العدد 11 - الملف
 

حينما نسّبت حكومة نادر الذهبي بتأجيل الانتخابات النيابية إلى أجل غير محدد بعد حوالي أسبوعين على حل مجلس النواب الخامس عشر في منتصف ولايته، سرت في البلاد وبخاصة في الأوساط السياسية المعارضة تقديرات مفادها أن الدافع الرئيسي للتأجيل هو استغلال فترة الفراغ البرلماني لإصدار جملة قوانين مؤقتة وخاصة في المجال الاقتصادي.

هذا الوضع يذكّر بسلسلة القوانين المؤقتة التي صدرت في عهد حكومة على أبو الراغب والتي بلغ عددها خلال سنتين من الفراغ البرلماني على أثر حل مجلس النواب الثالث عشر العام 2001 قبل انتهاء ولايته بأشهر، 212 قانوناً مؤقتاً.

في الدورة البرلمانية الثانية لمجلس النواب الخامس عشر المنحل، رُفع ما اصطلح على تسميته «الغطاء الأمني» عن المجلس بعد «رواح» مدير المخابرات السابق محمد الذهبي، فسادت حالة من «الانفلاش» في الأداء النيابي، انعكست على الدور التشريعي للمجلس بتأخير مناقشة مشروع قانون الضمان الاجتماعي، وبمعاكسة التوجهات الحكومية بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل خلال الدورة الاستثنائية الثانية.

هذه التطورات يبدو أنها شجّعت حكومة الذهبي على التنسيب بإنهاء الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي قبل الانتهاء من إقرار قانون ضريبة الدخل. وبعد أيام، أصدرت قانوناً مؤقتاً معدِّلاً لقانون الضمان الاجتماعي لمعالجة البنود التي تستنزف موارد الصندوق، وفي مقدمتها عدم وجود سقف للرواتب الخاضعة للضمان، والتقاعد المبكر.

حينما جاءت حكومة سمير الرفاعي، وجدت نفسها أمام استحقاق إصدار عدد آخر من القوانين المؤقتة، منها أولاً قانون مؤقت رقم 30 لسنة 2009- قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2010. وينطبق الأمر نفسه على قانون الانتخاب المنتظر أواخر أيار/مايو حسب تأكيد التصريحات الرسمية.

غير أن الحكومة أصدرت ثلاثة قوانين مؤقتة أخرى مهمة ذات صبغة اقتصادية في غضون أسبوعين على تشكيلها، هي: قانون مؤقت رقم 27 لسنة 2009، قانون ملحق بقانون الموازنة العامة للسنة المالية 2009، والذي أقر تخصيص ما يزيد على 304 ملايين دينار أردني لتغطية التزامات للدولة منها 42.5 مليون في جانب النفقات الجارية، و262 مليون في جانب النفقات الرأسمالية. ثم أصدرت القانون المؤقت رقم 28 لسنة 2009- قانون معدِّل لقانون ضريبة الدخل، والقانون المؤقت رقم 29 لسنة 2009، قانون معدِّل لقانون الضريبة العامة على المبيعات.

وعدا القوانين المؤقتة التي تحمل طابع الاستعجال والضرورة، مثل قوانين الموازنة العامة وملاحقها والموازنات الحكومية وقانون الانتخاب، فإن إقدام الحكومة على سن أيّ قوانين مؤقتة أخرى، يثير إشكالية التثبت من دستورية هذه القوانين من حيث توافر شرط «الضرورة»، بمعنى أن يكون مستعجلاً وغير قابل للتأجيل.

غير أن حكومة الرفاعي تبدو غير قلقة من إبقاء «حنفية» القوانين المؤقتة مفتوحة، وبخاصة أن لديها خطة تنفيذية طموحة للعام 2010، تشتمل على إعداد عشرات القوانين الجديدة أو المعدلة لقوانين نافذة.

حكومة الرفاعي سنّت 11 قانوناً مؤقتاً، عشرة منها ذات صبغة اقتصادية، أربعة من هذه القوانين صدرت أواخر العام 2009، وسبعة أخرى صدرت خلال الثلث الأول من العام 2010.

من بين القوانين الصادرة العام 2010، اثنان يخصان اتفاقيتين، هما: قانون تصديق اتفاقية الامتياز المعقودة بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وشركة البترول الوطنية المساهمة العامة المحدودة وبي بيه إكسبلوريشن أوبريتنج كومباني لمتد، ثم قانون التصديق على اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة الأردنية الهاشمية وكندا.

القوانين الاقتصادية الأربعة الأخرى تتعلق بالطاقة وموازنة الوحدات الحكومية وملحق جديد للموازنة العامة والضمان الاجتماعي، وهي: قانون مؤقت رقم 3 لسنة 2010 قانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة، قانون مؤقت رقم 4 لسنة 2010 قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2010، قانون مؤقت رقم 6 لسنة 2010، قانون ملحق بقانون الموازنة العامة للسنة المالية 2010، وهو الذي يتضمن تخصيص 160 مليون دينار أردني منها 157 مليون كنفقات جارية و3 ملايين كنفقات رأسمالية. وأخيراً القانون المؤقت رقم 7 لسنة 2010، قانون الضمان الاجتماعي.

أما القانون المؤقت الوحيد غير الاقتصادي، فهو القانون المؤقت رقم 5 لسنة 2010، قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر، الذي اصطُلح على تعريفه بأنه القانون الذي يمنع حبس الصحفي على خلفية قضية رأي بموجب أي من التشريعات الأردنية النافذة.

حكومة الرفاعي مطالَبة بأن لا تتناسى وعدها بإجراء انتخابات مجلس النواب السادس عشر قبل نهاية العام الجاري، ما يفترض أنها ستتجنب إصدار أي قانون مؤقت إلا إذا توافر له عنصر الضرورة والاستعجال ما دامت عودة المجلس النيابي ليست ببعيدة، وإذا ما اضطرت إلى إصدار أي قانون مؤقت جديد فيجب أن تكون له المسوغات الموضوعية التي نص عليها الدستور. وفي هذه الحالة يتعين على الحكومة أن تشرح ضمن «الأسباب الموجبة» المرفقة مع القانون، مسوغات إصداره كقانون مؤقت، حتى تخضع هذه المسوغات لرقابة مجلس الأمة اللاحقة.

أما في ما يتعلق بمجموعة مشاريع القوانين التي ستعدها وتحيلها إلى مجلس النواب المقبل، فإن الحكومة معنية أن تولي صياغتها كل الاهتمام اللازم لضمان أن تكون مدروسة جيداً وذات سوية جيدة حتى لا تضطر إلى استتباعها بعد فترة قصيرة على إقرارها بسلسلة جديدة من مشاريع القوانين المعدِّلة.

القوانين المؤقتة : «حنفية» مفتوحة!
 
01-May-2010
 
العدد 11