العدد 3 - استهلاكي
 

حراكٌ نقابي شهدته البلاد أخيراً في مواجهة الضريبة على المبيعات، الجديدُ فيه حدوث «مناوشات» بين النقابيين أنفسهم، انتهت باعتصام غير منظّم، واتفاق نسفَ الهدف الأساسي من الحملة النقابية.

نقابة الصيادلة، جددت مطالبتها أخيراً بإلغاء الضريبة العامة للمبيعات على الأدوية. النقابة كانت دعت إلى «إضراب احتجاجي» للصيادلة في جميع أنحاء البلاد. وبعد أن تم التوافق على الإضراب، قررت النقابة تعليقه بعد توافقٍ مع الحكومة، بيد أن عدداً قُدّر بـ 75 في المئة من الصيادلة اعتصموا في جميع أنحاء المملكة في 26 تموز/يوليو، رغم طلب النقابة تعليق الإضراب.

نقيب الصيادلة طاهر الشخشير، قال في حديث لـ«ے» إن إلغاء الضريبة يساهم في التوفير على المواطن، بخاصة أن الدواء ليس سلعة ترفيهية، بل إنه من المواد الأساسية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، لذلك فإن أي ارتفاع على سعره ينعكس سلباً على مصلحة المواطن وصحته. إضافة إلى أن إلغاء الضريبة بحسب الشخشير، يخفف العبء النفسي والمحاسبي على الصيادلة.

ويلفت النقيب إلى أن مساهمة ضريبة المبيعات على الأدوية في مجمل الميزانية العامة، «متواضعة جداً، لا تتجاوز 6 ملايين دينار».

لكن الحكومة لديها وجهة نظر مغايرة بما يتعلق بالضريبة على الأدوية، إذ إن نسبة كبيرة من المواطنين تتمتع بتأمين صحي حكومي. الناطق الإعلامي باسم دائرة ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة يؤكد في تصريح لـ«ے» عدم وجود نية لإلغاء ضريبة المبيعات البالغة نسبتها 4 في المئة على الأدوية.

الطراونة يبين أن أكثر من 90 في المئة من الأردنيين لا يدفعون ثمن الأدوية، ذلك لأن منهم من يندرج تحت مظلة التأمين الحكومي أو تأمين الشركات الخاصة أو النقابات، أو يستفيد من صندوق المعونة الوطنية، بينما يستفيد من تزيد أعمارهم على 60 عاماً أو تقل عن 6 سنوات من التأمين الحكومي الموجّه لهاتين الفئتين.

وفقاً للطراونة، فإن ضريبة المبيعات تُفرض على الصيدليات أو التجار الذين تزيد مبيعاتهم السنوية على 75 ألف دينار، فيما تُعفى الصيدليات التي تقل مبيعاتها السنوية عن ذلك.

نقابة الصيادلة، التي يرى نقيبها أن تخفيض سعر دواء ما من 15 ديناراً إلى 14.5 دينار مثلاً يعدّ “وفراً جيداً للمواطن قد يستخدمه لشراء الخبز”، تساندها قوى سياسية ضمن التوافق النقابي-الإسلامي المعهود.

رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي النيابية حمزة منصور، طالب الحكومة بإعفاء الأدوية من ضريبة المبيعات “إسهاماً منها في التخفيف عن المواطنين الذين يعانون بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار”.

انتقد منصور، في مذكرة أرسلها لرئيس الوزراء نادر الذهبي أخيراً، ما وصفه بـ«قصور الإجراءات الرسمية عن بلوغ أهدافها في تخفيض فاتورة الاستهلاك».

وجاء في المذكرة: “لمّا كانت حاجة المواطن للدواء ماسّة تبلغ حد الضرورة، فإننا نأمل إعفاء الأدوية من ضريبة المبيعات، حيث تعلمون الكلفة العالية لفاتورة الدواء”.

وزاد منصور أن إعفاء الأدوية من الضريبة العامة على المبيعات يمكن أن يسهم في تخفيض التكلفة على المواطن، ولا يحمّل الخزينة أكثر من ستة ملايين دينار.

