العدد 11 - الملف | ||||||||||||||
لبيان التوجهات الحكومية إزاء المشاريع الكبرى وإصلاح القطاع العام، أجرى فريق من ے مقابلة مطولّة مع وزير تطوير القطاع العام وزير الدولة للمشاريع الكبرى عماد فاخوري في مكتبه برئاسة الوزراء.
أعدّ الحوار للنشر: حسين أبو رمّان عماد فاخوري وزير شاب، مهذب حدّ الخجل، لكنه محاور مقتدر، يستمد تميزه من معرفته المعمقة والدقيقة لملفاته، ومن ثقته بالنفس. ومع أنه يتولى مهمات من طبيعة تكنوقراطية، لكنه يتعامل معها كمحارب. يحمل حقيبتين؛ وزيراً لتطوير القطاع العام، ووزير دولة لشؤون المشاريع الكبرى. وحين شكّلت الحكومة لجاناً وزارية لإدارة محاور عملها الإستراتيجية السبعة، عهدت إليه برئاسة اثنتين منها؛ لجنة تطوير القطاع العام، ولجنة البنى التحتية والمشاريع الكبرى. يعمل في ظل مقاربات جديدة في تطوير وإصلاح القطاع العام بتمسكه بالبعد الاجتماعي الذي يعدّ الأمن الموظفي بمثابة خط أحمر. وكذلك في رؤيته للمشاريع الكبرى من خلال الشفافية في تناول كل المعطيات ذات الصلة بها، وتجهيز البدائل لتجاوز العقبات التي قد تظهر في مجرى العمل. فاخوري، نموذج بارز لأبناء عائلات استثمرت مستقبل أبنائها في التعليم، فصنعت مجدها، وصعودها الاجتماعي بالتضحية والجهد والتفاني. عزز هذا التوجه لدى العائلة، أن الابن كان متفوقاً على امتداد سنوات دراسته في «الفرير» بجبل الحسين، ما أهله أن يكون ثالثاً على المملكة في دفعة «العلمي» للعام 1985. الولايات المتحدة كانت وجهته التي اختارها لدراسة الطب تنفيذاً لرغبة العائلة. وتمهيداً لذلك، نال البكالوريوس والماجستير في الهندسة الطبية العام 1990 من:Case Western Reserve University في أوهايو. وحينما قُبل بعدها لدراسة الطب، كانت «الإدارة» التي أخذ فكرة جيدة عنها من خلال الإدارة الهندسية وإدارة المستشفيات، قد استهوته، فتقدم إلى هارفارد لنيل ماجستير ثانٍ في الإدارة العامة، وسهّل عليه المهمة أنه حصل على منحة دراسية من الجامعة نفسها. إلى جانب مباحث مثل الاقتصاد والاقتصاد الدولي والسياسات العامة والعلاقة بين القطاع العام والخاص، التي ركز عليها في دراسته العليا الجديدة، كانت مدينة العقبة تثير اهتمامه وقلقه، وذلك بسبب بطء تطورها خلافاً للموانئ في العالم، التي لاحظ أيضاً أنها غالباً ما تكون مناطق حرّة. ولتحويل العقبة إلى منطقة خاصة، كرّس مشروع تخرّجه قبل سنوات عديدة على بداية اهتمام الأردن رسمياً بملف تحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة. اهتمامه باكتساب خبرة دولية بعد هارفارد، دفعه نحو الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، الذي اختير للعمل معه في نيويورك، ضمن فريق من 20 شخصاً تم اختيارهم من بين خمسة آلاف مرشح. تفوقه وتميزه واكتسابه خبرات متنوعه في زمن قياسي، كل ذلك جعل من عمله في المنظمة الدولية أربع سنوات، محطة فاصلة في مساره الوظيفي، فهو لم يتقدم بعد هذا اليوم إلى أي وظيفة، بل بات يدعى لأداء وظائف؛ لو لم يجد فيها تعبيراً عن انتمائه الوطني، وتستثير فيه التحدي بوصفه يميل للتعامل مع الملفات الصعبة، لما قبَل بها. هكذا التحق بوزارة الخارجية للعمل على ملف السلام ثم الانتقال إلى تل أبيب العام 1995 برفقة مروان المعشر أول سفير أردني في إسرائيل بعد توقيع معاهدة وادي عربة. وبعد سنوات أربع في إسرائيل، عمل لمدة سنة ونصف في القطاع الخاص، ثم انضم كمتطوع للعمل مع علي أبو الراغب في اللجنة