العدد 10 - قارئ/كاتب
 

عاطفة الأمومة من أقدس العواطف وأعقدها، ليس على المستوى البشري فحسب، وإنما يشمل تعقيد تفسيرها المجتمعات الحيوانية على اختلافها.

فما الذي يجعل القطة، وهي من المخلوقات غير العاقلة، عدوانيةً إذا ما اقترب أحد من صغارها؟ وما الذي يجعل من الظبي وحشاً مفترساً في مواجهة الأسد من أجل حماية أبنائه؟ يعجز العلم عن تفسير كل ذلك.

وفي إطار الإنسانية، لن أتحدث عن سهر الأم الليالي الطوال في رعاية أبنائها، ولا عن قلقها اللامتناهي عليهم، ولا عن التضحيات التي تبذلها من أجل أبنائها مهما بلغت أعمارهم. سأتحدث عن ما هو أعمق من ذلك، وما كنت لن أدركه لو لم أصبح أمّاً، وهو قدرة الأم على الغفران لأبنائها، وتبرير الإساءة لأبعد الحدود، وما تخلقه من مبررات لتقصيرهم أو لإساءة معاملتهم ، فلن تجد في قلبها، مهما وصلت درجة الغضب، ذرةَ حقد واحدة، بل تراها في حوار مع نفسها، وفي صراع لتجد منفذاً واحداً تبرر به إساءتهم في التصرف ليبرد صدرها وترتاح.

يقولون إن المرأة ضعيفة أمام الحب، وأقول إن المرأة ضعيفة فقط أمام أبنائها، فمجرد أن تصبح المرأة أمّاً تتغير بكل ما فيها لتصبح إنساناً آخر، يعيش لا من أجل نفسه، بل من أجل غيره، يفني عمره في إسعاد ابنه، وترتبط كل دقة من دقات قلبها بدقات قلبه، فكأنما حياتها تتوقف إذا مرضَ، وتبدو أتعس المخلوقات إذا حزنَ، وتَظهر مالكةً للدنيا بما فيها إذا فرحَ أو حقق نجاحاً في حياته. ما أرقاها من علاقة! وما أروع تكوين الأم!

علاقة لا يمكن تفسيرها
 
01-Apr-2010
 
العدد 10