العدد 9 - الملف
 

لم تعد التأكيدات الأمنية الاعتيادية أن «الأردن دولة ممر وليس دولة مقر» في مجال المخدرات ذات جدوى، حتى وإن فرضت الجغرافيا على الأردن أن يبقى ممراً لتهريب المخدرات إلى دول الجوار.

استمرار تمسك الأمن العام ودائرة مكافحة المخدرات في نفي أن يكون الأردن قد أصبح «دولة مقر»، يرمى في أحد جوانبه إلى التهوين من حجم المشكلة في المملكة، لكن هذا من شأنه أن يختصر مشكلة المخدرات في كونها قضية أمنية وليس قضية مجتمعية، يتحمل المسؤولية عنها المجتمع بأسره وليس فقط الدوائر الأمنية المعنية.

في ندوة متخصصة، نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالتعاون مع مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، ومركز الدراسات الأمنية في مديرية الأمن العام، وعقدت في البحر الميت، يوم 23 كانون الثاني/يناير 2010، وفّر مدير الأمن العام مازن القاضي خلال محاضرة ألقاها بعنوان «العنف الاجتماعي في ظل سيادة القانون» جملة مؤشرات على قدر من الأهمية على حالة الاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها.

أرقام الأمن العام تشير إلى أن مشكلة المخدرات تكبر يوماً بعد يوم وتطال بالتالي أعداداً أكثر من الشباب والمراهقين، ما فرض على الأمن العام أن يطور في الوقت نفسه وسائل الوقاية ووسائل المعالجة والمكافحة في آن.

المتورطون في قضايا المخدرات ارتفع عددهم العام 2009، مقارنة مع العام 2007 بنسبة 42 في المئة، من 3707 إلى 6381 شخصاً، 88 في المئة منهم أردنيون، والبقية من جنسيات أخرى.

وتشتمل قضايا المخدرات بحسب أرقام العام 2009 على 661 قضية اتجار، و2899 قضية حيازة وتعاطي، و81 قضية غير محددة.

الاستدلال على حجم تنامي ظاهرة المخدرات، ما زال يقتصر على القضايا التي يتم ضبطها، لأن حجم الظاهرة الفعلي على الأرض، لا يوجد مؤشرات أو تقديرات رسمية متاحة حولها، وإن كانت المشاهدات المباشرة التي يتناقلها الناس تؤكد نمو الظاهرة ولا تنفيه.

وبحسب معلومات سابقة حصلت عليها ے، فإن البؤر الساخنة التي يتم فيها التعاطي والاتجار بالمخدرات بحسب إدارة مكافحة المخدرات، هي «اللبن والشونة الجنوبية وسحاب والرمثا والقرى الواقعة على الشريط الحدودي بين الأردن وسورية».

وفي ما يخص زراعة المخدرات في الأردن، فإن أول قضية سجلت في محكمة أمن الدولة على خلفية زراعة أشتال ونباتات منتجه لمواد مخدرة، كانت في آذار/مارس 1989 بحسب ما أكده مدير إدارة المكافحة السابق طايل المجالي لـے العام 2009.

المجالي كان يحاجج باستمرار بأنه لا توجد ظاهرة زراعة المخدرات «الحشيش والقنب وغيرها» لأن تصنيع المخدرات يحتاج إلى مختبرات كيميائية غير موجودة في الأردن، حسب تأكيده، مضيفاً أن الأماكن المزروعة بأشتال المخدرات، لا تتجاوز عدداً من «القوارير» يزرع فيها متعاطون أشتالاً من الحشيش بغرض الاستهلاك الشخصي. بهذا لا بد أن يكون وضع اليد على حمولة «ديانا» في الشونة الجنوبية كانت مستنبتة في بيت بلاستيكي، بحسب وزير الداخلية نايف القاضي، قد أثار قلق إدارة مكافحة المخدرات من «مغامرة» البعض باتجاه زراعة المخدرات بقصد الاتجار بها.

غير أن ما لا يمكن زراعته، يمكن الحصول عليه من خلال عمليات التهريب واسعة النطاق التي تستهدف دول الجوار. فالأردن بالنظر إلى خصوصية موقعه الإقليمي، لن يتوقف عن أن يستمر ممراً لتهريب المخدرات. ولعل أحدث عملية تهريب أحبطتها إدارة مكافحة المخدرات بالتعاون مع القوات المسلحة، تحدث عنها بيان للمكتب الإعلامي في مديرية الأمن العام، وُزّع يوم 20 شباط/فبراير 2010، مشيراً إلى أن كمية المضبوطات في هذه العملية التي وصفت بالنوعية، بلغت 92 كغم من الحشيش المخدر و49 ألف حبة من حبوب الكبتاغون المخدر و23 كغم من الهيروين المخدر.

حركة مرور المخدرات إلى الأردن «تأتي من لبنان وسورية وتركيا ومدينة البصرة العراقية»، لتبقى أفغانستان هي المصدر الأساسي لتجارة المخدرات الدولية والإقليمية، بحسب ما جاء في مقال حول الأردن والمخدرات (العدد 73 من أسبوعية ے).

وللوقاية من المخدرات، فإن الأمن العام يواصل برامجه التعبوية للمواطنين. وتشير إحصاءات الأمن العام إلى أنه نفّذ سلسلة ندوات ومحاضرات توجيهية وتوعوية، بلغ عددها 1220 محاضرة، و63 ورشة عمل، إضافة إلى 78 زيارة لمراكز الإدمان لتثقيف المدمنين.

وكما أن التوعية المجتمعية ضد مخاطر المخدرات، تعكس إدراكاً بتنامي ظاهرة التعاطي والاتجار بالمخدرات، فإن فتح مراكز لعلاج المدمنين يعكس هو الآخر النتيجة نفسها. فمنذ العام 1994، فتحت مديرية الأمن العام مركزين لعلاج المدمنين، أحدهما للذكور في اللويبدة، والآخر للإناث في شفا بدران.

وتؤكد إدارة مكافحة المخدرات أن مركز علاج وتوقيف المدمنين في جبل اللويبدة عالج منذ إنشائه أكثر من 2300 مدمن، بينهم 43 شخصاً من جنسيات غير أردنية. وكان المركز قد استقبل في عامه الأول 85 حالة، فيما استقبل 247 حالة العام 2008، و79 حالة خلال الربع الأول من العام 2009.

تعاطي المخدرات والاتجار بها: الأردن مقرّ وممرّ
 
01-Mar-2010
 
العدد 9