العدد 10 - الملف | ||||||||||||||
«جيوب الفقر»، «المناطق النائية»، «المعوقون»، «المدارس الأقل حظاً»، تعابير مختلفة تعكس اعترافاً بنمط من أشكال التهميش في المجتمع، يطال فئات سكانية واسعة. غير أن هناك نمطاً آخر من التهميش، يطال فئات أخرى من المجتمع بعضها يعد بعشرات الآلاف وبعضها الآخر يقتصر ربما على مئات الأفراد، لكنه لا يحظى في كلا الحالتين بالرعاية أو الاعتراف الرسمي أو حتى الواقعي، لا بل تنحاز السلطات، القيم السائدة في المجتمع، ضد فئات معينة منه. ولئن كان التهميش ينطوي على أشكال من عدم المساواة أو الرعاية، فإنه في حالة نمط ثالث من التهميش، يتعلق بالأحزاب السياسية، لا يشكو من عدم الاعتراف الرسمي به، لكنه يعاني من الإصرار الرسمي على إبقائه على الهامش. التهميش أحد إفرازات تطور المجتمع، لذلك يأخذ أبعاداً متعددة من طبيعة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية. فالتهميش الاقتصادي يشمل الفئات الفقيرة والأقل رعاية في المجتمع. والتهميش السياسي يستهدف فئات مهنية محرومة من حق التنظيم كالمعلمين، أو الأحزاب السياسية. وهناك تهميش اجتماعي، يمتد من المعوقين، والغجر «النور»، إلى أقليات مذهبية ودينية مثل الشيعة والبهائيين والإنجيليين، وجماعات المثليين وغيرها. وحتى المجال الثقافي والإبداعي، له مهمشونه في الفن والموسيقى والأدب. ويخرج من بين العاملين في هذه الحقول رواد لا يتقبل المجتمع إنتاجهم بسهولة ويسر، إلا عندما يصبحون مشهورين. تنمية وتطوير الاقتصاد والتعليم يحتاج بكل تأكيد إلى موارد، إلى جانب انتهاج سياسات صائبة ترمي إلى توزيع عادل لثمار التنمية والتقدم. لكن ماذا بشأن الجماعات المهمشة اجتماعياً؟ التكلفة الوحيدة المطلوبة هي الإقرار بأن الحرية كل لا يتجزأ. كيف يرضى مواطن أن يتمسك بحقه في الكرامة والحرية، ويدعو إلى حرمان آخرين منها، وكيف ترضى الدولة أن تمارس فئة من رعاياها حرياتها في المعتقد والممارسة وتنظيم الشؤون الدينية أو الحياتية، وتحرم فئات أخرى؟ يتمتع الأردن بنسيج اجتماعي يتسم بالتنوع الكبير في مكوناته، لكن ما ينبغي إدراكه أن التنوع الاجتماعي والديني والثقافي لا يتحول إلى تعددية تثري حياة المجتمع إلا إذا كان هناك قبول واعتراف بالآخر، وعندما لا نصفق للسلوكات الإقصائية والعنصرية. |
|
|||||||||||||