العدد 3 - احتباس حراري
 

عندما اخترع توماس أديسون المصباح الكهربائي قبل 130 عاماً (1879)، بدا منقذاً للبشرية بشكلٍ ما. كيف لا، والعالم أصبح مُضاءً بكبسة زر بدلاً من الاعتماد على الشمعة والفانوس.

لكن الاختراع الذي تحول إلى رمز للنباهة والذكاء (فكرة = لمبة مضاءة) أصبح يمثل عبئاً على البيئة، ويزداد تأثيره سلباً يوماً بيوم. فلم يكن يدور بخلد أديسون وهو يستعير سلك خياطة من زوجته طامحاً في تغيير حياة البشرية، أن ما اخترعه سيُنظَر إليه بعد زمن طويل على أنه تراث مزعج يئن تحت وطأته كوكبُ الأرض.

إذا وضع المرء يده قريباً من مصباح مضاء، ولو بعد إضاءته لثوانٍ، سيشعر بحرارة ملحوظة تنبعث منه. المشكلة هنا أن أكثر من 90 في المئة من الطاقة التي يستهلكها المصباح يضيع على شكل حرارة. سببُ هذا فعاليةٌ متردية ومنخفضة للغاية تساوي نحو 5 في المئة.

لكن مع اختراع اللمبة الموفرة للطاقة، أو اللمبة الفلورية المدمجة compact fluorescent light - CFL، أصبح حل هذه المشكلة متاحاً، بخاصة وأن الوفر الذي تحققه يعني خفضاً في فاتورة الطاقة وحفاظاً على البيئة أيضاً.

الخبر الجيد هنا بحسب عاملين في سوق الإضاءة في الأردن، أن مبيعات مصابيح توفير الطاقة في ازدياد مستمر. سامر سختيان، تاجر أردني يستورد ويبيع هذا النوع من اللمبات، يؤكد أنها تمثل أكثر من 50 في المائة من مبيعاته.

يقول سختيان إن سعر هذه النوع من اللمبات كان مرتفعاً، مما جعل كثيرين يحجمون عن شرائها، لكن قراراً حكومياً أعفاها في العام 2008 من الضرائب والجمارك والرسوم، أدى إلى انخفاض أسعارها إلى نحو النصف، كما أن إقبال المواطنين على شرائها مكّن التجار من شراء كميات أكبر، وبالتالي التمتع بأسعار أفضل.

عالمياً، عانت هذه اللمبات من سلبيات أعاقت انتشارها: حجمُها الكبير نسبياً، وارتفاع ثمنها نسبياً أيضا، دفعَ الكثيرين إلى تفضيل اللمبات العادية. لكن اللمبات الموفرة للطاقة شهدت تطويراً كبيراً خلال العقدَين الأخيرين، ومن المتوقَّع أن تحل مكان اللمبات المتوهجة التقليدية آجلاً أو عاجلاً. فهي أكثر كفاءة منها بخمسة أو ستة أضعاف. فلمبة توفير طاقة قدرتها 23 واطاً تعادل لمبة متوهجة قدرتها 125 واطاً مثلاً. كما أن فترة حياة اللمبة موفرة الطاقة تصل إلى 8000 ساعة من الإضاءة مقابل 1000 ساعة فقط للّمبة التقليدية.

في الولايات المتحدة الأميركية صدر قرار فيدرالي في العام 2007 يمنع تدريجياً استخدام اللمبات التقليدية. وبحلول 2012، سيُمنع استيراد اللمبات العادية إلى السوق الأميركية. وفي بريطانيا حُظرت اللمبات العادية العام 2008، في إطار خطة بيئية حكومية للحفاظ على البيئة وتوفير الطاقة.

ابتداء من مطلع العام الجاري، توقّف في بريطانيا بيع مصابيح الكهرباء المتوهجة بقوة 75، 100، 150 واطاً. وبحلول العام 2010 سيتم أيضاً حظر بيع المصابيح المتوهجة بقوة 40 واطاً.

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية، فإن كل منزل في بريطانيا لو قام باستبدال ثلاثة مصابيح توفير الطاقة، بأخرى متوهجة، سيعادل الوفر في الطاقة خلال سنة، تكلفة إنارة الشوارع البريطانية لسنة كاملة.

كان مسؤول في الاتحاد الأوروبي أعلن في كانون الثاني/يناير 2008، عن خطة تبدأ في العام 2009 للتخلص من المصابيح الوهاجة بحلول العام 2012.

بانتهاء الخطة، فإن دول الاتحاد الأوروبي ستكون قد وفرت 40 تيراواط من الكهرباء في كل عام. وهذا يساوي كمية الكهرباء المستخدمة في دولة مثل رومانيا، وسيؤدي إلى تخفيض الانبعاثات بمقدار 15 مليون طن من غاز الكربون كل عام.

المنهج الذي تتبعه بريطانيا والاتحاد الأوروبي، يتضمن القيام بتغييرات طفيفة، يمكنها أن تتضاعف بالملايين عندما يقوم بها ملايين الناس، ما يؤدي إلى نتائج أساسية ومؤثرة.

ووفقاً لمجلة Popular Mechanics الأميركية، فإن المنزل الأميركي الذي يحتوي على 45 لمبة في المتوسط، معدل قدرتها 75 واطاً، إذا استُبدلت بها لمبات توفير طاقة، فإن هذا سيحقق وفراً قدره 180 دولاراً سنوياً.

صحيفة US News قدّرت أن كل لمبة CFL تكلّف نحو 3 دولارات، بالمقارنة مع 50 سنتاً للمصباح العادي. لكن مصباح CFL يستخدم نحو 75 في المئة أقل من الطاقة، ويعيش خمس سنوات بدلاً من بضعة أشهر. الأسرة التي تستثمر مبلغ 90 دولاراً لتغيير 30 من مصابيح المنزل إلى CFL ستوفر ما بين 440 دولاراً و1500 دولار على مدى خمس سنوات من حياة المصابيح، بحسب تكلفة الكهرباء.

ورغم ثبوت أن هذه المصابيح تعدّ الأفضل للحفاظ على البيئة، إلا أن كثيرين يتخوفون من استعمالها لاحتوائها على الزئبق. صحيفة US News أكدت في تقرير أخيراً أن المصباح الواحد من مصابيح توفير الطاقة يحتوي على أقل من 1 في المئة من الزئبق الذي يحتويه ميزان الحرارة التقليدي. وتضيف الصحيفة أنه وبحلول العام 2012، سيبدأ الإنتاج المكثف لما يسمى light-emitting diodes - LEDs، وهذه مصابيح كفؤة جداً، ولا تستخدم الزئبق.

مصابيح توفير الطاقة قريباً دون زئبق إنقاذ العالم بكبسة زر
 
01-Sep-2009
 
العدد 3