المنبثقة عن المجلس الاقتصادي الاجتماعي، والتي كلّفت بدراسة تحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة، واستكمل العمل على إعداد التشريعات الخاصة بهذا المشروع، لينتقل بعد ذلك للعمل مفوضاً لشؤون الاستثمار حتى نهاية العام 2002. وخلال العام 2003، استدعي للعمل في الديوان الملكي كمنسق لشؤون برامج الملك عبدالله الثاني. ثم طلب إليه العودة إلى سلطة العقبة نائباً لرئيس مجلس المفوضين ومفوضاً للاستثمار وشؤون التنمية الاقتصادية، واستمر في عمله بالسلطة حتى العام 1999 عمل خلالها على مشروع إنشاء شركة تطوير العقبة. وفيما كان يستعد للانتقال للعمل في القطاع الخاص مع نهاية العام الماضي، فوجئ باختياره وزيراً في حكومة سمير الرفاعي. ما التحدي الذي تراه في موضوع تطوير القطاع العام؟ - أفضل تشخيص لهذا التحدي هو كتاب التكليف السامي. القطاع العام يجب أن تتم إعادة هيكلته حتى يتخلص من مظاهر الترهل، ويزيد كفاءته وإنتاجيته، ويحسن الخدمات المقدمة للمواطن. القطاع العام اليوم متشعب ويشتمل على أكثر من 130 وزارة ومؤسسة ودائرة حكومية، منها 62 مؤسسة مستقلة. من المهم أن ندرك أن القطاع العام قطاع سيادي، ولا يدار كشركة. لذلك يجب أن نركز على دوره، دون النيل من مهامه الرئيسية؟
ما هذه المهام؟ - حماية أمن الدولة واستقرارها، حماية الطبقات الفقيرة، تفعيل دور القطاع العام في التنظيم ووضع السياسات، ضمان عدم وجود احتكارات، تشجيع المنافسة، وتقديم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وغيرها. الأردن اختط نهجاً منذ العام 1995 لإخراج القطاع العام من تنفيذ وممارسة الدور الاقتصادي، ومن المهم إعطاء القطاع الخاص الدور الرئيسي في النشاط الاقتصادي.
ما الرؤية التي تحكم مسار إعادة الهيكلة؟ - مررنا في الأردن بعدة تجارب. أنشئت وزارة للتنمية الإدارية، وألغيت، ثم أنشئت وزارة لتطوير القطاع العام وألغيت، ثم عدنا إليها العام 2005. المسالة ليست وجود أم عدم وجود وزارة، المسألة هي أن تطوير القطاع العام وإصلاحه، يحتاج إلى برنامج لا يكون برنامج وزارة، بل برنامج حكومة، مع توافر الإرادة السياسية لتنفيذه بشكل شمولي.
ما محاور هذا البرنامج؟ - يجب أن يركز على إعادة الهيكلة، تنمية الموارد البشرية والاستثمار فيها وإطلاق قدراتها، وتحسين الخدمات. وهناك مسارا الحكومة الإلكترونية، والإصلاح المالي للموازنة، إضافة إلى تفعيل المساءلة والمحاسبة على الأداء.
كيف ستعالجون مشكلة الترهل والتضخم الوظيفي؟ وكم هي الفترة اللازمة لإصلاح القطاع العام، وما تكلفته المالية، وأدوات تنفيذه؟ مختلف حلقات إدارة الدولة بحاجة إلى برنامج تدريبي هائل. القطاع الخاص لم ينهض بدوره، وتحتاجون إلى توسيع القاعدة الاقتصادية لتأمين إيرادات ضريبية للصرف على الجهاز الحكومي والخدمات الأساسية. - دعونا ننظر إلى المؤشرات. العام الماضي بلغ إنفاق القطاع العام بكل مكوناته كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 53 في المئة. ونحن نتطلع إلى خفض هذه النسبة هذا العام إلى 42 في المئة. في الدول المتقدمة تكون النسبة حوالي 20 في المئة. حجم التوظيف في القطاع العام يمثل حوالي 40 في المئة من العمالة الكلية. لكن كل المؤشرات الخاصة بكفاءة الحكومة وإنتاجيتها تراوح في المكان، لا يوجد فيها تحسن. المشكلة لا تتمثل في حجم العنصر البشري، إنما في التوزيع ضمن أجهزة الحكومة، وفي نقص تخصصات معينة. ارتفاع التوظيف موجود في فئات محددة.
