العدد 11 - أربعة أسابيع
 

لم تتحدد الجهة المسؤولة عن انهيار بناية قيد الإنشاء في منطقة وادي السير يوم 10 آذار/مارس 2010، فبعد إخلاء سبيل 16 من مهندسي أمانة عمان الكبرى وموظفيها عقب التحقيق معهم من المدعي العام، أعلن مجلس الأمانة «عدم مسؤوليته» عن الحادث.

كما أصرت نقابة المهندسين على عدم مسؤوليتها، وقالت إن المخططات الهندسية التي نُفّذ البناء وفقها «لاغية»، إذ كشفت التحقيقات أن مالك البناية قد استصدرها العام 1997، في حين أنه باشر البناء العام 2007، والقانون ينص على وجوب مباشرة البناء في مدة أقصاها أربعة أشهر.

يبدو أن تحديد «مسؤول مباشر» عن انهيار البناية التي نُفذت دون إشراف هندسي مباشر، لن يكون مهمة سهلة، فالجدل الذي دار بعد انهيار البناية المؤلفة من سبعة طوابق، ومقتل خمسة من عمال البناء فيها، كشف أن الخلل لم يكن في البناء وحده، بل في عدم الوقوف بحزم في مواجهة ممارسات تهدد السلامة العامة، منها كما يقول عماد المومني، صاحب مكتب هندسة، تعليمات «قاصرة» لنقابة المهندسين، تشجّع ما يُعرف في الميدان بظاهرة «التسجيل الصوري» للمهندسين المشرفين على المشاريع.

التعليمات كما يوضح المومني، تشترط تعيين مهندس مقيم في كل مشروع تزيد مساحته على 500 متر مربع، وهذا «غير عملي» في ظل الطفرة العمرانية الهائلة التي تشهدها البلاد، فليس لدى المكاتب مهندسون بعدد المشاريع، كما أن الأتعاب الهندسية لن تغطي تكلفة المهندس المقيم في ظل سعي المالكين إلى تقليص النفقات.

الحل كما يرى المومني، رفع سقف المشاريع التي تلزم بتعيين مهندس إلى ألف متر، والسماح للمهندس بالإشراف على أكثر من مشروع، ما يسمح بتفعيل الرقابة بشكل حقيقي.

تجاوز آخر على القانون يلفت إليه رئيس لجنة المكاتب الهندسية في إربد تيسير قنو، يتمثل في قيام البلديات بمنح تراخيص بناء لمشاريع قائمة لم تنفَّذ وفق مخططات هندسية معتمدة، حيث تقوم البلديات باعتماد ما يعرف بـالكروكيات، وهي مخططات لا تتضمن سوى وصف لمسطحات البناء وواجهاته، بهدف استيفاء رسوم الترخيص.

قنو يلفت إلى أن أصل هذه الممارسة يعود إلى العام 1997 عندما وقّع وزير البلديات آنذاك عبد الرزاق طبيشات، مذكّرة تفاهم مع نقابة المهندسين، مدّتها عام واحد، بهدف ترخيص عشرة ملايين متر مربع قائمة دون ترخيص، كشفت عنها دراسة أجرتها الوزارة حينئذ.

تجاوز البلديات يتعدى استمرار العمل بمذكرة انتهت منذ 12 عاماً. يقول قنو: «الكروكيات التي تستصدرها البلديات غير مختومة من نقابة المهندسين، وبعضها صادر عن مكاتب هندسية وهمية، وقبل فترة اكتشفنا أن هناك كروكيات صادرة عن مكتب هندسي مغلق منذ سنوات لوفاة صاحبه».

حادثة بناية وادي السير لم تكن الأولى، فقد سبقتها انهيارات لأبنية قيد الإنشاء وجدران استنادية، ورغم أن الأمر لم يتحوّل إلى ظاهرة، إلاّ أن حدثاً بهذه المأساوية يجب أن يكون جرس إنذار.

انهيار عمارة وادي السير: البناء ليس السبب الوحيد
 
01-May-2010
 
العدد 11