العدد 9 - ... ودقّة على المسمار | ||||||||||||||
يموت رجال السياسة والفكر ونحن في أمسّ الحاجة إلى وجودهم، وكلما مات واحد منهم سارع كثيرون إلى القول: لقد مات ونحن في أمسّ الحاجة إليه. الذين يقولون ذلك لا يكونون في العادة من أهل بيت المرحوم، وهو ما يضفي قدراً من الموضوعية على قولهم، لكن المؤسف أن أحداً لا ينبّه قبل رحيل المرحوم إلى تلك الحاجة الماسّة لبقائه حياً، مما قد يمكّن المحيطين من الاستفادة من الأيام الأخيرة للمرحوم على الأقل من أجل أن تكون الحاجة إلى بقائه عادية وليست ماسّة. هي مجاملة غير موجهة لأحد على وجه التحديد، فالميت نفسه لا يعلم عنها شيئاً، ولو علم بها لأصابه الغيظ لأنه لم يسمعها حياً. إنهم لا يقولونها له حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أيديهم وكأنهم يخشون لو قالوها له أن يبقى حياً، لذلك تراهم ينتظرون حتى يتأكدوا من موته فيشرعون بالادعاء أنهم في أمسّ الحاجة إليه. |
|
|||||||||||||