هل من أمثلة على ذلك؟ - الفئة الثالثة والفئة الرابعة. عندنا مثلاً ارتفاع في فئة الإداريين في الجامعات، مقارنة مع عدد أعضاء الهيئات التدريسية. يهمنا أن نركز على الأمان الوظيفي في القطاع العام، هذا خط أحمر. لكن يجب وقف التوظيف في الفئات التي لا تحتاج إليها الدولة. لدينا رؤية لتطوير القطاع العام في عشر سنوات، هذه الرؤية موجودة في الأجندة الوطنية 2006-2015. وجود بعض مظاهر الترهل لا يعني أن كل القطاع مترهل. ففي القطاع العام عناصر بشرية مميزة. في الخطة التنفيذية لبرنامج عمل الحكومة للعام 2010 احتل محور تطوير القطاع العام وقياس الأداء وتفعيل المساءلة، أحد سبعة محاور، وأول بند فيه، نص على وضع برنامج شمولي لمرحلة أولى من 3-5 سنوات، وحدّد المخرجات المستهدفة. هذه المهمات كانت مطروحة منذ عقد ونصف، فما الأمر المختلف الآن؟ - برنامج تطوير القطاع العام كان دائماً يعاني، وفي مقدمة ذلك أن العبء يقع على وزارة، يكون دورها عادة استشارياً. أنا أشرت إلى أهمية وجود إرادة سياسية، وتطوير القطاع هو من أولويات هذه الحكومة. ناقوس الخطر هو الموازنة، فإذا لم يكن هناك تحسين في أداء القطاع العام سيظهر الأثر السلبي كله في الجانب المالي. تعظيم الإيرادات حتى لا نرفع الضرائب، يتطلب إعطاء القطاع الخاص دوره، وتشجيع الاستثمار، وتحسين الخدمات للمواطن بوصفه دافع ضريبة، وتوسيع القاعدة الاقتصادية. في الجانب الآخر إصلاح القطاع العام سيساعد في ضبط النمو في الإنفاق.
هذا يستلزم تحقيق نمو اقتصادي خارج نطاق القطاع العام. - نعم. فنحن لا نستطيع مواصلة توسيع القطاع العام، لأن هذا يستلزم زيادة الضرائب ويعيق نمو الاستثمار. وكلما كبر القطاع العام تحولت الزحمة إلى إعاقة. الأردن رغم شح الموارد استطاع أن يحقق معدلات نمو حقيقية بلغت حوالي 6 في المئة باستثناء العام الماضي بسبب الأزمة المالية العالمية التي أثّرت علينا، وربما أيضاً بسبب عدم وجود انضباط في المالية العامة. لهذا أصبح عندنا تباطوء في الاقتصاد الكلي، وهبطت نسبة النمو إلى 3 في المئة، ومن المتوقع أن تبلغ هذا العام 3-4 في المئة. وأنا متفائل بقدرة الأردن دائماً، باقتصاده، وقطاعيه العام والخاص، وقدرته على التكيف والخروج من الأزمات أقوى ومحصناً بدرجة أكبر.
إذا لم يتحقق النمو المنشود، لن نستطيع تحقيق إعادة الهيكلة. - هذا صحيح. لذلك يهمنا أن ينمو القطاع الخاص، وأن يكون النمو في كل محافظات المملكة، وأن يوفر هذا النمو التشغيل الأولي للوظائف، لا أن تكون الدولة هي المشغل الأول. والإخفاق في النمو، يشكل ضغطاً إضافياً على القطاع العام، لذلك وظيفة الدولة الرئيسية أن تضمن إيجاد البيئة الممكّنة لنمو القطاع الخاص ونمو الاستثمار.
هل علينا أن ننتظر لنرى؟ - لا، هذا يتحقق. الأردن يخلق سنوياً وظائف تسهم في إبقاء معدل البطالة عند نسبة 13 في المئة. أنتم سألتم ما الذي سيكون مختلفاً؟ توجد رؤية واضحة لدى كل أعضاء مجلس الوزراء مفادها أن يكون برنامج تطوير القطاع العام هو برنامج للحكومة ككل. هذه نقلة نوعية في التفكير. البعد الآخر الذي أدخلناه هو إسهام كل شركائنا في تطوير القطاع العام مثل ديوان الخدمة المدنية، ووزارة الاتصالات، ووزارة المالية، وهناك مجلس الخدمة المدنية ومعهد التدريب الوطني، وجائزة الملك عبد الله للتميز. لجنة تطوير القطاع العام تضم كل الوزراء المعنيين بالإضافة إلى المؤسسات التي ذكرتها.
