العدد 11 - الملف
 

قلّما أثارت قضية اهتمام الرأي العام، واستثارت ردود أفعال في اتجاهات متباينة، مثلما أثارته قضية عطاء توسعة المصفاة. غير أن هذه القضية ليست الأولى من حيث الأهمية، فقد شهد الأردن في بدايات عهد الانفراج السياسي توجيه مجلس النواب الأردني العام 1992 تهماً بالفساد المالي والإداري إلى رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي واثنين من وزرائه هما حنا عودة ومحمود الحوامدة، ولم يتمكن المجلس من حشد الأصوات اللازمة لإصدار قرار بالاتهام رسمياً إلا بحق الحوامدة.

ولعل أحد الإشكالات البارزة في قضية المصفاة، وجود تأكيدات كثيرة، لا سيما في أوساط محامين، بعدم وجود «قضية»، كما تميل شخصيات سياسية وحكومية سابقة إلى الاعتقاد بأنه تم «شخصنة» القضية.

عطاء توسعة المصفاة يثير «أسئلة» ساخنة ذات صلة بالفساد والمشاريع الكبرى والتقاضي، ربما أكثر مما يجيب عن الأسئلة التي طرحتها الحكومة بتحويل هذا الملف «الحيوي» إلى محكمة أمن الدولة.

ومردّ ذلك أن الأردنيين ظلوا ينظرون إلى هذا الملف بشكل مختلف عن نظرتهم لما يجري في شركات مساهمة عامة أخرى، مثل شركة التبغ أو الجلود أو أي شركة أخرى، فالمصفاة كانت على صدر طوابع البريد الأردنية لمن لا يتذكر.

أول قرار تتخذه حكومة الرفاعي في 15 كانون الأول/ديسمبر 2009، بعد يوم واحد على تشكيلها، كان وقف السير في إجراءات عطاء التوسعة، وتشكيل لجنة وزارية لمراجعة الملف على مقياس «النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص»، حسب ما جاء في القرار.

وقد انتدبت الحكومة مدعي عام عمان حسن العبداللات إلى هيئة مكافحة الفساد، وحولت ملف التوسعة إلى تلك الهيئة. ويشير مصدر طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحسياسية الموقف إلى أن شخصية بارزة في وزارة العدل حملت الملف إلى الهيئة مع قرار الانتداب في 27 كانون الأول/ديسمبر. لكن اللافت أن التصريحات الرسمية اتسمت إلى ما قبل 3 آذار/مارس بالهدوء.

استدعى العبداللات إدارة المصفاة ورجل الأعمال خالد شاهين صبيحة اليوم الأول من العام 2010 دون توقيفهم، وكانت التحقيقات تؤشر إلى كتابَين لرئيس الوزراء السابق نادر الذهبي، يحدد الأول نهاية العام 2009 كحد أقصى لاستلام عطاءات الدخول في شراكة إستراتيجية مع المصفاة لتنفيذ التوسعة، فيما ترك الثاني المهلة مفتوحة. وتركز لاحقاً جانب رئيسي من شبهة الفساد المنسوبة إلى عادل القضاة وأحمد الرفاعي ومحمد الرواشدة على اتهامهم بإخفاء الكتاب الثاني عن مجلس إدارة المصفاة لمصلحة العرض الذي كان تقدمت به شركة إنفرا مينا العائدة إلى رجل الأعمال خالد شاهين.

ومر الأسبوع الأول على استدعاء الأربعة المشتبه بهم «دون توجيه تهم أو توقيف» بحق أي منهم، بحسب تصريح العبداللات لصحيفة الغد، 8 كانون الثاني/يناير، وذلك قبل أن يعود هو نفسه لتوقيف الأربعة على ذمة التحقيق.

لكن ملف القضية حوّل إلى محكمة بداية شمال عمان للنظر في قرار توقيف المتهمين صبيحة يوم 4 آذار/مارس، بوصف تلك المحكمة صاحبة الاختصاص في النظر بالقضية. المحكمة وافقت من جهتها على تكفيل المتهمين نظراً لظروف القضية، ولم تجد هيئتها برئاسة القاضي مجد خريس وعضوية القاضي ناصر صلاحين، ما يستوجب محاكمة المتهمين الأربعة وهم موقوفون، بحسب نص قرار المحكمة. وهتف لحظة صدور القرار المتواجدون في المحكمة: «يحيا العدل» وفقاً لمحاميي الدفاع.

