العدد 10 - اقتصادي | ||||||||||||||
خلصت أحزاب المعارضة في ورقة أعدتها بعنوان «البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي» إلى أن الاقتصاد يمر بظروف استثنائية، ويعاني من أزمة حادة وركود تستوجب إجراءات فورية لمعالجة اختلالات كانت ثمرة للسياسات الاقتصادية المتعاقبة منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي. أحزاب المعارضة، وهي: جبهة العمل الإسلامي، الوحدة الشعبية، الشيوعي، الشعب الديمقراطي-حشد، البعث التقدمي، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة، والبعث الاشتراكي، طرحت برنامجها الذي جاء في 34 صفحة في مؤتمر عقدته لهذه الغاية في مركز الحسين الثقافي بمنطقة رأس العين في 20 آذار/مارس 2009، وحضره نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، تلبية لدعوة تقدمت بها تنسيقية المعارضة للأحزاب. الأحزاب تناولت في ورقتها سياسات التصحيح الاقتصادي التي ترى أنها تمثلت في زيادة الضرائب غير المباشرة على المواطنين، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة معظم السلع الأساسية، مع انخفاض الإنفاق الحكومي على الخدمات. ورغم أن الورقة تقر بتأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد، إلا أنها تؤكد أن رفع الدعم عن الإنتاج المحلي وعن الصادرات الوطنية، وتحرير التجارة الخارجية والداخلية، وإزالة الحواجز الجمركية لتسهيل انسياب السلع والبضائع الأجنبية، دفع باتجاه نمو قطاعات غير إنتاجية مثل التجارة والخدمات والإنشاءات، على حساب القطاعات الإنتاجية الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على الخارج في تأمين الاحتياجات الأساسية والمواد الغذائية. انتقدت الأحزاب الفرق الاقتصادية في الحكومات، لأنها طالما استخفت بتأثيرات الأزمة المالية العالمية، وتعاملت معها بسطحية عندما طرحت خطة استثمارية قيمتها 156 مليون دينار لتحفيز الاقتصاد، وتراجعت عنها لعدم توافر الموارد المالية. ربما يكون أهم ما في البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي، هو ربط الإصلاح الاقتصادي بالإصلاح السياسي، من خلال تطوير القوانين العامة المرتبطة بالحريات العامة، وبناء دولة القانون والمؤسسات، وتوفير مناخ ملائم للتداول السلمي للسلطة، تتحمل فيه الحكومة مسؤولياتها حول مختلف القضايا الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال برنامجها المقر من قبل مجلس النواب المنتخب. الحضور التفاعلي لنائب رئيس الوزراء، رجائي المعشر، للمؤتمر، كسر التقليد السائد بمقاطعة المسؤولين الحكوميين لنشاطات المعارضة، وشكّل تقليصاً للهوة الراسخة في تفاعل الحكومة مع الدعوات التي توجه لها من قبل منظمات المجتمع المدني. وإذ يرى محمد البشير، الرئيس السابق لجمعية المحاسبين القانونيين، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن حضور المعشر لا يعني تبني المسؤولين للوثيقة التي أعدتها تلك الأحزاب، فإنه يقر في حديثه لـے «أنها المرة الأولى التي يتواجد فيها مسؤول بمستوى المعشر في لقاءات كهذه». يتفق مع البشير، الأمين العام للحزب الشيوعي منير حمارنة، ويرى أنه للمرة الأولى يشارك مسؤول رفيع المستوى في اجتماع طرحت فيه الآراء كافة ومنها الحكومية، ويقول لـے: «الأحزاب تقدمت في أوقات سابقة بنحو 20 دراسة وتوصيات قوبلت بالتجاهل». «لست متفائلاً كثيراً باستجابة الحكومة»، يضيف الحمارنة، لكنه يؤكد أن لقاءً مثل هذا يمكن أن يكون بداية للحوار وهو «مطلوب بشدة». البشير الذي لا ينتمي لأي من الأحزاب، وكانت له مداخلة حول الضريبة، يعتقد أن اللقاء الذي تضمن نقاشات بين طرفين متضادين «الحكومة والمعارضة»، يمكن أن يشكل نواة لحوارات أخرى موسعة. المعشر خلال اللقاء، وبشكل فني، حاول أن يقنع الحضور بضرورة التفريق بين ما وصفه بأزمة مالية وأخرى اقتصادية، ويجزم أن الحال يعاني من أزمة مالية تتمثل بعجز موازنة يتجاوز المليار دينار بينما النشاط الاقتصادي بشكل عام، الذي يعكس نمواً بنسبة 4 في المئة، لا يدعو للخوف رغم إقراره بوجود حالة ركود لا يعدها خطيرة. اجتماع الأحزاب على ورقة اقتصادية واحدة وتقديمها، شكل إجماعاً ربما غير مسبوق، خصوصاً أن تلك الأحزاب تختلف فيما بينها في رؤاها الاجتماعية والاقتصادية وحتى في توجهاتها السياسية. ويؤكد حمارنة أن الأحزاب سارت كثيراً باتجاه تحقيق ما تجمع عليه، وإن كان يعتقد بوجود خلافات في وجهات النظر. لكن حمارنة على الرغم من تأكيده أهمية مشاركة المعشر في اللقاء، إلا أنه يجزم بأن على الحكومة أن تطبق سياسات اقتصادية تساعد على وضع حد للعجز في الموازنة وتحفيز النمو. الناطق الرسمي باسم أحزاب المعارضة، الأمين العام للحركة القومية للديمقراطية المباشرة نشأت أحمد، قال لـے: «إن النهج الاقتصادي الذي دأبت الحكومات المتعاقبة على الأخذ به، قد أوصل وضعنا الاقتصادي إلى حافة الهاوية، الأمر الذي زج بأبناء الشعب الأردني في خضم العديد من الأزمات». أحمد يرى أن «تمكين جميع شرائح المجتمع من المشاركة الجادة في صنع القرار أمر مهم، مع ضرورة أن يتحول المجتمع بموجب خطط تنموية دقيقة إلى مجتمع منتج بدلاً من بقائه مستهلكاً»، لكنه لم يحدد أية سياسات اقتصادية توصل إلى الأهداف المنشودة. المعشر حاول خلال اللقاء إقناع الحضور بأن الأزمة ليست كما يرونها، وقال لأحزاب المعارضة إننا بعيدون جداً عن وقوع أزمة مشابهة للأزمة التي وقعت العام 1989، وطمأنهم أن نسبة المديونية العامة للدولة ما زالت تحوم حول 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة المقررة في قانون الدين العام، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة عدم تجاوز هذه النسبة. يكتفي عضو اللجنة التي شكلتها المعارضة ومسؤول الملف الاقتصادي في التيار الوطني الديمقراطي، فهمي الكتوت، تعليقاً على حضور المعشر، بأنه لا يستبعد إمكانية تجاوز الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها الأردن، ولكن بتكلفة مرتفعة، حسبما يقول. |
|
|||||||||||||