ما مدى رضاك عن الأداء الحكومي في أول مئة يوم؟ - من الداخل نحن نسير بشكل عام على الخطة التي وضعناها حتى الآن، وما كان يجب إنجازه أنجزناه في ما يخص الخطة الحكومية 2010 ضمن الضوابط التي عندنا. فقد خفضنا الإنفاق بشكل كبير لتخفيض العجز، ونحاول أن نعظم الأداء والقيمة المضافة للعمل ضمن هذه المحددات.
هناك حديث عن مركز لشكاوى المواطنين، ما وظيفته؟ - أطلقنا هذا الأسبوع آلية لاستقبال شكاوى المواطنين. فالمواطن يستطيع أن يتصل برقم هاتف مركزي من أي مكان في المملكة مجاناً، ويقوم مركز الاتصال باستقبال الشكوى وتوثيقها وإعطائها رقماً يرسل إلى المشتكي، وتحويلها فوراً إلى ضابط الارتباط المعني في المؤسسة المشتكى عليها، إضافة إلى وزارة تطوير القطاع العام. ويقوم ديوان المحاسبة وديوان المظالم وهيئة مكافحة الفساد بمراقبة الشكاوى حتى إذا كان فيها شبهات لتعالج بموجب تشريعاتهم. هذا البرنامج سيوفر للوزارة تقارير أسبوعية تحدد المؤسسات التي يوجد فيها مشاكل، وأولويات التدخل للإصلاح.
كيف ستعالجون مشكلة تحسين الخدمات المشتركة بين مؤسسات عدة؟ - هذا يمثل الخط الثاني في التوجهات على صعيد قطاعي. عندنا 10 قطاعات في الأجندة الوطنية. سوف ننشئ مجالس قطاعية من الأمناء العامين للمؤسسات العاملة في كل منها لتحسين الخدمات. المؤسسات المتشابهة يجب دمجها، عند ذلك ننتهي من الخدمات الأفقية، وننتقل لتحسين المستوى. الخطة الشمولية تحدد أننا سنعمل في السنة الأولى على عدد من القطاعات. وسنراجع الخدمات التي تقدمها ومعايير الأداء وما تحتاجه كل خدمة من وقت، ثم نعمل على تحديثها ضمن الموارد المتاحة. كيف ستوفرون التدريب؟ - بصدق يوجد تدريب كثير في أجهزة الدولة لكنه غير منظم، التدريب يجب أن يرتبط بموقع الموظف وبترقيته وتقدمه في مساره الوظيفي. هذا يعني أنه يجب أن نضع استراتيجية لتدريب الموظف في القطاع العام.
هل أصبح المطلوب واضحاً بشأن المؤسسات المستقلة؟ - سوف ننظر لكل المؤسسات المستقلة والأسباب الموجبة لإنشائها ومهامها وتشريعاتها، لنرى المؤسسات المتشابهة في مهامها حتى يصار إلى دمجها، وسيكون لدينا بدائل.
هل يوجد أمثلة على ذلك؟ - قطاع الاستشمار يتكون من عدة مؤسسات. نفكر بما إذا كان يمكن دمج هذه المؤسسات في مؤسسة أو مؤسستين، سنرى ما هو الحل الأمثل.
المشاريع الكبرى، كيف تم تحديدها وكيف ستمولونها؟ - كتاب التكليف حدّد للحكومة أولوية العمل على المشاريع الكبرى. الأجندة الوطنية أوصت بأن يضع الأردن استراتيجيات تحقق الأمن المائي، وأمن التزود بالطاقة، والأمن الغذائي، وتعزز دور الأردن كبوابة لوجستية للنقل. رئيس الحكومة استناداً إلى كتاب التكليف السامي، كلّفني أن أكون وزير دولة للمشاريع الكبرى، وطلب وضع آلية مؤسسية لمتابعة المشاريع الكبرى. بحلول العام 2030 سيكون هناك مشاريع كبرى بحوالي 30 مليار دولار أميركي. وجدنا كحكومة أنه لا بد أن ننشئ وحدة صغيرة في رئاسة الوزراء معنية بمأسسة متابعة المشاريع الكبرى. وعرضنا في نيسان/إبريل أول تقرير متابعة لدولة رئيس الوزراء وللجنة البنى التحتية والمشاريع الكبرى. وستصبح هذه الآلية شهرية. الخارطة التي أمامنا هي خارطة الأردن مثبت عليها كل المشاريع الكبرى المقررة. وتظهر أية تداخلات محتملة بين المشاريع. وعندنا أجهزة محوسبة تراقب كل المشاريع وتطورها ومؤشراتها.