الجمعية الوطنية لحماية المستهلك كانت طالبت هي أيضاً بإعفاء الأدوية من الضريبة. وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات في بيان صحفي في نيسان/إبريل من العام الجاري، إن الجمعية عارضت إخضاع الأدوية لضريبة المبيعات فور صدور القرار المتعلق بذلك، بوصف المستهلك هو المتضرر الأكبر.

وأضاف أن توفير الخدمة الصحية، بما فيها الدواء، حق من حقوق المستهلك، وعليه فإن قرار الحكومة بفرض ضريبة على الأدوية لا يتوافق مع التوجيهات الملكية بتحقيق التأمين الصحي الشامل للمواطنين بما في ذلك الدواء.

وثمّن البيان مكرمة شمول الأطفال دون سن السادسة وكبار السن فوق الستين عاماً في نظام التأمين الصحي المدني. وأكد رفض «حماية المستهلك» فرض أي ضرائب على الاحتياجات الأساسية للمستهلكين، وفي مقدمتها الأدوية.

عبيدات لجأ إلى مقارنة “جديدة” بين أنواع الأدوية، فتمنى على الحكومة إعادة النظر في قرار إخضاع الأدوية البشرية لضريبة المبيعات كما فعلت مع الأدوية البيطرية، وصولاً إلى تحقيق التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين، والتوافق مع حقوق المستهلك الدولية التي وقّع عليها الأردن قبل نحو ربع قرن ، وتتضمن حق توفير الاحتياجات الأساسية التي يأتي الدواء في مقدمتها.

لكن الشخشير يؤكد أن الأزمة المالية العالمية، وتأثيراتها على الأردن، تجعل إقناع الحكومة بإلغاء الضريبة مهمة صعبة. ويؤكد في حديث لـ”ے” أن اتفاقاً سيُبرم قريباً مع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات وجمعية أصحاب مستودعات الأدوية، لاستيفاء ضريبة المبيعات على الأدوية عبر مستودعات الأدوية من دون الصيدليات. ويلفت إلى أن اجتماعاً سيُعقد مع مسؤولي الضريبة لإقرار الآلية القانونية للاتفاق.

وقد اتفقت النقابة مع جمعية المستودعات على أن يتم استيفاء ضريبة المبيعات على الدواء المباع في الصيدليات مباشرة من المستودع.

دائرة ضريبة الدخل والمبيعات وافقت على الصيغة الجديدة لاستيفاء الضريبة، لكنها طلبت تقديم مذكرة تتضمن آلية واضحة لتطبيق هذا الاتفاق الذي دفعَ كثيرين إلى انتقاد نقابة الصيادلة لـ”تخلّيها عن المواطن”، إذ بدا وكأن المواطن استُخدم لإقناع الحكومة بقبول تسوية بهدف مساعدة الصيادلة، دون الالتفات إلى مطالب المواطن.

عضو في نقابة الصيادلة، فضّل عدم نشر اسمه لحساسية موقعه، يرى أن الاتفاق المزمع يفرغ مطالبات إلغاء الضريبة على الأدوية من مضمونها، ويؤكد أن لا هدف للصيادلة من هذا الموضوع سوى “عدم تمسيك دفاترهم لضريبة المبيعات، وعدم الإفصاح عن دخولهم الحقيقية، وذلك لتخفيف العبء الضريبي عن الصيادلة أنفسهم وليس المواطنين كما أعلنت النقابة غير مرة ومنذ العام 2003”.

تنتشر في البلاد نحو 1800 صيدلية، شملت دائرةُ ضريبة الدخل نحو 600 من هذه الصيدليات بضريبة المبيعات، بعد أن حددت حد التسجيل للضريبة بما قيمته 75 ألف دينار سنوياً كحجم للمبيعات مشمول بالضريبة.

«النقابة» تستخدم المستهلكَ ذريعة للوصول إلى تسوية ضريبة على الأدوية يسدّد المواطن فاتورتها
 
01-Sep-2009
 
العدد 3