وسارت المحكمة في إجراءات تكفيل المتهمين بكفالة 100 ألف دينار لكل منهم، وقام ذوو الموقوفين بدفع الكفالات، وحصلوا على كتب الإفراج، قبل أن يحدث تطور اختلف بشأنه القانونيون؛ حيث رفض مدير سجن الجويدة تكفيل المتهمين بسبب صدور قرار بتوقيفهم من مدعي عام محكمة أمن الدولة الذي حُوِّل ملف القضية إليه من رئيس الوزراء، بدعوى ارتباط القضية التي تحمل الرقم 184/ 2009 بالأمن الاقتصادي، عملاً بأحكام البند 11 من الفقرة أ من المادة 3 من قانون محكمة أمن الدولة.

تباين المواقف والاجتهادات

تحويل رئيس الوزراء سمير الرفاعي القضية إلى محكمة أمن الدولة، فتح بوابة الأسئلة على مشروعية هذه الخطوة، حيث أكد المحامي محمد الحموري لـے أن ثمة تجاوزاً قانونياً في قرار التحويل لأن محكمة شمال عمان هي صاحبة الاختصاص، وأن القضية لا تتعلق بجرم اقتصادي كونها لا تتضمن أموالاً أو حقوقاً للمساهمين.

في حين رأى مصدر آخر أن «رئيس الوزراء تصرف وفق أحكام القانون»، بحسب ما صرح به لـے المحامي محمد الصبيحي الذي يرى، مع ذلك، أن القرار جاء من الناحية العملية متأخراً، وأنه «كان ينبغي إحالة القضية إلى مدعي عام أمن الدولة قبل قرار محكمة البداية بإخلاء سبيل المتهمين بالكفالة»، حتى لا يفسر الأمر وكأنه تشكيك بكفاءة القضاء النظامي، على حد قوله.

غير أن المحامي المختص في القضايا الجزائية حسام أبو رمّان عضو هيئة الدفاع عن عادل القضاة، يختلف مع هذا الرأي، فهو يرى أن نيابة أمن الدولة أوقفت المتهمين الأربعة غيابياً ولم تستدع أياً منهم للمثول أمامها لتلاوة التهمة عليه، عاداً ذلك سابقة في تاريخ القضاء الأردني. كما يرى أن رئيس الوزراء قد استخدم صلاحيته في إحالة الملف إلى هيئة مكافحة الفساد، وأنه لا يحق له بعد ذلك تحويلها إلى «أمن الدولة» بعد أن دخلت في مجال القضاء المدني.

المدعي العام كان أسند للمتهمين، تهم الرشوه والاستثمار الوظيفي، وأسند لشاهين تهمة عرض الرشوة والتحريض على الاستثمار الوظيفي بحسب ما تناقلته الصحف.

قرار الحكومة بتحويل الملف إلى محكمة أمن الدولة، فتحَ أيضاً أسئلة من «العيار الثقيل»، بخاصة بعد أن كشف المحامي فيصل البطاينة، المقرب من الرئيس سمير الرفاعي والذي سبق أن تولى عدداً من قضايا المطبوعات التي تخصه، بأن قرار الرئيس بتحويل الملف إلى محكمة أمن الدولة تم العبث به من خلال إضاعته في أدراج الرئاسة، موضحاً لـے، أن الرئيس أصدر قراره في التاسعة من صباح 4 آذار/مارس، وليس عصر اليوم نفسه، لكنّ «أيادي عبثت في القرار»، مما أدى إلى التأخير في تنفيذه. وكشف البطاينة أن القرار أُرسل إلى وزير العدل وإلى رئيس هيئة مكافحة الفساد، متسائلاً عن «سر الإخفاء».

المفارقة أن البطاينة نفسه انتقل إلى خانة هيئة الدفاع عن أحد الموقوفين، أحمد الرفاعي، لاحقاً.

«أمن الدولة» باتت هي صاحبة الاختصاص في النظر بالقضية، رغم كل الظلال السابقة، لذا تقدم محامو الدفاع في الجلسة الأولى لمحكمة أمن الدولة بالطعن في «دستورية المحكمة، وفي دستورية إحالة القضية إليها»، حسب ما أكده لـے المحامي حسام أبو رمّان، مضيفاً أن «المحكمة أجّلت البت في هذه الطعون إلى حين صدور القرار».

