العدد 10 - محلي | ||||||||||||||
فجّرت تصريحات وزير التربية والتعليم إبراهيم بدران، حول هندام المعلم، الواردة ضمن حديث مطوّل عن واقع التعليم وسبل تطويره، وعن الدعوات لإحياء نقابة المعلمين، ردود فعل غاضبة من المعلمين، وصلت حدَّ المطالبة بتقديم استقالته، غير مكتفين بالاعتذار الذي قدمه بدران عن تصريحاته التي أكد أنه أسيء فهمها. بدران كان استغربَ في حديثه لصحيفة العرب اليوم، 14 آذار/ مارس 2010، إهمال المعلمين لمظهرهم الذي يشكّل عنوان كل شخص، داعياً إياهم إلى «حلاقة ذقونهم» و«الاهتمام بملابسهم»، بدلاً من التذمر والمطالبة بإنشاء النقابة. بدران اعترف بتراجع المكانة الاجتماعية للمعلم، مبيناً أن المعلم نفسه أسهم في هذا التراجع من خلال تجاوزه المحددات التي تضبط العملية التعليمية في الغرف الصفية، وأضاف أن «مدونة سلوك المعلم ليست أداة لقمع المعلم بقدر ما هي وسيلة للمحافظة عليه وإعادة الهيبة له، بخاصة بعد أن تجاوز معلمون أعراف التعليم المتبعة». ونفى بدران وجود أي مؤامرة تُحاك ضد المعلم. تصريحات الوزير التي جاءت في وقت يشعر المعلم فيه بـ«امتهان كرامته وازدراء المجتمع له» بحسب عضو اللجنة التحضيرية لإعادة إحياء نقابة المعلمين عبد الغفور القرعان، رفعت من وتيرة غضب المعلمين في أرجاء البلاد. حالة الغضب عبّر عنها المعلمون من خلال إضراب جزئي عن العمل في 16 آذار/مارس، شمل ستة ألوية بمحافظة إربد، وجميع الألوية في محافظة الكرك، وامتد ليشمل معان التي تجمهر فيها مئات المعلمين والطلبة أمام مديرية التربية والتعليم. المضربون طالبوا الوزير بالاعتذار عن التصريحات «المهينة»، وهو المطلب نفسه الذي تضمنه بيان اللجنة التحضيرية الصادر في 15 آذار/مارس، الذي رفض توجه المعلمين نحو التصعيد، لكن المضربين اختاروا التصعيد مطالبين بإقالة الوزير، وليس اعتذاره فقط. تصعيد المضربين قوبل بتلويح وزارة التربية والتعليم بإجراءات عقابية لكل من أسهم في «تعطيل» العملية الدراسية، حيث طلبت الوزارة من مديريات التربية في اليوم الثاني للإضراب تزويدها بأسماء المعلمين المشاركين في تعليق الدوام. وخلال الإضرابات، عبّر المعلمون بطرق مختلفة عن امتعاضهم من تصريحات الوزير، وصلت في بعض الأحيان إلى حدّ الدعابة والتندّر. ففي مدارس الكرك، قام عدد من المعلمين بحلق رؤوسهم وتقليم أظافرهم أمام الطلبة كنوع من الاحتجاج. وبحسب معلم شارك في إضرابات الكرك، فضّل عدم الكشف عن اسمه خشية تعرّضه إلى عقوبة إدارية، فإن الوزير حوّل المعلمين إلى «نكتة»، مضيفاً لـے أن الطلبة بدأوا يطلقون نكتاً على المعلمين من وحي تصريحات الوزير، مثل «ماكينة حلاقة لكل معلم»، و«مالها البالة». بدران، لم يتأخر، أمام انتشار حمى الإضراب، في تقديم اعتذاره للمعلمين، مؤكداً أن ما ورد من تصريحات نُشرت في وسائل الإعلام على لسانه كانت «محرّفة»، وأن حديثه كان في سياق «المعلم القدوة»، ولكن الصحفي وليد شنيكات من العرب اليوم الذي نقل تصريحات الوزير نفى لـے أي تحريف لكلام الوزير وقال إنه أوردها في تقريره كما أدلى بها. وصرّح الوزير لوكالة الأنباء الأردنية، بترا، 16 آذار/مارس، أن «الوزارة تبذل أقصى جهودها لتحسين أوضاع المعلمين والارتقاء بظروف معيشتهم، انطلاقاً من دورهم الأساسي في العملية التعليمية وفي بناء الأجيال وتربية النشء»، وأضاف «هم يتمتعون بأقصى درجة من الاحترام والتقدير، لمكانتهم ولرسالتهم الوطنية والإنسانية النبيلة». تصريحات بدران حول المعلم القدوة، تتقاطع مع ما يذهب إليه الأكاديمي والخبير التربوي حسني عايش، الذي يؤكد «ضرورة أن يكون المعلم قدوة لطلبته في سلوكه وهندامه، وليس فقط في معرفته وعلمه». عايش قال لـے، إن للهندام «أثراً تربوياً مهماً في العملية التعليمية»، مضيفاً: «لا يتعلم الأطفال من كلام المعلم فقط، بل يتعلمون من خلال لبسه وسلوكه الذي يؤثر فيهم». توجيهات بدران التي جاءت علنية حول هندام المعلم، لا تختلف في جوهرها عن تلك التي تتلقّاها المدارس تاريخياً في كُتب رسمية، إذ تواصل مديريات التربية والتعليم التعميم على المدارس، داعية إلى ضرورة المحافظة على الهندام والظهور بمظهر حسن أمام التلاميذ، بحسب معلمة طلبت عدم نشر اسمها. عايش يرفض الرقابة على هندام المعلم، ويشير إلى أن التعميم الوارد من مديريات التربية حول الهندام «غير ملزم وغير مقرون بعقوبة تأديبية في حال مخالفته»، داعياً إلى الرقابة الذاتية للمعلم على هندامه. كما يرفض تذرع المعلمين بسوء الأوضاع الاقتصادية نتيجة تدني رواتبهم كسبب لإهمال هندامهم، في وقت يطالب فيه الوزارةَ بتحسين أوضاعهم المعيشية، فـ«الترتيب وتهذيب الشكل لا يتعارض مع سوء الأوضاع المالية». اعتذار الوزير لم يكن كافياً ليوقف المعلمون إضرابهم، رغم قبول اللجنة التحضيرية للاعتذار في لحظة صدوره ودعوتها المعلمين إلى وقف الإضرابات حفاظاً على العملية التربوية، وكي لا يتم استغلال الإضرابات لإجهاض جهود اللجنة في مطالبتها بإعادة إحياء النقابة، ويستمر السجال. |
|
|||||||||||||