العدد 10 - نبض البلد
 

بدا واضحاً أن الإعاقة لا يمكنها أن تثني المرء عن تطوير موهبته وتنمية مهاراته إن هو سعى إلى ذلك. ففي الحفل الذي قدمته الفرقة الفنية الصينية للمعاقين، على مسرح مركز الحسين الثقافي يومَي 8 و9 آذار/مارس، شكّلَ الراقصون والراقصات لوحات بديعة مزركشة باللون والموسيقى، كاشفين عن طاقة إيجابية خلاّقة مختزَنة في الإنسان يمكن تفجيرها عبر الأداء المبدع والتناغم مع الفريق.

العرض الذي أقيم احتفالاً بإعلان العام 2010 عاماً دولياً للتقارب بين الثقافات، حضره جمهور كبير من العرب وحشد من أبناء الجالية الصينية في عمّان، واشتمل على الموسيقى والحركات البهلوانية والغناء والرقص والعرض الأوبرالي.

استهلت الراقصات من فئة الصم والبكم الحفل برقصة «الألف يد»، وشكّلنَ لوحات استعراضية تمازجت فيها حركات أيديهن وإيقاعاتها، فمن تنين يتحرك بانسياب، إلى طاووس يتباهى بذيله، إلى موج بحر يتماوج بهدوء.. واختُتمت هذه اللوحة بوقوف الجماهير التي ملأت القاعة تعبيراً عن الانبهار. وكانت هذه الرقصة قُدمت في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في بكين العام 2008.

تواصلَ العرض الذي حمل عنوان «حلمي»، بلوحات جسّدت معاني الحب والإخاء وكيفية تعايش المعاقين مع إعاقتهم وتغلبهم على صعوباتها بالتصميم والإرادة، وأبرز أمثلتها ما قدمه هوانغ يانغ قوانغ، وهو فتى مبتور الساعدين، من حركات بهلوانية تحاكي إيقاع حياته في الريف، وكيف يستطيع حمل العصا التي تتدلى من طرفيها دِلاء الماء، ورافقته في العرض فرقة من الموسيقيين المكفوفين الذين عزفوا على آلات صينية تقليدية. وكان قوانغ كما أوضح لـے، تعرّضَ في صِغَره لصاعقة كهربائية أفقدته ساعديه، مما دفعه للاستعاضة عنهما بقدميه، يقول: «دربت نفسي كثيراً على تجاوز هذه المحنة، حتى وصلت إلى مرحلة أستطيع فيها الحياكة بقدمي».

وتألّقَ في الغناء المنفرد فنانون مكفوفون، إذ قدمت قاو شين شين أغنية بعنوان «لغز الحياة» استُهلت كلماتها التي تُرجمت للعربية عبر عرض على شاشتين متقابلتين على طرفَي المسرح: «بفضل الخير تصبح الحياة جميلة.. بفضل الحب تستمر الحياة بلا انقطاع». كما غنى الكفيف يانغ هاي جيون: «حين أغنّي أرى سحابات بيضاء تسبح في السماء»، كما أدّى «عَلّي صوتك بالغنا» لمحمد منير. ولم تكن هذه الأغنيةَ العربية الوحيدة التي قدمتها الفرقة، إذ غنت شين من التراث الأردني «يا ابو خْدِيد منَقْرِش» التي رددها معها الجمهور بحماسة منقطعة النظير.

توالت عروض الفرقة التي تتكون من نحو 90 عضواً من ذوي الاحتياجات الخاصة، لتقدم الرقصات: «ندى الربيع»، «الفَرَاش»، «روح الطاووس»، «الأرض الصفراء»، والمقطوعات الموسيقية: «بعز الليل»، «ملامح الريح»، وأغنية من فيلم «صوت الموسيقى»، وموسيقى أغنية «أنا كل ما أقول التوبة»، لتختتم الفرقة عرضها الذي استمر زهاء ساعتين بأغنية «نحن العالم» We Are the World لنجم البوب الراحل مايكل جاكسون ولينول ريتشي.

غادر الجمهور بعد أن حيّا أعضاء الفرقة بالتصفيق الحار، غير مصدّق ما رأته العيون وسمعته الآذان. أحد الشبان الذين حضروا العرض علّق لـے على ما شاهده، قائلاً بفكاهة: «يا ريت الأصحاء عنّا مثل المعاقين في الصين»، بينما أكدت الشابة إيناس مزكيان أنها بعد أن رأت ما قدمه هؤلاء المعاقون، تأمل أن تحضر عرضاً للصينيين الأصحّاء، وتساءلت بطرافة: «إذا المعاقين عندهم هيك، كيف السليمين؟!».

أداء مبهر لمعاقين صينيين في عمّان الطاقة المبدعة إذ تتفجّر فنّاً
 
01-Apr-2010
 
العدد 10