لنبدأ بالطاقة؟ - الأردن دولة ليس عندها نفط. توليد الكهرباء يتم باستخدام غاز مستورد. في العام 2008، بلغت فاتورة استيراد النفط 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. إذا استمرينا بالاعتماد على استيراد النفط لن نقترب من تحقيق أمن التزود بالطاقة والكهرباء. وستكون معدلات النمو معرضة للخطر. كذلك نحن بحاجة إلى استثمارات مهمة في الطاقة، ولو من أجل تلبية احتياجات النمو السكاني والاقتصادي.
وماذا بشأن المياه؟ - بالمثل، يمثل الوضع المائي في الأردن تحدياً كبيراً، فالأردن يصنف ضمن أفقر 10 دول في العالم. ومهما عمل الأردن على تحسين كفاءة المياه والتوزيع وتقليل الفاقد، لا بد من إيجاد مصادر مياه جديدة؟ وعملياً لا يوجد لدينا كحل غير تحلية مياه البحر. مشروع الديسي الذي سيبدأ تنفيذه قريباً سيوفر سنوياً مئة مليون متر مكعب فقط. علاوة على ذلك، نحن نستهلك 20 في المئة من كهرباء الأردن على ضخ المياه من وادي الأردن إلى المرتفعات. وإذا قمنا بتحلية المياه في العقبة، سنحتاج إلى نقل 500-600 مليون متر مكعب من المياه شمالاً، وإلى الضخ من منطقة منخفضة إلى مناطق مرتفعة.
حل الطاقة النووية مكلف، وستقام المحطات في العقبة وهي منطقة زلازل! - في موضوع الطاقة، الأردن لن يعتمد على بديل واحد. نحاول أن نصل في 2020 إلى أن يكون 10 في المئة من مزيج الطاقة الموجودة طاقة متجددة، لكن هذه مصادر مساندة فقط. حوالي 35 في المئة من الطاقة يأتي من الغاز وتوليد الكهرباء. الآن عندنا اتفاقية مع مصر بأسعار مدعومة حتى 2013، بعدها سنضطر للتفاوض من جديد على الأسعار والكميات. كما أن الطاقة النووية في المزيج الذي نتحدث عنه ربما تصل إلى 6 في المئة. محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية، تنفذ في مناطق زلزالية في العديد من دول العالم. في اليابان يوجد 45 محطة مقامة في منطقة ذات نشاط زلزالي عالٍ. الأردن يطور برنامجه النووي بأسلوب علمي ومنهجي استناداً إلى أفضل الممارسات الدولية، وبحيث نكسب أفضل الشراكات في العالم.
متى سنبدأ بتوليد الكهرباء؟ - يعمل الأردن على رؤية طويلة المدى. أول محطة توليد كهرباء مستهدفة هي للعام 2018. الآن طلبنا عروضاً من الشركات العالمية المختصة. ونتوقع مع بداية العام القادم أنه سيتم اختيار الشريك الاستراتيجي لتنفيذ أول محطة توليد كهرباء بالطاقة النووية. الطاقة النووية مهمة في الأردن بوجود اليورانيوم. وتوليد الكهرباء بالطاقة النووية يساعد في المدى الطويل على توليد كهرباء بأسعار ثابتة. والأردن تعاقد مع شركات عالمية من أجل اختيار أفضل موقع لإنشاء محطة الكهرباء الأولى التي ستعمل على الطاقة النووية.
أين؟ - جنوب الأردن بالقرب من العقبة.
ما موقف الإقليم؟ - الأردن ملتزم بكل الاتفاقيات الدولية، وبحقوقه السيادية في إقامة مشاريعه الكبرى. وبغض النظر عن بُعد موقع المشروع من الحدود، فالمسألة الأساسية هي السلامة التي لن يكون فيها أي تهاون.
المياه من أين ستأتون بها؟ وهل تتقبل المولدات مياه البحر المالحة؟ - سنقوم بضخ المياه من العقبة. يوجد مولدات تستخدم مياه مالحة مباشرة وأخرى تستخدم مياه محلاة. وتدرس هيئة الطاقة الذرية هذه البدائل.
