العدد 10 - إبداع
 

معتز عازر مدير يو سي ماس الأردن. يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة نيويورك للتكنولوجيا في أبو ظبي، العام 2007، وسبق أن نال شهادة البكالوريوس في الصيدلة من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية العام 1999، عمل بعدها مع عدة شركات للأدوية، وتنقل بين الأردن وأبوظبي التي ولد وتلقى تعليمه لسنتين فيها، قبل أن يعود إلى الحُصن (شمال الأردن) ويستكمل دراسته الأساسية والثانوية في مدارسها.

«يو سي ماس- الأردن» شركة مساهمة خاصة ذات مسؤولية محدودة، أسستها مجموعة من المستثمرين العرب. بدأت أعمالها في النصف الثاني من العام 2007 بتطبيق برنامجها الخاص بالحساب الذهني الذي يتميز بتطوير القدرات العقلية الكامنة للأطفال حدّ الإبداع، وهي تقدم هذا البرنامج الآن في تسع مدن أردنية.

حاوره: حسين أبو رمّان

ے: كيف تعرّفون برنامج «يو سي ماس»؟

- «يو سي ماس» هو الأحرف الأولى مما يعرف بـ«المفهوم الشامل لنظام الحساب الذهني»، وهو برنامج موجه للأطفال لتفعيل طاقاتهم العقلية الكامنة في المرحلة العمرية بين سن الرابعة والثانية عشرة. أطلق هذا البرنامج في الأردن في آب/أغسطس 2007، وهو ينفذ حالياً من خلال شراكات مع 35 مدرسة ومركزاً تعليمياًً في تسع مدن أردنية.

ے: ماذا يعني نظام الحساب الذهني؟

- هو عمليات الحساب من جمع وطرح وضرب وقسمة... إلخ، ينفذها الدماغ ذهنياً، أي أنه يجريها بشكل منفرد دون استخدام أي أداة مساعدة سواء كانت قلماً وورقة أو آلة حاسبة، حيث يكون معالج المعلومات هو العقل البشري فقط. ويبدأ التدريب على هذا النظام باستخدام العداد الخشبي، وهو أداة صينية قديمة يعود ابتكارها إلى ما قبل 3000 سنة. الطلبة الذين يتلقون التدريبات على هذا البرنامج، يكتسبون، ذهنياً، مهارة إجراء عمليات حسابية طويلة أو صعبة في زمن قياسي.

ے: ما دلالة استهداف الفئة العمرية من 4 إلى 12 سنة تحديداً؟

- إن أكبر قدر من النمو في الدماغ البشري يتم قبل سن الثالثة عشرة، حيث يبلغ العقل ذروة تطوره بين الرابعة والثانية عشرة من عمر الطفل الذي يكون 75 في المئة من قدراته العقلية قيد النمو. هذه القابلية العالية جداَ لدى الأطفال للتكيف والتطور، يمكن صقلها ورفدها بالتكامــل المرئي/لــحركــي والسمعي/لـحركي. لهذا السبب، يوصي الخبراء بتعليم الأطفال في سن مبكرة لغة جديدة إلى جانب لغتهم الأُم، أو تعلم العزف على آلة موسيقية، أو مُمارسة أي نشاطٍ آخر من أنشطة تطوير العقل لكونها تحفز الدماغ وتسهم في نموه وتطوير أدائه، ولهذا يكون تعلم هذه المهارات أكثر سهولة على الأطفال في هذه السن المُبكرة. هذا في حين أن الدماغ إذا كبر وبلغ حجمه ووزنه الطبيعيين، فإن إحداث التغيير يصبح أكثر صعوبة، ويتطلب جهداً أكبر.

ے: هناك من يعتقد أن تعلم الطفل أكثر من لغة أجنبية إلى جانب اللغة الأم يشتت قدراته، ما رأيك؟

- الوقائع الحياتية التي نعرفها تدحض هذا الانطباع. فهناك أطفال كثيرون يتكلمون ثلاث لغات بطلاقة، لأن العقل البشري قادر على استيعاب ذلك. المهم في هذه الحالة هو أن يتم التعلم في سن مبكرة وبطريقة ملائمة تربوياً. ونحن نعدّ من يتدرب على برنامج يو سي ماس كما لو أنه تعلم لغة جديدة.

ے: هل هناك تأثيرات «جانبية» إيجابية لهذا البرنامج في تنمية شخصية الطفل؟

البرنامج لا يستهدف في الأصل التأثير في الجانب السلوكي لدى الأطفال، ومع ذلك، فإن له تأثيرات إيجابية باهرة، ويعود ذلك إلى سببين رئيسيين؛ الأول هو أن الأطفال الذي يتلقون تدريبات برنامج يو سي ماس، يلتحقون بمجموعات صفية يتكون طلابها من فئات عمرية ومدارس مختلفة، وهذا يوفر لهم معارف وتجارب جديدة، ويسهم في صقل شخصياتهم. أما السبب الثاني؛ فهو أن التميز الذي يوفره البرنامج للطفل بين أقرانه وفي أسرته ومجتمعه، يعطيه ثقة أكبر بنفسه. ويقدم أهالي الأطفال شهادات رائعة عن التغيير الذي يقع لأطفالهم على صعيد حضورهم وثقتهم بنفسهم، وخاصة إذا لم يكن لديهم قبل ذلك ما يوفر لهم الإحساس بالتميز مثل التفوق المدرسي، أو ثراء العائلة، أو عضوية فريق رياضي، أو ما شابه ذلك.

