العدد 9 - الملف
 

صدر في 15 كانون الأول/ديسمبر 2009 بيان صحفي عن المكتب الإعلامي في مديرية الأمن العام حول سرقة محل مجوهرات في الطفيلة. البيان «البروتوكولي» نقلته جميع وسائل الإعلام؛ وكالة الأنباء الأردنية بترا، صحف ومواقع إلكترونية مع الالتزام بالصيغة الواردة من المكتب الإعلامي.

البيان تضمن تفاصيل دقيقة للجريمة: «نفّذ لصوص في مدينة الطفيلة إلى محل لبيع المجوهرات من فجوة أحدثوها في جدار محل لبيع أجهزة خلوية مجاور، وسرقوا ذهباً بحوالي نصف مليون دينار». وأضاف البيان: «انتقل المختبر الجنائي من عمان لفحص المكان، ليعثر على بصمات الفاعل والتي التقطت في الموقع، ما جعل عملية الوصول إلى الجاني أكثر يسراً».

البيان عن ارتكاب الجريمة، لم يتبع ببيان إلقاء القبض على مرتكبيها، والذين دلت التحقيقات على أنهم من مرتبات الأمن، بحسب صحفي متخصص في شؤون الأمن، طلب عدم نشر اسمه.

قضية سرقة مجوهرات الطفيلة، تشير إلى أن لدى الأمن العام ما قد يخفيه عن الإعلام، في وقت يقول المكتب الإعلامي في الأمن إنه يتبع سياسة الانفتاح والشفافية في التعامل مع وسائل الإعلام.

بهدف تحقيق التفاعل الإيجابي بين الأمن والإعلام، كانت مديرية الأمن العام، أسست المكتب الإعلامي في 15 آذار/مارس 2005، ليكون حلقة وصل بين المديرية والمؤسسات الإعلامية.

ووفق المكتب الإعلامي، فإن «من حق المجتمع معرفة ما يدور من أخبار ومعلومات عن أي حدث أمني أو جرمي، بما يساعد الإعلام على القيام بتوعية المواطن»، لكن الصحفي المتخصص في الشأن الأمني في صحيفة الغد موفق كمال، يؤكد أن «البيانات الصادرة عن الأمن العام لا تقدم الحقيقة كاملة». ويذكر لـے أن العديد من القضايا الأمنية لا تظهر للرأي العام لأسباب مختلفة.

الأسباب، كما يراها، تُراوح بين مراعاة النواحي الإنسانية في تعامل الأمن مع الملف الإعلامي بهدف منع التشهير أو الإساءة وتحطيم النفسية للشخص المتهم أو أفراد أسرته، ما يدفع الأمن إلى إخفاء بعض الحقائق.

إضافة للبعد الإنساني، يقول موفق كمال «يتعمد الأمن إخفاء معلومات تتعلق بتفاصيل ارتكاب بعض الجرائم بهدف منع تعلم الجريمة خاصه في القضايا الجرمية المستحدثة».

ورغم الأسباب التي يسوقها، يدافع الصحفي عن حق الحصول على المعلومة، مع ضرورة التحلي بالمسؤولية.

كمثال على المسؤولية، عدم قيامه بنشر تفاصيل قضية تهريب مخدرات حدثت مطلع العام 2009. وبحسب كمال، فإن حجبه المعلومات كان من منطلق المصلحة العامة وبتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات، حيث كانت الإدارة تعمل على خطة للقبض على «العقل المدبر» للجريمة، الذي كان ما زال في دولة مجاورة.

تأجيل النشر أتاح لإدارة المخدرات استدراج «العقل المدبر» للعملية والقبض عليه، ما يؤكد أن «التأجيل المؤقت» قد وقع بغرض تحقيق المصلحة العامة.

حجب المعلومات بدافع استكمال التحقيق، يؤكده النقيب عامر السرطاوي من المكتب الإعلامي للأمن العام، بقوله «نشر المعلومات قبل استكمال التحقيق قد يؤدي إلى حماية الجاني وتمكينه من أخذ الحيطة والحذر»، لكنه يعود للتأكيد أن جميع المعلومات تصبح متاحة للإعلام في حال استكمال القضية.

ورغم تغليبه المصلحة العامة، يرفض كمال أن يصبح قرار الصحفي مرتهناً لإجراءات الأمن العام، الأمر الذي قد يحدث في حال استمر الصحفي بتغطية القطاع الأمني لفترة زمنية طويلة تؤدي إلى خلق علاقات صداقة مميزة بداخله، مؤكداً على دور الصحافة في الرقابة أيضاً على جهاز الأمن.

وفي سياق ما ذهب إليه كمال، يصف الصحفي عبد الله الشوبكي المختص في الشأن الأمني بصحيفة السبيل، الأمن العام بـ«الحقيبة السيادية»، قائلاً إن المكتب الإعلامي في الأمن لا يستطيع أن يدلي بتصريحات تتجاوز الحدود المسموحة له.

وتختلف حدود المسوح به للمكتب الإعلامي باختلاف طبيعة الموضوع، ففي حين يلقى الصحفي تجاوباً كبيراً في الحوادث اليومية كحوادث السرقة، المشاجرات والقتل، يجد تعتيماً من قبل الإعلام الأمني على قضايا الحملات على البؤر الساخنة، يضيف الشوبكي، ويقول إنه حاول الحصول على معلومات حول هذه الحملات، لكن محاولاته اصطدمت بأبواب مغلقة من جانب الأمن، رغم أن ذلك تم عبر مخاطبات رسمية.

الإعلام الأمني: ليس كلّ ما يحدث يُقال
 
01-Mar-2010
 
العدد 9