وبيّن أبو رمّان أن وكلاء المتهمين طلبوا «تمييز رفض محكمة أمن الدولة إخلاء سبيل موكليهم بالكفالة»، لكن النيابة العامة العسكرية «رفضت الاستجابة» لطلب رئيس النيابات العامة المدني إرسال الملف إلى محكمة التمييز للنظر، حسب أبو رمّان الذي أوضح أن محامي الدفاع هدّدوا في ضوء ذلك بالتوقف عن المرافعة في هذه القضية، وذلك قبل أربعة أيام من الإفراج عنهم بالكفالة.

في هذا السياق، انتقد الكاتب خالد محادين ما أسماه «رفض محكمة أمن الدولة إرسال ملف قضية المصفاة إلى أعلى محكمة أردنية»، وكان سبق له، في مقالة نشرت يوم 12/4/2010 في مواقع إلكترونية، أن تناول إجراءات سير القضية، عبر مقاربة مع مسرحية تاجر البندقية التي قال إنها سيطرت على حواسه، مشدداً على حق عادل القضاة في الحصول «رعاية طبية داخل المستشفى وليس داخل السجن».

بعد ذلك، تردّت الأحوال الصحية لعادل القضاة وخالد شاهين، وصارا يُنقَلان إلى المحكمة بعربة إسعاف من مستشفى الأمير حمزة، وانضم لهما مؤقتاً محمد الرواشدة.

سرعة وريبة والتفاف عشائري

بعيداً عن الظلال القانونية وتشابكاتها في الملف، إلا أن همساً بدأ ينتشر في صالونات عمّان يقول إن الملف «حملته الحكومة بالوكالة»، مستشهدين على ذلك بسرعة تبنّيها للقضية وحجم التخبط الذي رافق حمل الملف.

أصحاب هذا الرأي يعتقدون أن الحكومة «ليست صاحبة القرار»، وإن كانت تطمع في تحقيق شعبية من خلاله، إذ إن محاربة الفساد تلقى تأييداًَ شعبياً. لكن في الوقت نفسه، هناك همس مستمر في الجلسات الاجتماعية بأن موقف الحكومة في هذه القضية «ضعيف». حتى إن رئيس وزراء أسبق طلب عدم نشر اسمه قال لـے: «أنا لا أرى أن هناك قضية أصلاً».

وفي السياق نفسه، علّق وزير عدل أسبق طلب عدم نشر اسمه، قائلاً لـے، إنه يعتقد أن القضية «سياسية في الدرجة الأولى»، رافضاً الخوض في التفاصيل.

في هذا الاتجاه يذهب أيضاً عضو هيئة الدفاع عن المتهم عادل القضاة، المحامي حسام أبورمان الذي يجزم بـ «عدم وجود قضية» تجرم المتهمين في هذا الملف. فهو يؤكد بداية أن المتهمين «ليسوا أصحاب اختصاص في إحالة العطاء» لأن الأمر منوط بلجنة توجيهية ومجلس الإدارة والهيئة العامة، وأن «النيابة العامةلم تقدم أي دليل أو بينة على وجود رشاوى»، علاوة على أنه «لم يتم إحالة العطاء على خالد شاهين»، وأن شركات أخرى غير شركته تقدمت إلى العطاء في مرحلة ما بعد وصول الكتاب الثاني لمجلس الوزراء السابق إلى إدارة المصفاة.

رئيس جمعية الشفافية الأردنية النائب السابق ممدوح العبادي، أشار في حديثه لـے إلى أن عطاء التوسعة للمصفاة يتعلق باستثمار ضخم يقدر بمئات الملايين، وأن الإعلان عن شبهات الفساد والاختلاسات «ظاهرة صحية» في كل دول العالم، ولا تعيب المجتمعات الحية، مؤكداً أن الجمعية التي يرأس إدارتها كشفت خلال ندوة أقامتها عن تفاصيل قضية المصفاة حين جمعت ممثلين عن إدارة «المصفاة» ووزراء طاقة سابقين وإعلاميين.

وأضاف أن من واجب الحكومة إذا ما توافر لديها معلومات عن شبهات فساد أن تقدم هذه القضايا للقضاء. وأكّد العبادي أن جمعيته لا تتهم أحداً، وأن الفيصل في كل قضايا الفساد هو القضاء العادل والنزيه في كل مراحل التقاضي.

