العدد 11 - الملف
 

الحملات الأمنية التي نُفذت في الأشهر الأولى لحكومة سمير الرفاعي وشملت تسع مناطق وُصفت إعلامياً بـ«البؤر الساخنة»، أسفرت عن إلقاء القبض على نحو 500 مطلوب من الخارجين عن القانون في هذه المناطق، وإصابة ثلاثة من أفراد الأمن العام أثناء المداهمات، اثنان في سحاب والثالث في البقعة بحسب تصريحات الأمن العام.

سحاب، اللُّبَّن، السلط، الأغوار الجنوبية والشمالية، الزرقاء، الأزرق، البقعة، إضافة إلى ثلاث مناطق في الشمال، كانت مسرحاً لمداهمات الأمن العام قرابة أربعين يوماً.

هدأت وطأة هذه الحملات، بعد أن أصبحت «البؤر الساخنة» بعامة تتسم بالاستقرار الأمني، وبدا سكانها راضين عن الحملات ونتائجها، هذا في وقت شهدت فيه بعض المناطق انزعاج المواطنين من سلوكات رجال الشرطة والدرك، ومن تواجدهم الدائم الذي وصفه بعض المواطنين بـ«المبالغ فيه» أحياناً.

كان الهدف من الحملة، ضبط المطلوبين إدارياً وقضائياً. وبحسب تصريح الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام محمد الخطيب لوكالة الأنباء الأردنية بترا، 3 شباط/فبراير 2010، فإن هذه الحملات «مستمرة في جميع مناطق المملكة، وليست مقتصرة على منطقة دون غيرها».

الأمن العام أكد عبر تصريحات إعلامية مختلفة، أن «البؤر الساخنة» كانت تُستغَل من جانب المطلوبين في قضايا المخدرات والاحتيال وسرقة السيارات، الأمر الذي أصبح «يشكل خطراً على أبناء تلك المناطق ويمسّ بالسمعة الأمنية للبلاد».

بحسب تصريحات للأمن العام نشرتها العرب اليوم، 30 كانون الثاني/يناير 2010، تحددت مناطق الحملة التسع، بعد قيام مهربين بإدخال مخدرات إلى المملكة عبر الحدود الشمالية، استقر بعضها في مناطق البادية الشمالية والوسطى، فيما عملت عصابات تتواجد في مناطق قريبة من العاصمة وسحاب واللَّبَّن، على شراء هذه المخدرات، وسعت إلى ترويج جزء منها داخل المدن، أو بيعها لعصابات في مناطق جنوب الأردن، لتهريبها إلى دولة عربية مجاورة.

الخطيب كان أوضح في وقت سابق أن ما يحدث هو أمر «روتيني»، رافضاً دعوته بـ«الحملة»، مؤكداً أن النتائج إيجابية من حيث «تسليم الأشخاص المطلوبين إلى مصادر طلبهم». لكنه أبلغ ے، عبر اتصال هاتفي، 24 نيسان/إبريل، إنه لا تتوافر لديه معلومات دقيقة حول النتائج، مضيفاً أنه «سيتم الإعلان عن النتائج النهائية لاحقاً».

بدوره كان وزير الداخلية نايف القاضي أكد في لقاء خاص بـے، نُشر في العدد التاسع، أن «الحملة الأمنية مستمرة ولن تنتهي»، وأضاف أن الأهالي يطالبون ببقاء الدوريات وأن تصبح ثابتة، «لأنهم تنفسوا الصعداء، بعد أن تأكدوا أن الخارجين على القانون أصبح بالإمكان ضبطهم».

حول مدى نجاح الحملات، قال العميد المتقاعد فتحي الحمود لـے، إنه «يصعب البت في هذا الأمر»، لأن الحكم يحتاج إلى وقت لكي تظهر النتائج. وأضاف أن الحملة الأمنية رافقها «ترويج إعلامي»، لأن الأردن يقع تحت ضغط إعلامي داخلي بسبب الانفتاح الذي تشهده البلاد، وبخاصة على المواقع الإلكترونية، كما أن للأردن سمعة أمنية طيبة يجب المحافظة عليها.

خلال الحملة، قام الأمن العام بتثبيت دوريات في مواقع محددة في مناطق «البؤر الساخنة». حتى أصبحت مواقع الدوريات في منطقة «سحاب ومداخل اللبن والشونة»، معروفة لدى الجميع، و«مكشوفة» بحسب تعبير الأهالي.