أين وصل مشروع قناة البحر الأحمر-البحر الميت، وماذا بشأن مشاكل البيئة والزلازل؟ - في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، طرح الأردن عطاء لاستقطاب شريك استراتيجي للحكومة لتنفيذ ما نسميه الآن «مشروع البحر الأحمر» أو ناقل البحرين وليس قناة البحرين لأنه لا وجود لقناة. وبخط موازٍ، يعمل الأردن مع البنك الدولي لاستكمال دراسات الجدوى الاقتصادية والدراسات البيئية. نتوقع أن ينتهي البنك الدولي من الاطلاع على دراسات الجدوى والدراسات البيئية، وتقديم تقريره النهائي خلال الربع الأول من العام 2011. لكن هذا لا يعطل السير في المشروع. فالحكومة الأردنية تلتزم دائماً بتنفيذ كل دراسات الأثر البيئي.
يشاع أن المياه التي ستصل البحر الميت ستطفو على السطح وبالتالي سيقتل البحر. وأن سحب المياه سيولد اهتزازات في المنطقة التي هي زلزالية أصلاً، ما ردكم على ذلك؟ - توجد شركات عالمية متخصصة عملت مع الحكومة، وبشكل مواز يوجد شركات تعمل مع البنك الدولي تدرس بدائل تنفيذ هذا المشروع وكل دراسات الأثر البيئي. ومما قرأت واطلعت عليه، فإن المسألة المطروحة ليست أن نعمل أو لا نعمل هذا المشروع، بل هي كيف نعمل المشروع بطريقة لا تحدث اثراً سلبياً أو تحقق أقل أثر سلبي ممكن. حتى دراسات الأثر البيئي الأولية بينت أن هناك إمكانية لتنفيذ هذا المشروع. وهناك بدائل أيضاً لتنفيذه بطريقة بيئية سليمة تعالج كل التخوفات.
هل ينفذ المشروع في الأراضي الأردنية؟ - نعم. الشيء الوحيد الذي له صلة بالآخرين هو أن المشروع سيقذف المياه المتبقية عالية الملوحة بعد التحلية في البحر الميت الذي هو عالي الملوحة. جريمة أن نبقى مكتوفي الأيدي ولا نعمل شيئاً لإنقاذ البحر الميت. ولن تكون هناك مشكلة حسب توقعاتنا عندما يتم رمي المياه المالحة في البحر، لا سيما أن هناك طريقة خاصة لرميها على عمق مئة متر بمبعثرات، وهذه طريقة علمية معروفة ومدروسة. لكن نحن نترك المجال لآلية البنك الدولي بمصداقيتها أن تسير بدراسات الجدوى والدراسات البيئية. أردنياً في الحد الأدنى نستطيع أن نحلّي المياه في العقبة ونرمي المياه المتبقية المالحة في البحر الأحمر، كما تفعل كل الدول المجاورة. لكن وجدنا أننا من خلال ناقل المياه نستطيع تحلية المياه ورمي المياه المتبقية المالحة في البحر الميت فنضرب عصفورين بحجر ونوفر فرصة للإخوان الفلسطينيين للاستفادة من المشروع. لكن إذا تعقد الموضوع نستطيع تنفيذ المشروع بالطريقة الأولى. حتى البنك الدولي يدرس ستة بدائل لتنفيذ المشروع. ليس هناك صح وخطأ هناك بدائل، ولكل منها آثار معينة.
هل هناك استهدافات إضافية لناقل البحرين؟ - نقل المياه عبر تطوير وادي عربة غير معزول عن تطوير هذه المنطقة. فمشروع البحر الأحمر يعدّ ممراً تنموياً متعدد القطاعات. فهو يساعد في تحلية المياه، استحداث رقع زراعية ذات مزايا تصديرية في الشتاء إلى أوروبا، تطوير مدن سياحية وصناعية، وسكنية. هناك مقومات في هذه المنطقة لم نستغلها بعد.
من أين ستمول هذه المشاريع؟ - فلسفتنا التمويلية هي الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث سيكون هناك شراكات حكومية مع ائتلافات دولية. فالشراكات بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في الأردن متعددة. والمشاريع التي نفذت منها على البنية التحتية تساوي خمس مليارات دولار أميركي. وعندنا أيضاً من المشاريع الكبرى، مشروع سكة الحديد الذي يربط المدن الرئيسية في الأردن، ويربط الأردن بسوريا والعراق والسعودية. |
|
|||||||||||||