وشدد العبادي على أهمية الشفافية ومتابعة قضايا كهذه عبر وسائل الإعلام المختلفة بوصفها «رأس حربة» بخاصة في هذه المرحلة التي يغيب فيها مجلس النواب كسلطة رقابية وتشريعية.

بالمقابل، يرى الكاتب الصحفي فهد الخيطان أن إجراءات الحكومة في حيثيات القضية لم تكن مريحة، كما أن تحويل القضية من محكمة مدنية إلى محكمة أمن الدولة أمر غير مفهوم، أدى إلى انطباع لدى الرأي العام بأن القضية مجرّد «تصفية حسابات».

الخيطان أضاف أن قرار المحكمة بحظر نشر أخبار القضية أدى أيضاً إلى «خلق انطباع بوجود نوايا مبيتة ضد المتهمين»، ويرى الخيطان أن الحكومة عليها إذا أرادت أن تقنع الرأي العام بنواياها في محاربة الفساد أن تتعامل مع القضية بشفافية أكثر، وأن تقوم بإحالة ملف القضية من محكمة أمن الدولة إلى محكمة التمييز.

الجديد والملفت للنظر هو تحرُّك بعض عشائر المتهمين لنصرتهم، فقد شهدت جمعية خليل الرحمن اجتماعاً لأهالي الخليل دعماً للمتهم خالد شاهين، وكذلك الأمر بالنسبة لكلّ من عشيرتَي القضاة والرواشدة.

سياسي شغل مناصب نيابية وحكومية رفيعة، طلب عدم نشر اسمه، يصف هذا الحراك بأنه «تعبير عن إحساس بالظلم» من مجريات القضية، و«عدم قناعة بالتهم المنسوبة إلى المتهمين»، بخاصة عادل القضاة الذي يُشيد كثيرون بسلوكه الوظيفي إبان تسلمه وظائف عامة من الجمارك إلى ديوان المحاسبة وضريبة الدخل فالتخاصية ووزارة المالية، قبل أن يستقر به المقام رئيساً لمجلس إدارة المصفاة التي أوصلته إلى سجن الجويدة.

ونقل محامٍ عن القضاة قوله إن العطاء «ما زال في مرحلته الأولى من أصل 15 مرحلة». المحامي الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أطلعَ ے على نسخة بخط القضاة عن مراحل سير العطاء.

كان القضاة قد أرسل رداً إلى الصحف اليومية في 30 كانون الأول/ديسمبر حول ملابسات العطاء، إلا أن الصحف اليومية امتنعت عن نشره لأسباب وصفها نقيب الصحفيين عبد الوهاب زغيلات، بـ«الخاصة»، ونشرتها العرب اليوم فقط، وعلى شكل إعلان مدفوع الأجر، كما نشره موقع عمون بالإطار نفسه.

سير القضية وأجواء المحاكمة

أجواء المحاكمة كما يقول فيصل البطاينة محامي أحمد الرفاعي لـے، تسير إلى صالح المتهمين، فبحسبه، أشار كل الشهود الذين استدعتهم محكمة أمن الدولة إلى علمهم بالكتابَين الصادرين عن رئاسة الوزراء، مما يعني عدم إخفاء معلومات عن مجلس الإدارة صاحب الولاية في المصفاة.

وكانت الأنظار تترقب شهادة النائب السابق عبد الرحيم البقاعي، الذي أكد سابقاً عدم علمه بكتاب مجلس الوزراء الثاني قبل أن يعود في المحكمة ليؤكد علمه به، موضحاً أنه كان ضمن أوراقه ولم يلتفت إليه.

محام آخر من وكلاء المتهمين، فضل عدم ذكر اسمه، أيّد ما قاله البطاينة من حيث النتيجة، لكنه أضاف من باب الدقة، أن جميع الشهود وليس فقط البقاعي، «نفوا معرفتهم بوجود الكتاب الثاني، لكنهم علموا به، حسب قولهم، بعد عودتهم إلى ملفاتهم الخاصة في مجلس الإدارة، حيث تبين لكل واحد منهم وجود نسخة من الكتاب في ملفه الشخصي وأنه مدرج على جدول الأعمال».

القضية ما زالت في أروقة المحاكم، وتشهد متابعة من النُّخَب بوصفها جزءاً مؤثراً في عمر حكومة الرفاعي حسب مصدر سياسي فضّل عدم نشر اسمه. يقول المصدر إن القضية برمتها تخضع لتجاذبات متعددة الاحتمالات، لذا لا يستغرب أن «تطول المحاكمة» وفقاً للتحليل السابق.

