العدد 9 - نبض البلد | ||||||||||||||
يضم معرض «كولاج من الألوان والثقافة» الذي تحتضنه دار بدر الدجى (جبل عمان، الدوار الثاني) مجموعة من التصاميم الحديثة المستوحاة من روح التراث العربي القديم، والتي تفيد من مستحدثات العصر من خامات وأدوات وتقنيات، في الوقت نفسه. الكولاج هو السمة الأبرز في القطع الفنية ذات القيمة الوظيفية والجمالية في آن، وفيها وظّفت المصممة والفنانة مي خوري قِطَعَ الأثواب المطرزة لإنتاج لوحات جدارية، وغرابيل قديمة شكلت مساندَ للمقاعد، ورفوفاً اعتلتها منحوتات رملية، ولوحات تشتمل على تطريزات لأثواب عتيقة، مع مراعاة تمازج الألوان بصرياً. في المعرض الذي افتُتح في التاسع من كانون أول/ ديسمبر 2009، وما زالت أبوابه مفتوحة، تحولت تشكيلات من قطع خشبية إلى طاولات متعددة الاستخدامات، فيما صار العقد الفضي القديم شمعداناً، أو قاعدة يمكن استخدامها كآنية لتقديم الضيافة، وصارت الأباريق المعدنية القديمة أقداماً لأريكة، والخواتم الأفغانية الكبيرة قطعاً تزيّن شمعدانات ولمبات إنارة صغيرة، فيما غدت مصفاة قديمة ثريّا معلّقة في السقف. كل منمنمة في التصميم الواحد شُغلت بدقة ووُظفت ضمن سياقات تستفيد من القيم الجمالية للقطع والثراء الفني الموجود فيها، الذي يتمازج مع حداثة التصميم العصري في الشكل والملمس واللون، وهو ما من شأنه الحفاظ على التراث من الاندثار، وفي الوقت نفسه دراسته وتحليله واستيحائه. تقول خوري لـ ے: «هناك عاطفة كبيرة بيني وبين كل قطعة أنجزها، لإيماني برسالتي المتمثلة في الحفاظ على تراثنا وتأكيد هويتنا». تقوم تصميمات خوري على فكرة أن الطابع الشرقي يتمثل، لا في تقليد الماضي أو نقله كما هو أو تبسيط عناصره، وإنما في الاختزال الفني لخصائصه وإعادة الاشتغال على مفرداته تفكيكاً وتركيباً بما يلبي حاجات إنسان العصر الحياتية والروحية. البساطة والجمال والأصالة سماتٌ تجذب العين منذ تخطي العتبة الأولى للدار. ثمة قطع انطوت على لمسات بسيطة موحية من خلال تطعيمها بمفردات تراثية من قطع السجاد والمفارش والأقمشة وأدوات الإنارة والمشكاوات والشمعدانات وقطع الأثاث الخشبية من الكراسي والصناديق والصوفات، والأحجار الكريمة، واستخدام الخطوط العربية السواء في التطريزات من ملابس وأثواب أو في جداريات خزفية وفسيفسائية. تقول خوري التي تركز في تصميمها على خلط العناصر وتركيبها: «تستهويني الميديا المختلطة بشكل كبير، وأرى فيها سماء بلا حدود»، وتتحدث حول المنجم الذي تستمد منه إلهامها: «كثيراً ما شغفتُ باقتناء الأشياء التراثية القديمة، ومع الزمن صار لدي مجموعة واسعة من الأقمشة والأثواب والمطرزات الفلكلورية، والسجاد وحلي الفضة وقطع الأثاث والمفروشات والإكسسوارات المنزلية. من هنا بدأتُ أفكر في إعادة إحياء هذا الموروث بروح جديدة، فكان أن دمجت في تصميم القطعة الواحدة عدداً من الأيقونات التراثية مما توافر في مجموعتي الخاصة». هذا الخليط من التقنيات والمواد، دفعَ خوري للعمل مع عددٍ من الحرْفيين المهرَة كلٌّ في مجاله، حيث إنجاز القطعة الواحدة يتطلّب مرورها بين يدَي مجموعة من الحرْفيين. كانت دار بدر الدجى افتُتحت برعاية الأميرة منى الحسين العام 1999، بهدف تطوير التصاميم المنبثقة من التراث الأردني وتنويعها، عبر صياغات جديدة مميزة ورؤيا جمالية وتثقيفية حديثة. في العام 2002 حازت الدار من منظمة اليونسكو، الجائزة الثانية في العالم العربي لأحسن ابتكار وتصميم لمنتوج حرْفي. |
|
|||||||||||||