العدد 11 - الملف
 

واجهت حكومة سمير الرفاعي منذ تشكيلها في 14 كانون الأول /ديسمبر 2009 عدداً من ملفات الفساد متباينة الأهمية، بدءاً من قضية وزارة الزراعة مروراً باختلاس السوق المركزي، فملف عطاء توسعة المصفاة، وليس انتهاءً بإساءة استعمال مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس لوظيفته.

كتاب التكليف لحكومة الرفاعي، 9 كانون الأول/ديسمبر، شدد على «تفعيل آليات المحاسبة والمساءلة، ومحاربة كل أشكال الفساد والواسطة والمحسوبية بمنتهى الحزم والشعور بالمسؤولية»، وهو أمر تنبه إليه الرفاعي، إذ جاء في رده على كتاب التكليف، 14 كانون الأول/ديسمبر، أن الحكومة ستقوم بـ«محاربة جميع أشكال الفساد والواسطة والمحسوبية»، مؤكداً أنه سيبدأ بذلك بدءاً من رئاسة الوزراء، «لتكون في فاعليتها وحسن إدارتها وتنظيمها، مثالاً لبقية المؤسسات العامة».

الرفاعي زار المجلس القضائي وهيئة مكافحة الفساد، بعد يومين فقط من تشكيل حكومته، في رسالة أراد من خلالها تأكيد التزامه بـ«تنفيذ التوجيهات الملكية بتقديم كل الإمكانات اللازمة لخدمة السلطة القضائيّة بما يخدم كفاءة الجهاز القضائي واستقلاليّته، في آن واحد، ومحاربة الفساد والفاسدين، وأن لا أحد فوق القانون»، بحسب ما نقلته بترا عنه، 16 كانون الأول/ديسمبر.

البداية كانت في أروقة وزارة الزراعة، حيث كُشف عن اختلاس مليون وأربعمائة ألف دينار، 22 كانون الأول/ديسمبر 2009، أي بعد ثمانية أيام فقط على تشكيل الحكومة، لتصبح القضية بذلك حديث الشارع، حول تزوير وثائق وشيكات لم يتم توريد قيمتها إلى خزينة البنك المركزي.

وجدت الحكومة نفسها أمام اختبار حقيقي، لكشف مدى جديتها والتزامها وشفافيتها في التعامل مع هذه القضية، فسارعت عبر وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة نبيل الشريف، إلى تأكيد صحة الخبر، وإبداء اهتمامها بما حدث في «الزراعة»، لافتةً إلى أنها ستقوم بإيقاع العقوبة بحق المشتبه به الأول، وأي شركاء معه سواء بالتواطؤ أو الإهمال.

بدوره، وضعَ وزير الزراعة سعيد المصري، استقالته بين يدي رئيس الوزراء، كما جاء في تصريحات منسوبة إليه نشرتها صحف محلية، 24 كانون الأول/ديسمبر، محمّلاً منظومة التدقيق المالي في الوزارة مسؤولية اختلاس المبلغ، كاشفاً أن هذه المنظومة «كانت معطلة ولا تعمل بشكل صحيح».

المتهم الأول في القضية «ثائر»، كان فاراً حينئذ للأراضي للمصرية، لكن إدارة الشرطة العربية والدولية في جهاز الأمن العام تمكنت بالتعاون مع الإنتربول المصري من إلقاء القبض عليه، وتسليمه للأردن في 23 آذار/مارس 2010، وقد اعترفً صراحة في أولى جلسات المحاكمة باختلاسه مليون وأربعمائة الف وما يزيد على ذلك، عن طريق تزوير شيكات وضعها في حسابه الشخصي في أحد البنوك.

الكاتب في صحيفة العرب اليوم فهد الخيطان قال في حديث لـے، إن تعاطي الحكومة مع ملف «الزراعة» كان شفافاً وواضحاً للجميع، وأن الوزارة أظهرت «مدى جديتها والتزامها بكشف ملابسات القضية من حيث الإجراءات التي اتخذتها والمعلومات التي كانت تتيحها للصحافة باستمرار».

الملف الآخر الذي واجهته الحكومة بعد أسابيع من تشكيها، كانت ساحته أمانة عمان الكبرى، وتحديداً السوق المركزي للخضار، حيث جرى اختلاس 74 ألف دينار. وفي الخبر الذي نشرته صحيفة الدستور، 2 كانون الثاني/يناير، أوضح أمين عمان عمر المعاني أن أجهزة الأمانة الرقابية «كشفت بالتعاون مع ديوان المحاسبة، خيوط العملية».

رئيس هيئة مكافحة الفساد عبد الشخانبة، قال في تصريح لـالدستور إن الهيئة أجرت مخاطبات سابقة مع أمانة عمان للوقوف على قضية قيام موظف في السوق المركزي التابع للأمانة باختلاس مبالغ من إيرادات السوق.

الملف الثالث الذي أثار اهتمام الشارع، نشرته بترا، 4 آذار/مارس، ويتعلق بتوقيف رئيس مجلس إدارة شركة مصفاة البترول السابق عادل القضاة والرئيس التنفيذي السابق للشركة أحمد الرفاعي ورجل الأعمال خالد شاهين والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء محمد الرواشدة من قبل مدعي عام عمان المنتدب لدى هيئة مكافحة الفساد، حسن العبداللات، وذلك لمدة خمسة عشر يوماً في سجن الجويدة على ذمة التحقيق. ووُجّهت لهم تهمة الرشوة واستثمار الوظيفة العامة سنداً لأحكام المادتين 157 و192 من قانون العقوبات (للتعرف على تفاصيل القضية، يمكن الرجوع إلى الصفحة 42).

أما الملف الرابع الذي تعاملت معه الحكومة، فيتصل بمؤسسة المواصفات والمقاييس، إذ وُجّه الاتهام لمديرها ياسين الخياط، بإساءة استعمال السلطة المخولة له خلافاً لأحكام المادة 182 من قانون العقوبات.

الخياط مَثُلَ وفق خبر نُشر في الرأي، 25 نيسان/إبريل، أمام قاضي صلح بداية جزاء محكمة شمال عمان، على خلفية التهمة التي وجهها له مدعي عام هيئة مكافحة الفساد القاضي أحمد العمري، بإجازته دخول شحنة أفران غاز مخالفة للمواصفات والمقاييس الأردنية ولنتائج فحوصات الجمعية العلمية الملكية.

الحكومة في مواجهة الفساد: أكثر من جبهة ومعركة
 
01-May-2010
 
العدد 11