هذا الملف الشائك كان بالإمكان تجنبه، وتحقيق منفعة وطنية عامة، لو قامت الحكومة السابقة، بترجمة ما اتفقت عليه مع مجلس النواب في جلسة خصصت لبحث ملف توسعة المصفاة، عقدت يوم 15 أيلول/سبتمبر 2009 في قاعة عاكف الفايز بمبنى المجلس قبل يوم على صدور الإرادة الملكية بتأجيل انعقاد الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة إلى مطلع كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه.

مناقشات النواب أبرزت وجود غالبية نيابية ترفض التوجه إلى شريك استراتيجي أجنبي. وبرغم أن قلة من النواب طالبت بتحرير سوق النفط أو السماح ببناء مصفاة أخرى، إلا أن الخلاصة التي توافق عليها النواب مع الحكومة هي فتح باب الاكتتاب العام أمام المواطنين لرفع رأس مال شركة المصفاة إلى 500 مليون دينار لا سيما في ظل القرار الحكومي بالحصرية (الاحتكار) لمدة 15 سنة. كما اتفق النواب مع الحكومة على أنه إذا لزم الأمر الدخول في شراكة استراتيجية فلتكن مع أردنيين، وأنه إذا استدعت الضرورة جلب استثمارات إضافية من الخارج فلتكن على شكل مساهمات مالية (شراء أسهم) وليس بالخضوع إلى شروط شريك استراتيجي.

إن أهمية الاقتراح الذي تم التوافق عليه بخصوص الاكتتاب هو أنه كان يمكن أن يشكل نموذجاً يحتذي في إعادة توزيع الدخل الوطني، لأن أي مواطن كان سيجد مصلحته في الاكتتاب بما تيسر من مبالغ مالية في مشروع وطني رابح.

ويتساءل نائب فضل عدم ذكر اسمه؛ لأنه ممن منحوا الثقة لحكومة الذهبي وشاركوا في أعمال الجلسة النيابية المشار إليها، لماذا لم يعد الرئيس الذهبي للنواب، لوضعهم بصورة الجهود لفتح باب الاكتتاب، أو إعلامهم بما يواجهه من صعوبات إن وجدت؟

إفراج بكفالة

شكلت هذه القضية نقطة تحول لحكومة الرفاعي ووضعتها على المحك، حيث لم يعتد المواطن على فتح ملفات بهذا الحجم، فكثرت الإشاعات عبر المنابر كافة بوجود تدخلات ووساطات لإنهاء القضية والحديث عن نكايات وتصفية حسابات من وراء القضية، كما زخرت المواقع الإلكترونية بكم هائل من التعليقات المسيئة للمتهمين، وأصدر النائب العام لمحكمة أمن الدولة اللواء القاضي يوسف الفاعوري قراراً يمنع وسائل الإعلام من نشر أي أخبار أو تعليقات تتعلق بقضية توسعة مصفاة البترول إلا بموافقته الشخصية في خبر نشرته بترا 9 في آذار/مارس 2010.

لكن رغم حظر النشر في القضية، إلا أن وسائل إعلام متعددة نشرت تفاصيل المحاكمة وأجواء قاعتها، مستندة إلى تفسير فقهي للقاضي وليد كناكرية بعدم جوازية منع النشر من المدعي العام لأمن الدولة، ما دام أن القضية الآن لدى المحكمة والقضاء.

جلسات المحاكمة تم تأجيلها غير مرة بسبب تدهور أوضاع المتهمين الصحية، مع مطالبات من محاميهم بإحالة ملف القضية إلى محكمة التمييز بدعوى عدم اختصاص محكمة أمن الدولة بالقضية حسب رأيهم.

المتهمون في القضية التي تعد من أهم قضايا الفساد التي تعاملت معها الحكومات الأردنية، تم الإفراج عنهم في 25 نيسان/إبريل2010 بكفالة مالية بلغت 150 ألف دينار عن كل متهم بحسب المحامي فيصل البطاينة، واستُقبل كل منهم في منطقته وبين أهله استقبال«الأبرياء».

توسعة المصفاة «بين حكومتين»: من عطاء معلّق إلى أروقة المحاكم
 
01-May-2010
 
العدد 11