ے: كيف تفسر وجود قابليات مختلفة لدى الأطفال على صعيد الإبداع؟

كل الأطفال لديهم قدرات إبداعية كامنة، وإن بمستويات متفاوتة، لكن إبراز هذه القدرات يتوقف على التدريب. يوجد أطفال يكون النصف الأيمن من عقولهم هو المهيمن، وبما أن هذا النصف هو المسؤول عن الإبداع، لذلك يكون الاستعداد الوراثي للإبداع لديهم أعلى، وتكون فرصة أن يصبحوا مبدعين أكبر. لكن الشق الآخر المكمل للجانب الوراثي هو التدريب بكل ما ينطوي عليه من جهد وعرق ومتابعة. من هنا فإن تقاطع المهارتين الوراثية والتدريبية هو الذي يبرز القدرات لدى الأطفال ويعمل فرقاً. ورداً على سؤال حول أيهما أكثر تأثيراً على شخصية الطفل؛ العنصر الطبيعي (الوراثي) أم البيئي (التدريب)، أجاب عالم النفس الكندي Hebb، بطرح السؤال التالي: أيهما أكثر أهمية لمساحة المستطيل؛ الطول أم العرض؟

ے: ما الذي يحول دون استمرار قابلية الإبداع لدى الطفل؟

ما يجري على أرض الواقع، هو أن الأطفال لديهم قبل دخول المدرسة مستويات عالية من الإبداع، لكن بسبب نوعية النظام التعليمي الذي يركز على المهارات الخاصة بالجانب الأيسر من الدماغ المسؤول عن اللغة والتحليل المنطقي والرياضيات، وكذلك توجيه «الكبار»، أي الأهل لأطفالهم نحو المهارات التي يهيمن عليها هذا الجانب من الدماغ، فإن 10 في المئة من الأطفال فقط يحتفظون بمستوى عالٍ من الإبداع عند بلوغهم سن السابعة من العمر. أما عندما يبلغ الطفل سن الرشد، فإن هذا المستوى العالي من الإبداع لا يبقى سوى لدى 2 في المئة من الأطفال.

ے: ماذا توفر لكم الشراكات التي تقيمونها مع نخبة من المدارس الخاصة؟

- المهم في الشراكة هو الموقف الإيجابي للمدرسة من برنامج يو سي ماس، وترحيبها باستفادة طلبتها منه. أما علي الصعيد العملي، فإن المدارس الشريكة توفر للبرنامج المكان لتقديم الحصص داخل المدرسة، وهذا يسهل على الأهل اتخاذ القرار بشأن تسجيل أبنائهم في البرنامج. وتحصل المدرسة الشريكة على مردود مالي رمزي مقابل استخدامنا المرافق.

ے: هل هناك تأثيرات ملموسة لهذا البرنامج على تطوير قدرات الطفل بشكل عام؟

تدريب الأطفال لاستيعاب وإتقان برنامج يو سي ماس يحتاج إلى تدريب الأطفال على مهارات أساسية مثل التركيز والتذكر؛ سواء التصويري أو الرقمي، التخيل والتصور، استخدام حاستي السمع والبصر. هذه المهارات تجعل من الطفل العادي طفلاً متميزاً جداً على المستوى الأكاديمي، إذ يصبح بمقدوره تحسين تحصيله المدرسي مع بذل وقت أقل في الدراسة.

ے: من هو مبتكر نظام الحساب الذهني، ومتى؟

- ابتكر هذا النظام العام 1993، الماليزي من أصل صيني Dino Wong، ما يفسر لماذا كانت ماليزيا سبّاقة إلى دمج نظام الحساب الذهني في مناهج مدارسها الحكومية والخاصة كأول دولة في العالم.

ے: كيف تنظر لمسؤوليتكم الاجتماعية؟

- رغم حداثة انطلاقتنا، نحن نؤمن بوجود مسؤولية اجتماعية لبرنامج يو سي ماس، بالنظر إلى مكانة التعليم كأهم أدوات التغيير في مجتمعنا. وقد بدأنا ترجمة هذه المسؤولية الاجتماعية بالشراكة مع «مبادرة التعليم الأردنية» التي ترعاها الملكة رانيا العبد الله، أواسط آذار/مارس 2010، حيث سنقوم بإجراء دراسة توثيقية خلال سنة لطلبة من أربع مدارس حكومية لقياس التطور في التعامل مع برنامج يو سي ماس. وهناك مبادرات أخرى قيد الدراسة، سنعلن عنها لاحقاً.

مدير «يو سي ماس- الأردن» كل الأطفال مبدعون لكن الفرص والتدريب يخلقان المميّزين
 
01-Apr-2010
 
العدد 10