العدد 9 - الملف
 

«السامك» قرية صغيرة تقع على بعد 25 كم إلى الجنوب من العاصمة عمّان، ويبلغ عدد سكانها 2982 نسمة حسب دائرة الإحصاءات العامة.

تشهد منطقة السامك التي تتبع إدارياً للواء ناعور ضمن محافظة العاصمة طوقاً أمنياً منذ بداية الحملة الأمنية الأخيرة التي ترمي إلى القبض على مطلوبين وفارّين من وجه العدالة.

دوريات الأمن العام والدرك الأربع في مداخل السامك ومخارجها والتي توقف السيارات الداخلة إليها والخارجة منها، توحي للوهلة الأولى بوجود أمر جلل، لا بل تبعث الرهبة في النفس. ومع ذلك، يقدّم بعض الأهالي الشاي للدوريات القريبة منهم، حسب ما أفاد أبو أمجد، من سكان المنطقة، والذي قال لنا أيضاً إنه رأى أحد السائقين يتبادل الصحف مع الدورية.

ے قامت بجولة في المنطقة للوقوف على أوضاع القرية والناس في أجواء الحملة الأمنية التي لم يتسن الحصول على بيانات رسمية بخصوصها في المنطقة، والتقينا العديد من الأهالي.

أبو أمجد، 67 عاماً، ذكر أنّ «الناس مش راضية عما يجري»، ويقصد بذلك الطوق الأمني، فهناك عدد قليل من أرباب السوابق لا يتعدى أصابع اليد الواحدة يقومون بعمليات نصب على باحثين عن ذهب من خارج المنطقة، مستفيدين من السمعة بوجود الذهب في السامك، حيث يستدرجونهم، ويحتالون عليهم، وقد «أُلقي القبض على هؤلاء المحتالين جميعاً».

ويضيف أبو أمجد أنّ ما هو موجود في المنطقة لا يستدعي وجود قوات أمن بهذا الشكل، رغم وجود سيارات «منتهية الترخيص»، وسلاح في أيدي مواطنين على سبيل الاقتناء كسلاح شخصي فقط، لأن هذا يظلم المنطقة، و«يلصق بالأهالي سمعة سيئة»، وأضاف أنّ المنطقة أكثر هدوءاً من غيرها من مناطق العاصمة التي تخضع لمراقبة الأمن العام، مؤكداً أنه «لا وجود للبلطجة في السامك».

أمين، أحد شبان القرية، 26 عاماً، عاطل عن العمل، يستخدم مركبته الخاصة لتوصيل طلبة المدارس من المنطقة وإليها مقابل أجرة، تحدث لنا عن حادث إطلاق نار على أفراد الأمن العام في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2009، موضحاً «أنه بقدوم الشرطة لإلقاء القبض على أحد المطلوبين، قام أشقاؤه بإطلاق النار عليهم في محاولة لتأمين الحماية لأخيهم»، مؤكداً أنه خلافاً لما بدا لقوة الأمن العام، فإن أهل المنطقة لا علاقة لهم بإطلاق النار.

أم أشرف، 75 عاماً، وهي ليست من أبناء المنطقة، لكنها تسكن السامك منذ زمن بعيد. وترى أن السامك مثل أية منطقة أخرى في المملكة، يحدث فيها خلافات ومشاجرات بين الناس، وقد يستخدمون السلاح أحياناً، مثلما أنّ إطلاق الأعيرة النارية، يتم بكثرة في الأفراح، وبشكل عشوائي، حتى إن آثاره واضحة على بعض الجدران، مؤكدة أن أهلها وذويها الذين يقومون بزيارتها لا يتعرضون إلى أي مضايقات.

سيدة أخرى تعيش في المنطقة منذ ثلاث سنوات، رفضت الكشف عن اسمها، أفادت بأن المنطقة ليست خطرة أبداً، وأن كل ما يقال عنها «تهويل إعلامي»، مدلّلة على ذلك بوجود فريق ے هناك وعدم تعرضه للأذى.

وتضيف السيدة: «أغلب أهالي القرية أقارب، وهناك أُلْفة بينهم»، نافية وجود أي مظاهر للعنف بين السكان، مؤكدة: «في أيام الصيف نتمشّى في أنحاء القرية حتى وقت متأخر من الليل دون خوف»، لكنها تستدرك بأنّ حياة القرية لا تخلو من مظاهر سلبية مثل «سرقة محتويات بعض السيارات»، أو الإزعاج الذي يقوم به مستخدمو السيارات من صغار السن، لافتة إلى أنّ والدها يزورها بين حين وآخر ولم يسبق له أن تعرض لمكروه طوال هذه الفترة.

ويرى الشاب أمين من جهته أنّ كلّ ما يقال عن المنطقة غير دقيق. أما بالنسبة للوجود الأمني في المنطقة، فإنه يعدّه أمراً عادياً، «لأنهم يقومون بواجبهم لا أكثر»، مؤكداً أنه تم القبض على المطلوبين والفارين، وأنه لا وجود لقطاع طرق في المنطقة. ويضيف أنّ ما يقال عن المنطقة أضرّ بها، إذ انخفضت أسعار الأراضي فيها من 80 ألف دينار للدونم الواحد إلى أقل من النصف، الأمر الذي «جمّد حركة بيع وشراء الأراضي في السامك».

غير أنّ «أبو أمجد» يختلف معه في الرأي حول انخفاض أسعار الأراضي، إذ عزا ذلك إلى انخفاض أسعارها «في كل المناطق تقريباً بسبب الأزمة الاقتصادية»، وليس لأسباب تتعلق بأمن المنطقة، مؤكداً انّ الحياة فيها تسير كما عهدها دون تغير، لافتاً إلى أنه فوجئ بما سمعه عن المنطقة من «زعرنة وتجارة ممنوعات».

أحد المحال التجارية الموجودة على مداخل القرية، تديره سيدة آثرت عدم ذكر اسمها، أكدت أنّ المنطقة، رغم بعض التشويش والمشكلات فيها، «تتمتع بهدوء لا مثيل له»، وأضافت أن علاقة طيبة تربطها مع سكان القرية، واصفة إياهم بأنهم «كِرام وبسطاء»، لكنها تستدرك أنّ الأمر لا يخلو من حدوث بعض النزاعات التي غالباً ما يطغى عليها الطابع العشائري، مثلما يحدث في بقية مناطق البلاد.

مشيرة إلى أنها افتتحت المحل وتعمل فيه منذ عامين وحدها. وتضيف السيدة، وهي ليست من أبناء المنطقة ولا تسكن فيها، أنه لم يسبق لها أن تعرضت إلى أذى طوال هذه الفترة.

السامك: أرباب سوابق يشوّهون صورتها
 
01-Mar-2010
 
العدد 9