بعد إقامته في دولة «عدوّة».

وتشير التحليلات الصحفية، إلى أن مضمون الأمر عامّ وغير واضح. ويتبيّن منه أنّ تعريف «المتسلل» يشمل الفلسطينيين من القدس الشرقية، وبينهم مواطنو دول تقيم إسرائيل معها علاقات دبلوماسية مثل الولايات المتحدة، وحتى مواطنين إسرائيليين (فلسطينيين أو يهوداً)، وذلك بحسب قرارات ضبّاط الجيش الإسرائيلي.

كان مركز «الدفاع عن الفرد»، هو المنظمة الأولى في إسرائيل التي انتبهت إلى خطورة الأمر العسكري. وكما جاء في هآرتس، 12 نيسان/إبريل، بعثت مديرة المركز، داليا كيرشطاين، رسالة إلى قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، آفي مزراحي، طالبته فيها بوقف تنفيذه نظراً «للتغيير الدراماتيكي المتعلق بحقوق الإنسان حيال عدد كبير من البشر».

وجاء في الأمر العسكري أن «الشخص المتسلل هو الموجود في المنطقة من دون شهادة أو تصريح يدلاّن على وجوده في المنطقة بصورة قانونية ومن دون مبرر معقول».

وأوضحت هآرتس أن الأمر العسكري لا يوضّح ما إذا كان الحديث يدور على تصاريح قائمة أو على أنواع تصاريح جديدة للإقامة في الضفة سيُقرَّر شأنها في المستقبل. كذلك لم يوضّح مكانة بطاقة هوية سكان الضفة.

وفق هذا الأمر، فإنه إذا اكتشف قائد عسكري إسرائيلي أن «المتسلّل دخل إلى المنطقة في الفترة الأخيرة»، فإن إجراءات طرده ستكون سريعة للغاية، خلال أقل من ثلاثة أيام، بشرط أن «يُطرَد المتسلل إلى الدولة أو المنطقة التي تسلّل منها».

ومنذ العام 2000 ترى إسرائيل أن الفلسطينيّين من غزة الموجودين في الضفة «موجودون غير قانونيين»، ويعامَلون كأنهم مواطنون من دولة أجنبية، ويُطرَد الكثيرون منهم إلى قطاع غزّة حتى لو وُلدوا في الضفة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ دخول الفلسطينيين من الضفة إلى المناطق المحاذية للجدار العازل، يستوجب استصدار تصاريح خاصة، وذلك بموجب أوامر عسكرية إسرائيلية.

مثلما أن هناك أهدافاً معلَنة وواضحة للقرار الجديد، هناك أهداف غير معلَنة وغير واضحة بعد، من ضمنها سعي إسرائيل للتحكم بعدد السكان في الضفة الغربية، محاولة تحديد عدد السكان ونوعيتهم أيضاً، الفصل بين سكان غزة وسكان الضفة؛ ردع السكان في الضفة، بخاصة من يقيم بتصريح إسرائيلي أو من يسعى إلى ذلك، من الاشتراك في النضال ضد الاحتلال.

وقد تسبب ذلك في ردود فعل غاضبة لدى السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية وجامعة الدول العربية، وكذلك الأحزاب العربية في الداخل، لكنه لم يتحول إلى موضوع مركزي في الأجندة العامة واليومية، لا للأحزاب العربية ولا للمواطن الفلسطيني المنهك في إدارة صراعات يومية تفرضها الحكومة الإسرائيلية على البقية المتبقية من الشعب الفلسطيني في الداخل.

خطر الطرد يهدد عشرات الآلاف - القرار الإسرائيلي 1605: مزيد من السيطرة على حياة الفلسطينيين
 
01-May-2010
 
العدد 11