العدد 9 - نبض البلد
 

فورَ إطلالتها على الخشبة، خطفت مغنية السوبرانو الأميركية نيكول تايلور Nicole Taylor عيون جمهورها وقلوبهم، بفستانها الأبيض وابتسامتها السمراء الدافئة، كاشفةً خلال الحفل الذي حضره جمهور كبير، وحظي بتغطية إعلامية محلية وعربية وأجنبية واسعة، عن صوت عميق ومدرَّب بطبقاتٍ متعددة.

الحفل الذي أقيم على مسرح مركز الحسين الثقافي، 2 شباط/ فبراير 2010، احتفى بالحياة، رغم ما بدا من أجواء المعاناة التي صبغت كلمات الأغاني وإيقاعاتها. فقد بدأته تايلور بأغانٍ تستقي موسيقاها ومضامينها من الروحانية الإفريقية التي سادت في الولايات المتحدة أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، كردّ فعل على المعاناة الاجتماعية التي عاشها الأفارقة الأميركيون.

وتروي الأغاني «قصص المعاناة والمقاومة والإلهام الديني التي عاشها الأفارقة خلال محاولتهم الاندماج في المجتمع الأميركي متنوع الثقافات»، بحسب ما قالت الفنانة خلال مؤتمر صحفي عُقد قبيل الحفل في السفارة الأميركية، مشيرةً إلى أن الأغاني الروحانية الإفريقية متنوعة، وأن تلك التي ظهرت في أميركا خلال العشرينيات من القرن الماضي اتسمت بطابعها الخاص وموسيقاها المميزة بألحانها وإيقاعاتها. وهي أغنيات لم تنشأ في الأصل لتقدَّم على خشبة المسرح، بل تشكّلت في إطار الاجتماعات السرية التي انخرط فيها الأفارقة الأميركيون، دفاعاً عن هويتهم في ظل محاولات البيض منعهم التحدث بلغات البلاد التي قدِموا منها، أو استخدام آلاتهم الموسيقية الخاصة من مثل الإكسيليفون التي تسمّى ماريمبا، والترومبيت والطبول بأنواعها.

تايلور التي زارت الأردن للمرة الأولى، نقلت معاناة الأفارقة الأميركيين في ذلك الحين، وتوقهم للحرية الذي جسّدته موسيقاهم ومقطوعاتهم التي كثيراً ما ترنّموا بها وهم يعملون عبيداً لبناء أميركا.

بصوتها الأوبرالي الرقيق ذي الطبقات العالية المنساب عذوبة، وبمصاحبة بيانو دانييل إرنست Daniel Ernst، حلّقت تايلور بجمهورها الذي تواصلَ معها، فبدا أن لا حدود أو فواصل بين الأزمنة والأمكنة، وواصلت بأداء حركي وتعبيري ممسرَح، سردَ معاناة بني جنسها، داعيةً إلى المحبة والتسامح وسيادة قِيَم الإنسانية.

ختمت تايلور الأمسية التي جاءت ضمن احتفالات السفارة الأميركية بتاريخ الأميركيين من أصل إفريقي التي خُصص لها شهر شباط/ فبراير، بثلاث أغان عربية، رافقها فيها قانون رلى جرادات وإيقاع شادي خريس، وهو ما شكّلَ مفاجأة جميلة للجمهور الذي أخذ يردد معها: «طلعت يا ما حلى نورها»، و«لما بدا يتثنى»، و«ع الروزنا»، وكشف في الوقت نفسه عن الجهد الذي بذلته المغنية للتدرّب على تلك الأغاني العربية صعبة المفردات ومركّبة الألحان، وتأديتها بأسلوبها الخاص أمام جمهور ناطق في معظمه بالعربية.

كانت تايلور خلال المؤتمر الصحفي، قالت إنها أحبّت الموسيقى العربية رغم اختلاف الشكل بينها وبين الموسيقى الإفريقية – الأميركية، وأضافت: «عندما أستمع للموسيقى العربية أشعر كأنني في وطني».

نيكول تايلور في عمّان: صوت مدرَّب ينهل من المعاناة
 
01-Mar-2010
 
العدد 9