أحد أفراد الدوريات المثبتة في منطقة «القسطل» على مدخل اللّبّن أكد لـے، رافضاً الكشف عن اسمه، أن موقع الدورية لم يتغير منذ بداية الحملة، ورأى في ذلك تقليصاً من فعالية الدورية، وفقداناً لأهم عنصر لها: المفاجأة. وبيّن أن الدوريات منذ بداية الحملة في المنطقة لم تقم بإلقاء القبض على أيٍّ من المطلوبين في القضايا الأمنية، وأن معظم ما يتم ضبطه «مخالفات سير».

أما محمد الفالوجي، صاحب محل في منطقة «الدوار» في سحاب، حيث تتواجد دورية درك، فقد ذكر لـے أن المكان شهدَ ثباتَ ثلاث دوريات في بداية الحملة، وبعد انتهائها لم يعد هناك سوى دورية واحدة. ولفت إلى أن المنطقة أصبحت «أكثر تنظيماً» عندما انطلقت الحملة، لكن الأهالي أصبحوا بمرور الوقت «لا يكترثون لوجود الدورية، ولم تعد تعني لهم شيئاً، كما لم تعد تقوم بعملها كالسابق».

وقد حدثت مشاكل أمنية متعددة المستويات، في سحاب، بعد انتهاء الحملة الأمنية، منها هرب مطلوبَين اثنين من بين أيدي الشرطة أثناء الخروج من محكمة سحاب، واختباؤهما في منزل ذويهما، مما سهّل على الشرطة ملاحقتهما. وعند وصول أفراد الأمن لمكان تواجدهما، أطلقا النار عليهم، فأصيب رئيس مركز أمن سحاب وشرطي آخر في المكان.

وعلى خلفية مشاجرة عشائرية في سحاب، احتجز الأمن العام 8 أشخاص، مما دفع ذويهم لإطلاق النار على مركز أمن سحاب، ورشقه بالحجارة معترضين على حجز أبنائهم ومطالبين بإخلاء سبيلهم. لكن الناطق الإعلامي لمديرية الأمن العام نفى أن يكون قد تم إطلاق نار، وأوضح أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عدد من المتورطين في مشاجرة قديمة واقتادتهم إلى مركز الأمن، الأمر الذي استفز ذويهم الذين حضروا إلى المركز، فحدثت مناوشات بين المتواجدين، ما دفع رجال الأمن إلى إبعادهم عن محيط المركز».

لكن عبد الله أبو زيد، مواطن يسكن بالقرب من مركز الأمن، أكد لـے، أنه سمع صوت إطلاق نار، وأضاف أن أفراد الأمن العام قاموا بإغلاق الطريق المؤدية للمركز.

أما اللُّبَّن المجاورة لسحاب، فقد أكد عدد من سكانها لـے أن الأوضاع مستقرة، وأنه لم يحدث أي مواجهات بين رجال الأمن وبين المطلوبين. وأبدى هؤلاء ترحيبهم بالحملات الأمنية، وطالبوا باستمرارها للحفاظ على أمن منطقتهم.

مثل هذا الترحيب لم يلْقَهُ الأمن العام في مناطق أخرى، فقد أبدى بعض سكان الشونة انزعاجهم من الإجراءات الأمنية المتبعة على مداخل المنطقة ومخارجها، بحسب ما قاله لـے خالد العدوان، طالب إعلام في جامعة اليرموك، مضيفاً أن «التدقيق الروتيني ليس ذا جدوى، وهو يتسبب في تأخير الموظفين عن عملهم، والطلبة عن محاضراتهم».

دوريات ثابتة للأمن العام وقوات البادية ما زالت تتواجد على مداخل اللُّبَّن ومخارجها، حتى ساعة إعداد هذا التقرير، 24 نيسان/إبريل 2010. وكذلك الحال بالنسبة لبقية المناطق المشمولة بالحملة، إذ إن دوريات الأمن العام مثبتة على مداخلها ومخارجها.

الحمود انتقد الحملة الأمنية، معتقداً أن لها أهدافاً «سياسية أكثر منها أمنية»، لافتاً إلى أن الإدارة الأمنية الممثلة في الحكام الإداريين، «لا تقوم بالمساعدة في حل المشاكل البسيطة التي من الممكن تطورها لتصبح جرائم كبيرة».

الحملات الأمنية: بؤر ساخنة «تبرد» وأخرى على الطريق
 
01-May-2010
 
العدد 11